Thursday, December 27, 2012

تقرير موجز عن فعاليات المؤتمر الدولي الأول لعصور ما قبل التاريخ في الوطن العربي

تمت الدعوة إلي هذا المؤتمر عبر المواقع الالكترونية المهتمة بالآثار ومن ثم تنظيم مواقع الاتصال باللجنة وهي عبارة عن مبادرة ظهرت لأول مرة من قبل أساتذة جامعة القاهرة كلية الآثار وقد عمموا هذه الفكرة وتم تدويلها لمدة شهور ونظم من قبل الجامعة في مقرها.

بدأت فعاليات المؤتمر في يوم السبت الموافق 15 ديسمبر 2012م بمقر البحوث والدراسات – جامعة القاهرة وكانت الجلسة الافتتاحية بها كلمة السيد مدير الجامعة وترحيبه بالأستاذة الأشقاء العرب وكذلك عميد كلية الآثار ورئيس قسم آثار ما قبل التاريخ ورئيس المؤتمر ولجنة المؤتمر ومن ثم كانت هناك لفتة بارعة من لجنة المؤتمر حيث قاموا بتكريم عدد من الأساتذة العرب الأجلاء الذين أفنوا عمرهم في تطوير علم الآثار في الوطن العربي وكان في مقدمتهم البروفيسور الراحل السوداني أسامة عبد الرحمن النور وعدد من الأساتذة من دولة مصر والمغرب والعراق.


شاركت في هذا المؤتمر حوالي أربعين ورقة علمية محكمة من أقطار الوطن العربي باللغتين العربية والانجليزية في شتى مجالات علم آثار ما قبل التاريخ وكانت مشاركة السودانيين بثلاث أوراق علمية ورقة للبروفيسور يوسف مختار الأمين/ جامعة الملك سعود بعنوان تدريس ما قبل التاريخ في الوطن العربي أشكالية المفهوم والمصطلح.

 وورقة للأستاذ محمد الفاتح حياتي/ جامعة الخرطوم بعنوان انتشار ثقافة العصر الحجري الوسيط شمال النيل الأزرق.

وشاركت بورقة بعنوان التماثل والتباين في مقابر العصر الحجري الحديث ومحتوياتها في السودان حالة دراسة موقع قلعة شنان.
كانت الورقة في اليوم الثاني من المؤتمر في الجلسة الصباحية ومن حسن الحظ كان الحضور كبيراً وجماً متوافداً فتحدثت الورقة عن طبيعة القبر في فترة العصر الحجري الحديث في العالم مع شرح لمفهوم العصر الحجري الحديث وشرح مفصل لأنواع مقابر العصر الحجري الحديث في السودان وتاريخ اكتشافها وذلك من خلال البحث حول محتويات القبر كقضية وتقصي جذور هذه القضية بفرضيات علمية والتوصل إلي نتائجها من خلال حفريات جامعة شندي في موقع قلعة شنان.

حيث تم تفصيل مقابر العصر الحجري الحديث في السودان إلي أنواع حسب العمر والنوع والأثاث الجنائزي ومنها تم التوصل إلي سمات عامة لطبيعة القبر ومحتوياته في فترة العصر الحجري الحديث والممارسات الجنائزية  وتم الاستعانة في الشرح والتوضيح بنتائج حريات تدريب طلابنا في موقع قلعة شنان واسقاط السمات المشتركة فيما بينها وبني بقية مواقع العصر الحجري الحديث في السودان لتوضيح رؤية كاملة عن مفهوم مقابر العصر الحجري الحديث في السودان ، كما تمت مقارنة نتائج الدراسة بما خرجت به بعض الدراسات في الوطن العربي ومنا تم التوصل إلي أن السودان انفرد ببعض السمات الثقافية منذ ما قبل التاريخ ولا سيما وأن مستوطنات منطقة شندي في تلك الفترة كان لها طابع محلي انفردت به عن بقية مواقع الفترة في السودان وألقت الورقة بصورة غير مباشرة الضوء على تطورات علم آثار ما قبل التاريخ في السودان وعلى وجه الدقة في جامعة شندي ونظامها في تأهيل طلاب قسم الآثار والمتاحف.

 هذا وقد وجدت هذه الدراسة قبولاً واسعاً بين وسط علماء ما قبل التاريخ في الوطن العربي وحظيت بمناقشة واسعة استقرت زمناً طويلاً حيث عقب عليها عميد كلية الآثار جامعة القاهرة ورئيس المؤتمر والبروفيسور يوسف الأمين وبعض الأساتذة وأشادوا بمنهجها وأسلوبها وأنها ناقشت قضية جدلية في حوجة إليها وشكروا جامعة شندي ومدرسة علم الآثار في السودان وأوصوا بالمواصلة في هذه الحفريات وهذا المنهج مع تطوير آليات الحفر الآثاري والاستعانة بالمعامل الحديثة في هذا المجال.
استمر المحفل العلمي لأربعة أيام في تقديم الأوراق العلمية ومناقشتها ومن ثم تخللت برنامج المؤتمر زيارات علمية استقرقت يومين كانت الرحلة الأولى لمواقع ما قبل التاريخ في منطقة الفيوم الصحراء الغربية ومواقع الواحات والبحيرات القديمة لزيارة بعض الحفريات التي كشفت عن بقايا عظمية لحيتان وأسماك وتماسيح يبلغ عمرها 40 مليون سنة مع زيارة لمواقع الفيوم التي تعود للعصر الحجري الحديث وكان اليوم السادس زيارة للمواقع الأثرية في منطقة القاهرة من الجيزة والمعابد اليهودية والكنائس والقلاع الاسلامية والمساجد ونظمت مائدة مستديرة حول مستقبل علم آثار ما قبل التاريخ وخرجت بالعديد من التوصيات المثمرة:
الجزء الأول من تلك التوصيات يتعلق باتفاقية التراث العالمي لحفظ وصيانة آثار ما قبل التاريخ في الوطن العربي حيث نصت على أهمية السعى لإدراج مواقع ما قبل التاريخ والحضارات المبكرة ذات القيمة العالمية الاستثنائية على القائمة التمهيدية والعمل على إعداد ملفات الترشيح لإدراجها على قائمة التراث العالمى، والتأكيد على التنسيق والتعاون بين الدول العربية والعمل على إدراج مواقع ما قبل التاريخ ذات القيمة الاستثنائية الممتدة بين الدول العربية على القائمة التمهيدية بشكل مشترك ومن ثم رفعها لمنطقة اليونسكو.
الجزء الثاني من تلك التوصيات يتعلق بالبحث والتنسيق بين الدول العربية فى مجال حماية مواقع ما قبل التاريخ وفجر الحضارات فى المنطقة العربية ، حيث نصت على أهمية تشجيع الجامعات والمعاهد المتخصصة فى الوطن العربى على التركيز على وضع برامج للدارسين فى فترات ما قبل التاريخ وفجر الحضارات ، وضرورة الاهتمام بتدريس عصور ما قبل التاريخ فى كليات الآثار كمادة أساسية منفصلة عن مواد الآثار على مدار الأربعة أعوام مع العمل على وجود قسم مستقل بآثار ما قبل التاريخ في جامعة أو كلية في الوطن العربي تدرس الآثار ، والذى يعد أحد أهم فروع علم الآثار ، الذي لا يزال يخفى الكثير من أسراره حتى الآن ، وهذا الأمر يتطلب تشجيع الطلاب على التخصص فى دراسة ما قبل التاريخ ، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالإدارة العامة لآثار ما قبل التاريخ التابعة لوزارة الآثار والعمل على جعلها إدارة مركزية لآثار ما قبل التاريخ يتبعها إدارات فرعية فى المحافظات أو الولايات ، مع الترحيب بتشجيع الاتفاقيات بين أقسام الآثار فى الجامعات العربية والبعثات الأثرية للمشاركة فى العمل الأثرى التابع لوزارات الآثار في الوطن العربي ، وتم التوصية بمقترح إصدار مجلة متخصصة لها صفة العالمية تنشر أبحاث عصور ما قبل التاريخ.
البحث عن إيجاد آلية خاصة لتوحيد المصطلحات العلمية المتعلقة بحقل آثار ما قبل التاريخ ومسمياتها المختلفة ، مع إيجاد الوسائل المجدية لجذب الكوادر الوطنية وحثهم على التخصص فى ميدان عصور ما قبل التاريخ وفجر الحضارات لكى تصبح قيادات المستقبل فى هذا المجال في الوطن العربي ، مع مواصلة العمل لمناشدة قطاعات التربية فى الوطن العربى لإدراج برامج توعية بآثار ما قبل التاريخ لمناهج التعليم المختلفة ، مع السعى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع المؤتمر على خريطة المؤتمرات الدولية وإعطائه الشرعية برعاية جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو ، إلى جانب العمل على توثيق فكرة هذا المؤتمر وفعالياته باعتباره أول مؤتمر من نوعه يبحث فى عصور ما قبل التاريخ بمختلف بلدان الوطن العربى.
أكدت لجنة المؤتمر في الجلسة الختامية على أهمية جميع التوصيات التي خرجت بها المائدة المستديرة ، والتى جاء على رأسها ضرورة إنشاء وحدة ذات طابع خاص تحت مسمى "مركز دراسات عصور ما قبل التاريخ فى العالم العربى تهدف إلى إذكاء روح البحث العلمى فى مجال علم ما قبل التاريخ ، كما تسهم الوحدة فى التعريف بمفهوم عصور ما قبل التاريخ وتعمل على إصدار موسوعة معجمية للمصطلحات العلمية للمسميات المرتبطة بعلم ما قبل التاريخ ، إضافة إلى تنشيط حركة التأليف والترجمة المرتبطتان بهذا العلم وشتى مجالاته لمواكبة تطور العلوم والمعارف ، إلى جانب التواصل بين الدارسين والباحثين والمتخصصين فى دراسات عصور ما قبل التاريخ فى الوطن العربى أولا والعالم ثانياً ، والعمل على تشكيل بعثات علمية عربية مشتركة للحفر والتنقيب عن مواقع آثار ما قبل التاريخ وتشكيل لجنة علمية لها من كافة أقطار العالم العربى العمل ، والتأكيد على التعاون بين مختلف الوزارات والهيئات فى الوطن العربى للعمل على توفير ميزانية كافية لعمل تلك البعثات الحفرية ، كما تتولى هذه الوحدة تنظيم المعارض الأثرية المشتركة والمؤقتة حول عصور ما قبل التاريخ بمختلف أقطار العالم العربى والاتصال بالقنوات الداعمة للتبادل العلمى فى مجالات البحوث ومختلف المراكز والمؤسسات العلمية العربية والعالمية المعنية بهذا المجال.
كذلك إعداد برنامج مشترك بين الجامعات العربية لتدريس مقررات خاصة لعصور ما قبل التاريخ فى مرحلة الدراسات العليا ومرحلة البكالويوس ، وتشكيل مجلس إدارة للمؤتمر للعمل على استمرارية انعقاده وتطوير فعالياته العمل على توثيق فكرة هذا المؤتمر وفعالياته باعتباره أول مؤتمر يبحث فى عصور ما قبل التاريخ فى الوطن العربى ، مع الإشهار المدروس إعلاميا على شبكة المعلومات الدولية ، وأن يكون المقرر الرئيسى للمؤتمر فى جامعة القاهرة تقديراً ، لأنها المبادرة لعقد مؤتمر متخصص فى دراسات عصور ما قبل التاريخ وتشكيل مجلس إدارة من كلية الآثار – جامعة القاهرة لمتابعة مستقبل المؤتمر وتطوير فعالياته.
ومن التوصيات السعى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع المؤتمر على خريطة المؤتمرات الدولية وإعطائه الشرعية برعاية جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو على أن يعقد المؤتمر دورياً ، ويدعى لانعقاده كل سنتين مرة فى بادئ الأمر ، وإذا ما رأى القائمون عليه أن يعقد كل ثلاث سنوات مرة فلا مانع من ذلك.
كما يجوز إقامة المؤتمر فى أى بلد عربى شقيق راغب فى انعقاده مع تكوين لجنة وطنية للإشراف عليه بالتنسيق مع مجلس الإدارة بدولة المقر، وتنظيم المعارض الأثرية المشتركة والمؤقتة حول عصور ما قبل التاريخ فى العالم العربى. والاهتمام بتدريس عصور ما قبل التاريخ فى كليات الآثار كمادة أساسية منفصلة عن مواد الآثار وعلى مدار الأربعة أعوام مع العمل على وجود قسم آثار ما قبل التاريخ مستقل. والاهتمام بالإدارة العامة لآثار ما قبل التاريخ الموجودة بوزارة الدولة لشئون الآثار والعمل على جعلها إدارة مركزية لآثار ما قبل التاريخ يتبعها إدارات فرعية فى المحافظات، والعمل بالتعاون مع وزارات وهيئات ومديريات الآثار فى الوطن العربى على توفير ميزانية كافية لعمل حفائر فى مناطق ما قبل التاريخ، وإعادة النظر فى مصطلح ما قبل التاريخ والعمل على توحيد المصطلحات العلمية الخاصة بعصور ما قبل التاريخ وإصدار مجلة متخصصة ، ومحكمة ، ولها صفة العالمية فى نشر أبحاث عصور ما قبل التاريخ.
إعداد برنامج مشترك بين الجامعات العربية لتدريس مقررات خاصة لعصور ما قبل التاريخ فى مرحلة الدراسات العليا ومرحلة البكالوريوس ، وتشجيع الاتفاقيات بين كليات أو أقسام الآثار فى الجامعات العربية والبعثات الأثرية للمشاركة فى العمل الأثرى التابعة لوزارة الآثار ، تشجيع الطلاب على التخصص فى دراسة ما قبل التاريخ. وتشكيل مجلس إدارة للمؤتمر للعمل على استمرارية انعقاده وتطوير فعالياته برئاسة الدكتور محمد حمزة عميد كلية الآثار جامعة القاهرة والعمل بكل ما يمكن على جعل هذه التوصيات على أرض الواقع وتنفيذها على الفور حتى تجد آثار ما قبل التاريخ الضوء في الوطن العربي.
----- وفي الجلسة الختامية قدمت بعض الجوائز للأساتذة  وكان نصيبي جائزة أفضل بحث في البحوث المقدمة بالمؤتمر ولسؤ الحظ لم أكن حضوراً لترتيبات تخص السفر وتكفلوا الأخوة في لجنة المؤتمر بإرسال الدرع والشهادة قريباً بإذن الله....... 

هكذا كانت فعاليات هذا المؤتمر نقطة تحول في دراستي لآثار ما قبل التاريخ وبوابة جديدة للدخول بهذا العلم في الوطن العربي ومتحفة بمعرفة هذا العالم ذو التاريخ الضارب في القدم وآمل أن توسع مداركنا في هذا المجال وتفتح لنا آفاقاً أرحب في دراسته. وقد جمعتني بمستويات رفيعة في مجال علم آثار ما قبل التاريخ وزادت أفق معرفتي بالعالم العربي وما يكتنزة من موروث ثقافي.

Monday, December 3, 2012

روابط وملخص عن حياة انسان ما قبل التاريخ --- لطلاب الفصل الأول

أولاً يجب البحث عن حياة انسان ما قبل التاريخ عبر الروابط التالية:-
الروابط الثلاثة بها مواضيع هامة عن العصور الحجرية وحياة الانسان فيها.

ومن ثم الاستعانة بالملخص أدناه في تعريف مفهوم العصور الحجرية ومفهوم الثقافة حسب كتابات الباحثين:

اعتمد دارسو العلوم الإنسانية بصفة عامة ودارسو علم الآثار بصفة خاصة على اتخاذ اصطلاحات تقابل التغير الثقافي زمنياً في تاريخ الإنسانية ودرجوا على تقسيم الحياة إلى عصور جيولوجيه، مناخية وعصور صناعات كما قسموا ظهور البشر على سطح الأرض إلي فترات ما قبل التاريخ والفترات التاريخية.
ما قبل التاريخية وهي الفترة التي عاش فيها الإنسان قبل أن يخترع الكتابة والفترات التاريخية هي مرحلة ظهور التدوين والتسجيل وتمثل فترات ما قبل التاريخ 44% من حياة الإنسان وان دراستها تمثل الجزء الأعظم في تاريخ الإنسانية والتي تدرس دون رجوع  إلي سجلات مكتوبة ويؤرخ  لها بواسطة وسائل علمية عن طريق الكربون المشع (14)  و أركونات البوتاسيوم  (الساعة الذرية ) .
يقدر ظهور الإنسان بحوالي (4-3 مليون سنة ) مضت ، ولكن سبق هذا الإنسان مخلوقات شبيهه بالبشر يعود تاريخها لحوالي (3_5 )مليون سنة وبعضها لأكثر من 26 مليون سنة. (أرجع مقرر الإنسان القديم).
تمثل فترة ما قبل التاريخ الجزء الأعظم من حياة الإنسان وقد ابتدع هذا المصطلح (Prehistory) تورنال أمين متحف ناربون عام 1833م وعممه دانيال دلسون عام 1851م في كتابه (أثار وحوليات ما قبل التاريخ في اسكتدلندا ) وهو يتكون من مقطعين (Pre) بمعنى قبل و(History) بمعنى التاريخ، وعليه درج الباحثون على تقسيم  العصور علي حسب الأنشطة البشرية إلى عصور حجريه، برونزية وحديدية، ذلك التقسيم الذي ذكره لوكريتيوس (Lucretuis) (96-55 ق م) في قصيدته (De  Rerum Nature ).
 إن فكره العصور الثلاث هذه كانت هي الأساس الذي بنى عليه العالم فيدل سايمونسين (Redel Simonseen) افتراضاته في تاريخ سكان اسكندنافيا في العقد الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي وقد تطور هذا التصنيف علي يد الدنماركي كريستيان طومسون (Thomson)  عندما نشر نظريته التي سميت بنظام العصور الثلاثة (Three Ages System) في العام 1836م كما طور جنزورسا (Jen Wor Soae)1821 -1885م تصنيف طومسون وأثبت صحة هذا التصنيف بأنه تصنيفاً تقنياً.
  أول من أستخدم مصطلح عصر حجري حديث (Neolithic) هو البريطاني جون لوبك ((John Lubbock1865 م عندما طرح ذلك في كتابه (أزمان ما قبل التاريخ) وقسمها إلي عصر حجري قديم (Paleolithic) وعصر حجري حديث (Neolithic) بعد أن لاحظ تبايناً واضحاً في تلك الأدوات التي ترجع إلى العصر الحجري بوجه عام ، وعقبه وستروب بتعديل آخر وهو إضافة عصر حجري وسيط (Mesolithic age) ليسد الفراق بين العصرين القديم والحديث ، وليستوعب تلك المخلفات الحضارية الاسكندنافيه التي أعقبت نهاية العصر الجليدي.
.   
وعلى هذا الاساس وضع الدارسون تسميات للثقافة البشرية المبكرة من خلال البقايا المادية التي استخدمها الإنسان القديم في حياته، فنجد أول هذه التقسيمات هي العصر الحجري القديم والذي اكتشف قبل 100 عام في انحاء متفرقة من العالم ودرجة القائمة على دراسته إلى وضع كرنولوجيا تسلسله الثقافي من خلال الصناعات الحجرية التي أعطوها أسماء بالمناطق التي وجدت فيها وتوقف تفسيمهم لها إلى مراحل داخل العصر الحجري القديم على حسب التطور الفني لشكل الأداة وطريقة الاستخدام ،وقد رافقت الأدوات الحجرية من هذا العصر أدوات من العظام والأخشاب وكنها لم تكن أكثر شيوعاً.

تاريخ ظهور الإنسان والصناعة الحجرية:
إن المحاولات العلمية لفهم الإنسان وتاريخه بدأت منذ ما قبل التاريخ عندما قام بعض فلاسفة اليونان في القرن السادس والخامس ق.م مثل الكسمندر ثم سقراط وأفلاطون وأرسطو بتفسير الوجود الإنساني واعتبروه جزءاً من عالم الطبيعة يتأثر بها وينطبق عليه قوانينها وتبعهم في ذلك فلاسفة العرب المسلمين مثل أخوان الصفا وابن رشد وابن خلدون وجاءت البداية الحقيقة للبحث الميداني عن أصول الإنسان مع عصر النهضة عن طريق الفرنسي لامارك عندما طرح النظرية القائلة بتطور الإنسان (Evolution) في بداية القرن التاسع عشر ومن ثم أبحاث الانجليزي داروين التي أعطت المسألة عمقاً أبعد،  وتشير أغلب دراسات العصر الحجري القديم إلي أن هناك ثلاث عوائل للأحفورات القديمة منها عائلة القردة الدنيا وعائلة القردة العليا الشبيه بالبشر وعائلة البشريات وعندما ازدادت الاكتشافات للأحفورات القديمة طرح سؤالاً حول ما اذا كان الاسترالوبيتكوس يمثل السلف القديم للإنسان أم النوع المنتصب القامة يعتبر أول البشريات التي انحدر منها الإنسان الحديث، وكيف عاشت تلك الرئيسيات الأولى وكيف تطورت، فبدأت الأبحاث الآثارية تعتمد على معايير علمية لتحديد الإنسان القديم فكان المعيار الأول هو السمات التشريحية والمعيار الثاني هي السمات الثقافية ، فاذا اعتمدنا معيار أن الإنسان منتصب القامة، فقد ظهر هذا النوع منذ خمسة ملايين سنة،  وأما اذا اعتمدنا حجم الدماغ الذي يصل 1000 سم مكعب فيعتبر الهومواركتوس هو الإنسان الأول، ولكن الأبحاث الأخيرة أصبحت تعتمد على المعايير الاجتماعية وصناعة الأدوات الحجرية واستمرارية استخدامها والأهداف التي صنعت من أجلها وتعتبر هي أهم المعايير لتحديد ظهور الإنسان إضافة إلي ظهور عادة السكن والتجمع والسلوك البشري، وقياساً على ظهور الآداة الحجرية فيعتبر ظهور الإنسان منذ 3– 2 مليون سنة مضت وتعتبر الرئيسيات التي عاشت قبل هذا التاريخ ليست بشراً، مع أنها شديدة الشبه بالإنسان.
ومن أهم الإنسانيات الأولى ما يلي:-
1- الاوسترالوبيتيكوس.
عثر على اقدم بقاياه على يد الطبيب الانجليزي "دارت "في تاونغ بجنوب إفريقيا وقد كانت جمجمة لطفل وكما عثر لاحقا على عدد من البقايا لهذا النوع في أماكن مختلفة من القارة الإفريقية كـ تنزانيا وإثيوبيا .وهو الذي قام بتصنيع الأدوات الحجرية الأولى.


2- الهوموهابيلس (Homo Habilis) الإنسان الماهر
قصير وحجم دماغه يتراوح بين 650 – 750 سم3 وقد عثر على بقاياه العظمية في طبقة جيولوجية أرخت إلى حوالي1,8 مليون سنة مضت .
ويحتمل انه كان يستخدم الأكواخ البسيطة وربما يكون قد استفاد من النار ولكن حتى الآن لم تكتشف أي بقايا له خارج القارة الإفريقية ونعرف القليل عن حياته الاجتماعية كما يعتبر اقتصاده أكثر غموضاً وقد قام بتصنيع الأدوات حيث وجدت منها أنواع الصناعات الألدوانية في خانق أولدفاي وحول بعض المواقع القديمة الإفريقية.


3- الهوموإركتوس ( Homo Erectus ) الإنسان المنتصب القامة
ظهر منذ حوالي مليون ونصف سنة وهو أكثر تطوراً من الهوموهابيلس وقد عثر لأول مرة على بقاياه في حوض نهر " السولو" بجاوة على يد الطبيب الهولندي " اوجين دوبرا " عام 1891م وقد أطلق عليه حينها إنسان جاوة (البيكانثروبيوس) " Pithecanthropus" ويعتقد أن هذا النوع خرج من القارة الإفريقية قبل حوالي مليون سنة ,واستطاع أن يصنع أسلحة وأدوات حجرية أكثر حدة وفعالية كالفؤوس الحجرية ذات الوجهين (Biface ) التي تنسب إلى الثقافة الأشولية ويعتقد انه عرف النار ولكنة لم يسيطر عليها ولربما عرف تقسيم العمل وفقاً للجنس والنوع وشكل المجتمع الأمومي الأول.


4- النياندرتال ( Neanderthal )
ظهر هذا النوع منذ حوالي100,000 سنة ق.م ويعتبر أكثر تطورا من سلفه سواء في شكله الفيزيائي أو في 
انجازاته وقد عثر على هياكله العظمية في وادي نياندر في ألمانيا وأخذ الاسم منها عام 1856 م على يد الباحث يان فوهلرت (J.Fuhlrortt)، ولكن إن بقايا هذا النوع  قد اكتشفت من قبل هذا في  جبل طارق إلا انه ينسب إلى وادي نياندر بألمانيا وعثر على بقايا له في كهف شانيدار بالعراقحيث كانت العظام  كان أكثر عددا من سابقيه وتشير بقاياه إلي أنه انتشر في أماكن مختلفة حتى أنه سكن أماكن باردة لم تكن مسكونة من قبل وانتشرت مواقعه شمالاً حتى سيبيريا وسكن في الملاجئ الصخرية والكهوف وطور الاستفادة من النار وسيطر عليها ووجدت مع بقاياها أسلحة حجرية جديدة فاستخدم "نواة " مشذبة بشكل جيد وصنع منها أنواع مختلفة من المكاشط الجانبية (Side Scrapers) والحراب ( Pointes ) والمخارز المختلفة والأدوات المركبة ذات المقابض 
الخشبية أو العظمية كما يعتقد العلماء أن إنسان النينادرتال هو اول من مارس المعتقدرات الدينية والشعائر الروحية حيث دفن موتاه و كان آكلاً للحوم البشر حيث  يأكل عضلات القوي ليصبح قوياً.

5- الهومو سيبين Homo Sapiens   الإنسان العاقل
ظهر هذا الإنسان قبل حوالي 40 – 35 ألف سنة ق.م وقد عثر على بقايا هذا الإنسان لأول مرة في موقع 
كرومانيون Cro -Magnon في فرنسا عام 1868 م ومن أهم صفاته انه كان طويل القامة 160 -170 سم 

وجمجمته مكتملة التدوير وجبهته عريضة ومستقيمة حجم دماغة يتراوح بين 1400 - 1500 سم مكعب وفكاه وأسنانه مثل الإنسان الحالي وقد بلغ هذا الإنسان مستوى اجتماعي واقتصادي متقدم تجسد في العديد من الابتكارات والأسلحة 
الحجرية والعظمية والفنون والمعتقدات وانتهاء بالاستقرار والزراعة والتدجين كما انه انتشر في جميع أرجاء العالم وكان أول إنسان يسكن القارة الأمريكية والاسترالية .

هناك نظريات هامة أحدها تتحدث عن أن الإنسان المعاصر نشأ في إفريقيا ومنها انتشر إلي بقية أنحاء العالم ويقترح الباحثين أن الانتشار كان عبر طريقين إما عبر البحر الأبيض المتوسط عن طريق مضيق جبل طارق أو إلي حد بعيد عبر نهر النيل للوصول إلي آسيا عبر شبه جزيرة سيناء، ولكن هنا تضارب زمني في توريخ ظهور الإنسان الحديث وأنه انتشر من إفريقيا الاستوائية إلي أوربا وآسيا في الفترة ما بين 100 – 40 ألف سنة مضت وهو التاريخ نفسه الذي ظهر فيه الإنسان الحديث بسماته التشريحية الحالية في جنوب غرب آسيا وهناك إشارات إلي أن هناك مجموعات بشرية كانت تجوب الصحراء متجه إلي وادي النيل وجنوب غرب آسيا اعتباراً من 100 ألف سنة مضت ولكن الأدلة الأثرية على ذلك قليلة ويرى بعض الباحثين أنه لم تكن هناك أراضي جافه تربط البحر الأبيض المتوسط بأوربا ؛؛؛؛؛؛؛  ويجب البحث عبر نهر النيل، وما زالت الأدلة القاطعة على ظهور الإنسان الحديث وانتشاره غامضة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.


تشير الدراسات الحديثة لجمجمة إنسان سنجة في السودان والتي نشرت مؤخرا إلى أن الإنسان ربما وصل السودان حوالي 133 الف سنة أو أكثر ، وان ما يقال حول تاريخ الأدوات الحجرية في عموم السودان لا تسنده سوى الأدلة التقابلية لنفس الأدوات في شرق إفريقيا).
اما عن موضوع ثقافة وحياة الانسان الأول فإن الفضل في تعريف كلمة في علم الاثار يرجع للآثارى البريطاني – الأسترالى الأصل جوردون تشايلد (Gordan childe)  الذي تناول ماهية الثقافة وكيفية نشؤها وانتشارها وإنها تعني كل ما خلفه الإنسان من أدوات استعان بها في التكيف مع البيئة وهذه الأدوات أو المعثورات(Artifacts)  تشمل الصناعات الحجرية والعظيمة وما خلفه الإنسان من منازل وغيرها ، وقد ذكر تشايلد تعريفه الأول لمفهوم الثقافة في كتابة(Man Makes him self1936)  و كتابه (What happened in histry 1942) وعلي الأخص في كتابة الأخير حيث لخص جايلد مفهومه للثقافة الإنسانية والتي وضع لبناتها في كتابة الأول ، يقول جايلد أن الثقافة هي تكرار اقتران مجموعة من الأدوات التي صنعها الإنسان من موقع أو عدة مواقع، بمعني أن التكيف بمختلف أنواعه يمكن تمييزه من خلال الأدوات المختلفة التي يستخدمها أفراد المجموعة بصوره عادية .
وقد عرفت الثقافة بأنها وحدة تجريدية تعني تجمعات متماثلة من المعثورات أو الأدوات التى عثر عليها في مواقع مختلفة معروفه بمدي زماني ومكاني وثيق.

واتخذ العلماء عدد من السمات تنحصر كلها في أن كل ما صنعه الإنسان القديم لغرض محدد هو نشاط ثقافي وتنتقل هذه السمات من جيل إلي آخر بمعني يتوارثها الإفراد وهذا يعني أيضاً أن الثقافة تتميز بالاستمرارية وقابلة للتغيير والتعديل وفق ما يطرأ على المجتمع من عوامل وظروف خاصة تميزه عن غيره من المجتمعات الأخري .
كما أن الثقافة تنتقل عن طريق الإكتساب والتعلم (المران) وقد أصبحت مناهج عند ادراك العلماء أن الإنسان قد تطور وتطورت حياته من البساطة إلي التعقيد وبالتالي كانت دراسة وتتبع ذلك التطور أمر واجب حتى يتسير لباحثي علم الآثار فهم السلوك البشري عبر مراحل النشؤ الثقافية .
إن تصنيف المادة الأثرية إلي مجموعات صعبة بالنسبة لمواد ما قبل التاريخ وذلك لأننا نادراً ما ندرك الأغراض التي صنعت من أجلها أدوات بعينها كما أن هنالك صعوبة في التمييز بين التنوع الناتج عن اختلاف الوظيفة، أو عن تقليد اسلوبي إضافة أن مجتمعاً معيناً قد ينشغل بأنماط حياة مميزة، في حالات على أسس فصلية ولربما في مناطق وبيئات منعزلة، ومن ثم قد تمثل المجموعات الأثرية المتباينة نشاطات مختلفة لمجموعة واحدة، ومن جانب ثاني لربما موضوعات معينة واساليب محددة للثقافة المادية بامكانها أن تؤدي وظيفة رمزية عبر ارتباطها بمجتمع معين أو جزء من المجتمع.


                          نشؤ الثقافة الإنسانية        
على الرغم من تباين تعاريف الثقافة لكن هناك اتفاق عام على الثقافة هي الوحدات الثقافية الإنسانية التي تمثل مجموعات محدودة بمخلفاتها المميزة، فهي المخلفات التي تنتج عن استخدام الإنسان في تلك الوحدة للأدوات والمعدات بغرض تأقلم المجموعات البشرية مع بيئتها (Adaptation) وقد اخذ الباحثين في المحاولات علي فهم ذلك التأقلم لتحديد كيفية نشوء الثقافة الإنسانية خلال مراحلها المبكرة ، ومن أهم العلماء البارزين في هذا المجال جوردون تشايلد الذي حاول أن يحدد مسالة نشوء وتطور الثقافة الإنسانية بمعالجته لبدايات الثقافة الإنسانية من خلال نظرية التطور التى وضع أصولها دارون(Darwin)  1859 م وذلك عبر الإنتخاب الطبيعي (Natural selection)   وقد شدد في هذا المجال علي أهمية علم الآثار في دراسة نشوء الثقافة الإنسانية ويرى أن التاريخ هو امتداد لما قبل التاريخ ، يؤكد علي أن الفترة التاريخية التي أعتمد فيها الإنسان علي الكتابة تمثل 1% من مجمل الفترة التي عاشها الإنسان علي وجه الأرض، لذا يظل علم الآثار هو الأداة  الرئيسية لتتبع نشوء الثقافات الإنسانية، وعلي الرغم من ذلك فإن تشايلد (chlilde)  لا يقلل من أهمية التاريخ في دراسة المراحل المتقدمة من الحضارات والثقافات الإنسانية وبمعني آخر فإن التاريخ هو امتداد لما قبل التاريخ.
ويقول تشايلد  (chlilde)أن تكاثر الأنواع البشرية نتج عن تطوير أدواته الأساسية كما استطاع التأقلم مع جميع البيئات بخلاف الحيوان الذي لا يستطيع التأقلم مع جميع البيئات ، ونتيجة لتطور أدوات الإنسان اليدوية استطاع أن يطور حواسه المختلفة التى ارتبطت بجهازه العصبي المعقد القادر علي مد الإنسان بالمقدرة علي الفعل ورد  الفعل وهو ( الدماغ ) الذي يختلف في المراحل الأولي للميلاد عن المراحل المتأخرة من العمر فالمولود البشري يولد بخواص معينة من بينها إن عظام الجمجمة تظل غير مترابطة مع بعضها البعض خلال السنتين الأولي ، وهذا يتيح للدماغ أن ينمو وأن المولود عند الحيوان لا يحتاج لوقت طويل كي يتعلم المهارات الأساسية التي يتمتع بها الحيوان والفرق أن المولود البشري يحتاج لعناية قد تمتد لسنتين كي يتمكن من القيام بجميع الأعباء التي يقوم بها الكبار ، ولذلك لابد للطفل أن ينمو ويترعرع  داخل أيطار اجتماعي ، ومقدرات الإنسان تكون في حالة نمو متواصلة ، مثلاً يستفيد الإنسان من الفشل والتجارب في تنمية مقدراته ، لذلك يمكن أن نقول إن إدوات الإنسان تجسيد للعلم ، بينما نجد أن مقدرات الحيوان ثابتة في فاصل معين ، كذلك هناك خلاف في هذه النقطة بين الإنسان والحيوان وهو إن المولود في المجتمعات الحيوانية لا يحتاج إلي تلقي المعرفة من الحيوانات الأخري بينما يحتاج المولود البشري لتلقي التدريب علي استخدام الأدوات وغيرها من المهارات ، وبهذا المعني ان المولود البشري يرث تقليداً اجتماعياً ناتج عن نشوء وحدة اجتماعية هي الأسرة ، هذه الأسرة تتكون من الوالدين والأطفال ولكن في اغلب المجتمعات البشرية لا تعيش الأسرة منفردة بل هناك مجموعة من الأسر تعيش مع بعضها البعض وفي هذا يقول جايلد إن الأدوات هي نتاج اجتماعي  وأن الإنسان حيوان اجتماعي ، ويناقش تشايلد الإسلوب الذى تتبعه هذه المجتمعات البشرية في نقل التقاليد الاجتماعية وما هي الأداة التي عن طريقها تنقل تلك التقاليد ، أحد الفوارق الأساسية بين البشر وغيرهم من المخلوقات ، إن البشر قد ابتدعوا وسيلة تجريده (Abstract) في نقل الإرث والخبرة الاجتماعية وهي اللغة ويطلق علي اللغة تعبير التجريد نسبة لأن اللغة تتكون من كلمات ترمز إلي أشياء ومعاني دون أن تكون هناك علاقة مباشرة بين الكلمات المعنية والأشياء  والمعاني التى ترمز إليها ، ولكن هل يمكن القول أن هذه الرموز الصوتية تختصر علي الأسرة البشرية لوحدها يقول جايلد أن الحيوانات تستخدم رموزاً صوتية كأدوات اتصال فيما بينها ولكن هذه الرموز التى تستخدمها الحيوانات محدودة للغاية وتفتقر إلي معني التجريد الذي نجده في لغات البشر، لأن اللغات التى يستخدمها البشر تحتوي وتختزل عدداً لا حصر له من المعاني والرموز، وهذه الخاصية ناتجة عن شيئين أولاً أن الأعضاء الخاصة باللغة مثل القصبة الهوائية وعضلات اللسان قادرة علي القيام بنطق  عدداً لا محدود من الأصوات ( المقدرة الجسمانية علي النطق ) وثانياً أن هناك حيزاً من الدماغ البشري يختص بتلقي هذه الإشارات الصوتية ومعرفة معانيها ومن ثم القيام بالتصرف وفقاً لما يقتضيه الظرف المعين ، ولذلك إن اللغة ليست هي فقط المقدرة علي الإتيان بأصوات محدده وإنما هي المقدرة علي ترجمة تلك الأصوات استناداً إلي ذلك الجزء من الدماغ البشري المختص بتلقي هذه الرموز وبهذا المعني فإن اللغة هي وعاء أساسي للثقافة البشرية وأن الكلمات في اللغة ليست لها علاقة مباشرة بالأشياء أو المعاني التى تشير إليها ، ولهذا السبب بالضبط يحتاج الطفل إلي فترة طويلة ليتعلم ما تشير إليه المفردات من أشياء ومعاني حيث  أن اللغة تساعد في تكوين التقاليد الاجتماعية بمعني أن الإنسان عكس الحيوان لا يلجأ إلي ردود الأفعال الطارئة عند حدوث الطوارئ وأن الإنسان لا يعتمد علي ردود الأفعال و إنما يعتمد علي تراكم الخبرة التي حملها الوعاء اللغوي وبمعني آخر إن الإنسان يكون عدداً من الأفكار المجابهة لمختلف الاحتمالات ، بدلاً من الاعتماد علي رد الفعل الطارئ .
ويتحدث الباحثون علي أن اللغة ليست فقط أداة لنقل الخبرات داخل المجتمع وبين المجتمعات و إنما هي أيضاً أداه للتفكير العقلاني(Reasoning)  وقد عرف تشايلد التفكير العقلاني بأنه المقدرة علي حل المعضلات دون اللجوء إلي عمليات جسمانية من محاولات و أخطاء وإعادة المحاولات وبذلك يعني بتكوين أخيله (Image)  واستخدامها يعني استخدام الرموز اللغوية لتكوين أفكار محدودة وهذه الأفكار هنا لا تعبر بالضرورة عن أشياء ملموسة يمكن لهذه الأفكار التعبير عن أشياء لا علاقة لها بالواقع الملموس عن طريق استخدام الوعاء اللغوي علي سبيل المثال يمكن للبشر تجميع عدد من الرموز والأخيلة والأفكار ولكن قد لا تعبر هذه الرموز عن أشياء حقيقية من واقع التجربة الإنسانية الملموسة فمثلاً يمكن للإنسان أن يكون في رأسه فكره عن حيوان برأسين ومن ضمن الأشياء غير الملموسة في الواقع المادي التفكير في مسائل تجريدية مثل ( الخلود – القدر والحرية ) هي من نتاج استخدام اللغة وهذه الآراء أفكار عن أشياء غير مادية بمعني آخر كما يقول (Childe) أن هذه الأشياء تشير إلي معاني روحية ، ومن هذا الفهم يخلص تشايلد إلي أن المجتمعات البشرية تحتاج إلي المناخ المادى والروحي (Material and spiritual environment)  .
اما عن تطور المجتمعات المبكرة:
نال موضوع تطور المجتمعات المبكرة اهتمام كثير من الآثاريين وعلماء الاجتماع وقد اهتم (مورجن ) في تصنيفه لمراحل التطور المختلفة للمجتمعات علي المعايير الاقتصادية في تسميته لتلك الحقب المختلفة من حقب التطور الإنساني، ولأن الإنسان في تلك الفترة المسماة بالعصر الحجري القديم كان يعيش حياة تشابه الحيوان المتوحش فيما يختص بإنتاج غذائه ، فقد أطلق مورجان علي تلك الحقبة (حقبة الوحشية) (Savagery)  واعتمدها جوردن تشايلد (Childe) لتكون مطابقة بالعصر الحجري القديم  وان التسمية ناتجة من اعتماد المعيار الاقتصادي الذي يميز فترة العصر الحجري القديم والذى انصب فيه اهتمام الإنسان علي تلبية حاجياته الآنية من الطعام ، واستمرت هذه الحقبة في الفترة من نهايات العصر الحجري القديم وحتي بدايات العصر الحجري الحديث (10ألف – 4 ألف سنة ق.م ) {العصر الحجري الوسيط – البيبايوليثيك} واذا اعتمدنا علي المعيار التقني فقط ، فإن تسميته هذا العصر تعد كافية، ولكن انتقال الإنسان لاستخدام تقنيات متقدمة نسبياً في العصر الحجري الحديث صاحبته نقلة في مجال التطور الاقتصادي ، وتتميز هذه النقلة خلال هذه الفترة بالانتقال من جمع الطعام إلي إنتاجه ، ربما أن إنتاج الطعام يمثل نقلة نوعية بالقياس الى جمعه فلا بد من ايجاد تفسير اقتصادي ، كما يرى تشايلد أن إنتاج الطعام جاء نتيجة لازدياد مضطرد في عدد السكان قياساً بفترة العصر الحجرى القديم وتبعاً لذلك كان لا بد من أيجاد طريقة أكثر ضماناً لتوفير الطعام بعدد متزايد من السكان ويتفق تشايلد مع موررجان في ان العصر الحجري الحديث يوافق الفترة التي وصفها مورجان (الهمجية أو البرية  (Barbarianism ولابد هنا أن نوضح أن اعتماد هذه التسميات (وحشية + بربرية) لا يعني التخلي عن التسميات التي يعتمدها الآثاريين (قديم – حديث) وإنما الفارق الوحيد لاستخدام هذه التعبيرات أنها ذات دلالات اقتصادية . 
وأن الفترة اللاحقة لفترة البربرية بدأت في وديان الأنهار الكبري في العالم (وداي النيل والرافدين ووادي السند) وهذه الفترة بدأت قبل حوالي (5000 سنة مضت) وواحدة من مميزاتها هي نمو القري الصغيرة علي ضفاف الانهار إلي نواة لمدن كبيرة بمعني آخر أن هذه الفترة شهدت ما يمكن أن نطلق عليه فترة الثورة الحضرية (Urban revolution) ومن المميزات الأخرى بجانب نمو القري إلي مدن ، حث الزراع علي إنتاج فائض من الغذاء وهذا أتي نتيجة لتطور سياسي شهدته بداية هذه الفترة وهو البدايات الأولي لنظام الدولة (مبدأ تقسيم العمل) وتقسيم العمل يعني أن جزءاً من السكان يقومون بنشاطات تبادلية مع منتجي الطعام من الحرف الأخرى، وقد سمي تشايلد هذه الفترة بفترة الحضارة (Civilization)  كما سماها مورجان حضارة ، هنا ليس المقصود منها الفهم الشائع لهذا التعبير وإنما الفهم القائم علي دلالات اقتصادية بأن المدن والحضر دلالة علي تقسيم العمل.
إذن إلي جانب التقسيمات الآثارية إلي عصور حجرية (قديم وسيط وحديث وعصر برونزي وعصر حديدي) نلاحظ تقسيم تشايلد إلي وحشية وبربرية والفترة الحضرية والحضارة أو المدينة . يري تشايلد أن واحد من المميزات هي ظهور الكتابة وأنها أمر ملازم لفترة الحضر أو الثورة الحضرية غير أن هذا الرأي الأخير ينطبق علي ما كان معروف في ذلك الوقت عن العالم القديم وأن الأبحاث الآثارية الاحقة أوضحت أن الكتابة ليست بالضرورة السمة الملازمة للمدنية أو الحضارة ولكن تشايلد قسم هذه الفترة (الحضارة) إلي جزءين : 
الفترة الأولي تمثل الألفي سنة الأولي ويقابلها عصر البرونز .
الفترة الثانية وهي التي تبدأ حوالي (1200 ق م) . وهي الفترة المعروفة بعصر الحديد . 
بمعني آخر فإن عصرين آثريين (برونز وحديد) يندرجان في تقسيم تشايلد تحت عنوان فترة الحضارة . يشمل عصر البرونز العصر النحاسي لأنه بدايته وهو فترة إنتقالية لاستخدام البرونز وتم مزج الفترة التي تسمي (الصفيح) . 
وهناك سمة اقتصادية تفرق ما بين عصر البرونز وعصر الحديد وهي تركيز الثروة في أيدي قلة من رجال الدين والدولة وقادة الجيوش خلال العصر البرونزي ولكن في عصر الحديد أصبح جزء كبير من فائض الإنتاج (الثروة) تستمتع به الطبقة الوسطي من سكان المجتمع ولم يكن مقصوراً على رجال الدين والدولة وقادة الجيوش كما كان سابقاً، وهناك فارق آخر بين عصري البرونز والحديد في أن عصر الحديد شهد بداية  النشاط التجاري الواسع وتبادل المنافع بين الوحدات السياسية المختلفة داخل المجتمع وبين المجتمعات المتعاصرة بينما كانت خلال عصر البرونز طفيفة وليست ذات تأثير واضح .