Sunday, May 25, 2014

تقرير علمي عن الموسم الثاني لمشروع منطقة السبلوقة 2014م

مقدمة:
عرف العمل الآثاري بأنه حلقات متصلة مكملة لبعضها البعض ويكمن نجاحها في التوثيق الجيد وترتيب أدوارها ، فيما عرف التنقيب الآثاري بأنه كتاب تضمحل صفحاته بمجرد الانتهاء من قرائتها ولذلك كانت مرحلتي التوثيق ثم النشر هما آخر مراحل النشاط الحقلي في الآثار وأهمها وبدونها يفقد العمل معناها ويزول بانتهاء فترة الحقل ، عليه رأينا في هذه المساحة نشر فعاليات الموسم الثاني لمشروع منطقة السبلوقة ، والذي جاءت أهدافه تبعاً لما خرج به الموسم الأول ومكملاً لبعض التساؤلات التي طرحتها نشاطات الموسم الأول وبعض الأعمال الحقلية المحيطة بالمنطقة ، مع اسقاط بعض الفرضيات والاستفهامات في محيط الحقل الآثاري في السودان بصورة عامة لوضع نتائج المشروع في الوعاء العام لهدف علم الآثار السامي في السودان على أمل أن يسد فراغاً ، إن لم يكن أفقاً ثقافياً أو فجوة زمنية فليكن فراغاً جغرافياً.   
قصدت نشاطات الموسم الثاني نفس المنطقة التي ارتادها فعاليات الموسم الأول من أجل التركيز في حيز جغرافي صغير لاتقانه وتدريب الطلاب عليه وهو الجزء الجنوبي من منطقة الامتياز العامة التي تنحصر بين نهر النيل وخط السكة حديد ومن الشمال والجنوب تحت احداثيات خطوط طول ودوائر عرض كالآتي:
 من الجنوب.        618ً   36َ    032ْE              303ً    07َ      16ْ     N
ومن الشمال         251ً   50َ    032ْE               009ً    28َ      16ْ     N
(خارطة رقم 1).
خارطة رقم (1) توضح منطقة العمل الميداني (نصر.2013).


علماً بأن الخطة العامة في المنطقة هي تغطية المنطقة بمسوحات شاملة تهدف إلي تسجيل وحصر وحماية المواقع الأثرية ووضع خارطة لها (خارطة زمنية – ثقافية – توزيعية) ومن ثم اختيار ما يناسب تدريب الطلاب لإجراء حفريات عليه وطرح اسئلة وفرضيات ومحاولة العمل على الإجابة عليها وإسقاطها على واقع نتائج العمل للخروج بفهم أشمل وأعمق عن البؤر الحضاري لمنطقة السبلوقة وعلاقتها بأقاليم السودان الأخرى وذلك بتقسيم المنطقة إلي قطاعات صغيرة ليسهل فهمها وتوزيع الآثار عليها ومن ثم توزيع العمل الميداني فيها.
بدأت نشاطات الموسم الثاني بعد الوقوف على مخرجات الموسم الأول ومن ثم طرح بعض القضايا التي تتوافق مع امكانية القسم والإعداد لها من معسكر وعربات ترحيل ومعدات حفر آثاري وأجهزة مساحة وتجهيز فريق العمل الآثاري والفترة الزمنية.
كان الهدف الأساسي من الموسم هو تدريب الطلاب مع اختبار بعض القضايا التي وضعت لها فرضيات وتساؤلات مسبقه في موقعي (رتيج الذي يعود للفترات المتأخرة من ما قبل التاريخ وموقع أم مراحيك الذي يحتوى على مقابر ركامية كبيرة الحجم) الخطة الأساسية للمشروع عامة هي تسجيل بطاقات تعريفية للمواقع الأثرية (بطاقات مسح آثاري) وبالتالي أعطاء كل المواقع الأثرية رمز حسب المشروع (SP) (Sabaloka Project) وبعدها رقم الموقع الأثري (أنظر البطاقة أدناه)


فريق البعثة: تكون فريق العمل الآثاري في مشروع السبلوقة للموسم الثاني من مجموعة من الأساتذة المشرفون على الرحلة العلمية الدكتور/ ابراهيم موسى والأستاذ/ عبد القادر الخزين –مشرفون على المشروع والأستاذ/ أحمد حامد نصر المدير الحقلي للحفريات والأدراي (رئيس قسم الآثار) والأستاذ/ صلاح حسن مطر مساعد تدريس متعاون والأستاذ/ عبد الله النور مساعد تدريس متعاون والأستاذة/ شاذلية حسن مساعد تدريس متعاون ومفتش العيئة العامة للآثار والمتاحف ، وبلغ عدد الطلاب 84 طالب وطالبة برفقة مشرفين من الجامعة ممثلين في الحرص الجامعي (خالد الحاج ورجاء الحاج وسواقين ومساعد طبي بصحبة 4 عربات كبيرة وعربية صغيرة.
استغرق العمل الميداني لهذا الموسم الفترة من 10/4 – 19/4/2014م.
اما معسكر البعثة فكان معسكر جامعة النيلين بمنطقة السبلوقة وتم تجهيز بالعثة بمعدات حفر آثاري كاملة لكل فريق العمل الآثاري مع معدات وأجهزة مساحة تمثلة في (Electronic Level – GPS - Compass – Total station). جهاز (GPS) لوضع خارطة المسح الآثاري في المنطقة بخطوط الخطوط ودوائر العرض مع أخذ النقاط الاسترشادية لبداية الحفر الآثاري وجهاز تحديد المستوى (Electronic Level) لتخطيط المخطط الشبكي مع قياس مستويات الحفر الآثاري طول مراحل الحفر الآثاري وجهاز (Total Station) لتخطيط وقياس أبعاد الحفرية والمخططات الشبكية في مراحل الحقل الآثاري مع توثيق شامل للملتقطات السطحية والأشكال الأثرية على الموقع الأثري بمحورين وحسب خطوط الطول ودوائر العرض والارتفاع من مستوى سطح البحر ورسم المخطط الشبكي على نظام الخريطة العالمي مع رسم خارطة طبوغرافية وخارطة كنتورية للمواقع الأثرية وحفظ النقاط الاسترشادية والمخطط الشبكي في الجهاز لأي موسم قادم أو عمل آثاري في المنطقة مستقبلاً وربط ذلك بأجهزة الحاسب الآلي ، وقد استعان القسم بكاميرا عالية الجودة من العلاقات العامة بجامعة النيلين.
ونشكر جامعة النيلين ممثلة في إدارة كلية الآداب وقسم الآثار في توفيق أوضاع هذا الموسم التي استقرت ثمانية أيام ، ونشكر الهيئة العامة للآثار والمتاحف على منحها لنا فرصة تدريب الطلاب في منطقة الامتياز (السبلوقة) وعلى تعاونها في ذلك ويمتد الشكر لأساتذتنا الأجلاء بالقسم بروفسور عبد القادر محمود والدكتور ابراهيم موسى والبروفسور خضر آدم عيسى والأستاذ/ عبد القادر الخزين الأستاذة رحاب شمبول ومساعدي التدريس صلاح حسن وعبد الله النور وشاذلية حسن على ارشاداتهم وتوصياتهم العلمية واللوجستية والشكر لطلاب الفرقة الرابعة على تحملهم المسئولية الكاملة لفريق عمل آثاري ويمتد شكرنا لسكان منطقة السبلوقة.

الموسم الثاني المنهج:
تضمنت المنهجية دراسة ما هو مكتوب عن المنطقة بصفة عامة والوقوف على آخر نشاطات العمل الآثاري فيها خصوصاً وأن المنطقة اجتاحتها العديد من المشاريع وذكرتها كتابات العديد من الآثاريين والتاريخين ، ومن ثم وضع خارطة زمنية لما مكتشف فيها وطرح أسئلة جديدة بمقارنتها باقاليم السودان الأثرية الأخرى وإسقاط فرضيات علمية على واقع المنطقة الجغرافي ، باعتبار أن العمل في منطقة السبلوقة كمشروع يتضمن داخله عدد من المشاريع الصغيرة. وتوفيق ذلك جله في تدريب وتأهيل طلاب الفرقة الرابعة على العمل الميداني الآثاري مع مراعاة الخطة الأساسية لقسم الآثار في المنطقة كمشروع بحثي. وبناء على ذلك ركز العمل على دراسة خطوات التنقيب الآثاري نظرياً ومن ثم تطبيقها خطوة – خطوة مع الوقوف على الظواهر الأثرية ومحاولة التدريب على توثيقها بالصور ورسمها بأبعادها الرئيسية والتمرن على استخدام الأجهزة المساعدة في التنقيب الآثاري ، وقسمت هذه المسئولية على الطلاب مع الاشراف عليهم مباشرة في الحقل – حيث بدأت الخطة باجراء استطلاع على المنطقة بصفة عامة بالاستعانة بالخريطة العامة وزيارة بعض المواقع المعروفة واجراء مسح آثاري في المنطقة ما بين قرية الشلال حتى قرية الرتيج على ضفة النيل الشرقية وتحديد ما فيها من مواقع أثرية واستغرقت اليوم الأول والثاني وبعد مناقشات واختبارات للمجاميع السطحية تم اختيار موقع الرتيج لاجراء الحفريات.
يقوم طلاب كل مجموعة بإدارة نظم الحفر داخل مربعهم مع تقسيمهم على مهام وفق ما هو متعارف عليه آثارياً بأعضاء فريق التنقيب الآثاري وهذه المسألة دورية كل يوم حتى يمر الطالب بكل مهام أعضاء البعثة – توكل مهام العضو الرئيسية على الطالب ويقوم بكل ما يلزم مهمته ويكون مسئول عنها ، من إدارة مربع الحفر وغربلة نفايات الحفر وفرز البقايا الأثرية في أكياس ووضع ورقة تعريفية في كل كيس تحدد التاريخ والموسم والموقع والمربع والطبقة ومدير المربع ، حيث يقوم مدير المربع بتوجيه بقية الطلاب مع الرجوع للمدير الحقلي ، وهو من يحدد منهجية الحفر داخل المربع وفق ما هو ظاهر من طبقات أفقية متباينة وطبقات رأسية وتسجيل ملاحظاته وملاحظات زملائه لمناقشتها يومياً في يوميات الحفار وعادة ما يتم توثيق الظواهر الأثرية في المربع بعد كل طبقة وهي مسؤولية مشتركة بين أعضاء مربع الحفر الآثاري (شكل رقم 1) وبعد انتهاء اليوم تجمع المادة الأثرية لكل مربع على حدى ليتم غسلها وتنظيفها ومن ثم تصنيفها في مساء اليوم نفسه – وذلك بفرز العظام على جانب ومحاولة تصويرها ومعرفة أنواع الحيوانات إن أمكن مع  تحديد المحروقة والمتحجرة ووضع كل على في أكياس منفصلة لحين دراستها بشكل تفصيلي. وكذلك الأدوات الحجرية والفخار مع جمع طبقات بكامل وحداتها لحين اجراء تحليلية حول مكوناتها مثل دراسة أنواع النباتات من خلال بذورها حيث تجرى عمليات غمر لبعض عينات التربة التي خرجت من مربعات الحفر لاختبار الرواسب ومكوناتها من حبوب نباتات وغيرها.
يتم مناقشة مكتشفات وملاحظات كل مربع يومياً في الفترة المسائية ما بين الطلاب والأساتذة مع طرح استفهامات حولها والأجابة على بعضها في حينها ووضع فرضيات لما سيكون في اليوم اللاحق.
 شكل رقم (1) يوضح طريقة توثيق الطلاب للظواهر الأثرية في مربع الحفر الآثاري يومياً

صممت بطاقات تصنيف للحفرية والسياق الآثاري لكل مربع تساعد في شرح التراكم الطبقي لمخلفات الموقع الأثري وطبيعة الاستيطان البشري وعليه والنشاطات التي حدثت في الموقع على مر الآفاق الزمنية (أنظر البطاقة أدناه).
صممت هذه البطاقات لتعيين الطلاب على توثيق طبقات الموقع ومحتوياتها ومكونات السياق الآثاري ومعرفة انتشار السياق الآثاري أفقياً في الموقع الأثري ورأسياً في عمق طبقات الموقع الأثري ، حيث يتم تصنيف كل سياق على مفرده وتبويب الفخار والأدوات الحجرية والمخلفات البيئية في بطاقات أخرى تعين على كتابة التقرير العلمي تتمحور تلك البطاقات في دراسة الفخار على معرفة متغيرات النوع والملمس والسمك والحريق والحجم مع الرسم الآثاري وكذلك الأدوات الحجرية يتم تبويبها وفق السمات التقنية والنوعية ووصف لحجم الأداة ووزنها ومواضع الطرق واتجاته على الأداة في سبيل شرح وظيفتها ، ونستعين بالأخوة في كلية النفط والمعادن على تصنيف المادة الخام للأدوات الحجرية وفي كلية العلوم لتصنيف البقايا البيئية مع أخذ عينات للتوريخ بطريقة علمية ، كل ذلك من أجل صياغة خلفية متكاملة ثقافية – اجتماعية – اقتصادية لفهم الموقع الأثري بصورة أشمل وأعمق.

منطقة السبلوقة (الجغرافيا والجيولوجيا):
قد قمنا بذكر هذه الدراسة في التقرير السابق ، وعليه هنا نستعرض بعض المعلومات الإضافية التي خرجت من نتائج الموسم الأول وبعض الدراسات التي قمنا بها حول ما هو في أدبيات الكتاب عن المنطقة. عرفت منطقة السبلوقة (Sabaloka) مبكراً من خلال مكوناتها الطبيعية خصوصاً الهضبة الصخرية التي تعتبر مخلفات لبركان خامل وهي مجمع ضخم لصخور الزمن الجيولوجي الرابع مع أحواض الخيران المائية، إذ تعتبر منطقة السبلوقة من مناطق وسط السودان جغرافياً، و تقع شمال الخرطوم على بعد 70 كلم وتمثل المنفذ الوحيد لمنطقة الخرطوم تجاه البطانة وتمثل تلك السهول والمنطقة الصخرية على ضفتي نهر النيل سلسلة من الوديات العميقة وذات الأرض المسطحة على جانبيها والموارد إذ أنها بقايا ورسوبيات لبركان خامل، وتنحصر بين دائرتي عرض  260ً 45َ 15ْ S و 280ً 30َ 16ْN ، وخطي طول 029ً 34َ 32ْ W و 15ً 16َ 33ْ E ، وتحد هذه المنطقة من ناحية الشمال قرى ولاية نهر النيل حول حجر العسل ومن الشرق الجبال المتراصفة والأودية الشرقية التي تنزل من البطانة الجنوبية الغربية متمثلة في وادي أب قيدوم وادي أب جداد ووادي العبيد (الوادي السعيد) وبعض الوديان الصغيرة التي تنحدر من المرتفعات الشرقية مقسمة المنطقة إلي قطاعات جغرافية صغيرة وترتكز على نهر النيل من الناحية الغربية ومن الجنوب تحدها الهضبة الصخرية شمال قري.(خارطة رقم 1).
       من أميز المظاهر السطحية وأهمها في المنطقة هي هضبة السبلوقة البركانية التي ترتفع حوالي 137 متر عن محيطها مع عدد من الجبال أشهرها جبل الملكيت والرويان وجبال الحمر في حجر العسل، وعدد من الأودية أهمها وادي أب قيدوم وأب جداد وديري ويتكون التركيب الجيولوجي للمنطقة من نوعان رئيسيان من الصخور وهي ما تعرف بالصخور القاعدية Basement Complex Rocks التي تضم الصخور النارية والمتحولة (metamorphic rock and igneous roch)، والصخور الرسوبية Sedimentary Rocks، مع وجود بعض الرسوبيات الحديثةSuperficaia deposites  (Whiteman 1971: 22). وتوجد بالمنطقة أهم أنواع الصخور منها حسب عمرها الزمني صخور النيست (Gniess) ، وصخور المجماتيت Migmatities Rocks ، الجرانيت القديم Older Granite، والجرانيت Granite وصخور ، والصخور البركانية (Volcanic rock) منها صخور البازلت (Basalt) ، صخور agglomerate ، الريولايت الأسفل Lower Rhyolites، والريولايت الأعلى Upper Ryolities، وصخور اجنمبرايت Ignimbrites Rocks بنوعيه الداكن والفاتح، وصخور باروكلاستك Pyroclastic الموجود على طول الهضبة البركانية الجبلية،  والجرانيت الدقيق Micro Granite، وصخور (Dawoud and Sadig 1988: 789).
       كما توجد بالمنطقة عدد من الرسوبيات من أهمها الحجر الرملي النوبي Nubian Sand Stone Formation، والحصى والحجر الطيني Mude Stone ، والكونجلومرات Conglomerate، وحجارة السلكا، Grits Stone والارجوان والتراكمات والرسوبيات النيلية Nile silt (Sadig and Almond 1974: 254) وتوجد داخل تلك الصخور كمية كبيرة من معدن السيلكا الذي يعتبر من أهم مكونات تلك الصخور (Whiteman 1971: 72).
       بعد التعرف على أماكن انتشار هذه الصخور ما بين هضبة السبلوقة وجبال (الدعول وأم مراحيك والجبيلات الحمر) يسهل فهم المنطقة جيولوجياً ، حيث تساعد هذه التكوينات الجيولوجية على فهم الموارد الطبيعية في المنطقة ومدى جاذبيتها للإنسان القديم ، كيفما تعين على دراسة وتصنيف الأدوات الحجرية ومعرفة ما هو مصنوع من المنطقة وما هو قادم من مناطق خرى.
كما كشفت الدراسات السابقة عن كم هائل من الرسوبيات الحديثة في المنطقة ، تنتشر في منطقة السهول والأحواض الفيضية حول وادي أب قيدوم ووادي أب جداد وعلى السهل الفيضي لنهر النيل، وتتكون من الغرين النيلي Nile Silt، والمراوح الطينية Alluvial Fans، والرمال الريحية Aeolian Sand وحصى التحلقLag Gravel  (Almond and Ahmed 1993: 5).
       كما أن المنطقة من ناحية الجغرافية والطبوغرافية تظهر في شكل سهل ممتد، وتتميز المنطقة بنظاف تصريف مياه هو النظام الشجري Dentritic Draing الذي يضم نظام تصريف مياه سريع ومنحدر وهي المجاري القادمة من المرتفعات مع نظاف تصريف سهلي وهي المجاري المائية القادمة من الهضاب الأقل ارتفاعاً وأهم هذه النظم التصريفية وادي ديري، والدهم وأب جداد وأب قيدوم مع بعض الخيران الصغيرة التي تتفرح وتغذي تلك الأودية مثل خور اللديات.

الدراسات الآثارية السابقة في منطقة السبلوقة:
قدم عن هذه الدراسات عرض سابق في التقرير الأول (نصر 2013م) فعرضها في هذه المساحة من أجل تحديد أماكن تركزها ونتائجها ، تشير معظم الأدبيات إلي أن المنطقة لم تقم فيها  أعمال بحثية بصورة مركزة مثل ما كان في اقاليم السودان الأوسط الأخرى ، وأول ذكر لها جاء من قبل الرحالة والكتاب في عهد مملكة الفونج حيث ذكرها الرحالة الفرنسي بونسيه (Poncet) وتحدث عن منطقة قري كما زارها الرحالة الألماني كرمب crump حيث عبر "قري" في 22 يونيو 1703م قادماً من سنار لعلاج المانجل ( شيخ قري) وكان معه شخص آخر يحمل رسالة من ملك سنار إلى شيخ العبدلاب ومكث فيها نحو ثلاثة أشهر ، وفي عام 1772م مر بالمنطقة الرحالة جيمس بروس وذكر أنه زار (قري) ووصفها بأنها قرية تتكون من نحو 140 منزلاً ، كذلك أيضاً زار المنطقة الرحالة الفرنسي لينان دي بلفون بعد التحاقه بحملة إسماعيل باشا عام 1821م وذكر أنه في يوم السبت الأول من ديسمبر 1821م جاء قادماً من شندي عن طريق الجمال ومعه ترجمان توقف في عقبة "قري". (Crawford 1963:   66 – 67). (أنظر خالد.أمجد بشير. رسالة ماجستير.2013م).
 وكانت هناك بعض الزيارات من قبل مفتشي الآثار في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، وذكرت أن المنطقة لها أهمية في فترات ما قبل التاريخ وأهمها موقع الجيلي الذي عملت فيه بعثة تابعة لجامعة روما الإيطالية بقيادة بروفيسور سلفادور بغليزى (S. Poglizi) ومن بعده ايزابيلا كانيفا (E. Caneva) في الفترة من 1971 – 1983م، وهو موقع عصر حجري حديث أورخ إلى 5570_+100 سنة قبل الحاضر مع مقابر فترة اسلامية وموقع جبل جاري، الذي يقع في تل جرانيتي منعزل عن بقية التلال الأخرى، وأجرى بها الطالب هاشم السنجك عام 1978م مسح آثاري في المنطقة وسجل حول جبل الرويان وجبل جاري 9 مواقع أثرية وبعض البحوث التاريخية عن تاريخ العبدلاب في منطقة قري وسجلت مسوحات هنتزة (Hintze 1959) الأماني عدد من المواقع الأثرية في المنطقة من أهمها ثلاثة مواقع في قرية حجر العسل، سميت بحجر العسل I، II، III، وهي عبارة عن أكوام دائرية الشكل، ومستطيلة، تتباين في أحجامها وارتفاعها. ثم وصل عدد الأكوام في موقع حجر العسل إلى 200 كوم. (خالد.:43-57:2013). ، كما سجلت أعمال الوحدة الفرنسية بقيادة فرانسيس جيوس (Geus 1984) عدد من المواقع على طول الضفة الشرقية لنهر النيل في منطقة السبلوقة أثناء عملهم لمسوحات أثرية ما بين الخرطوم وشندي كان معظمها مقابر دائرية لفترة ما بعد مروي مع مواقع للعصر الحجري الحديث وهناك الحفريات الانقاذية لتشيد خط التحدي الخرطوم – عطبرة التي نقبت عدد من المقابر لفترة ما بعد مروي شرق المنطقة بقيادة ديفيد ادوار (Edwards1997).
وأجريت في المنطقة العديد من الأبحاث الجيولوجية ونشرت العديد من الأوراق العلمية عن مكوناتها الطبقية والسطحية ، ومن أحدث المسوحات الأثرية التي قامت في المنطقة، هو المسح الذي قام به المعهد الشيكي للمصريات، التابع لجامعة تشارلز، ومعهد الجيولوجيا التابع للأكاديمية التشيكية للعلوم في جمهورية الشيك عام 2009م بقيادة (Sukoua 2011) ، بين  جبل الرويان والجزيرة "الوعرابية" في منطقة "قري"، وقد ركزت أعماله على دراسة الأرض واستخداماتها بهدف التعرف على انماط الاستيطان البشري في المنطقة ، وكذلك لمعرفة الطبيعة الجيولوجية للمنطقة حيث سجلت دراساته 30 موقعاً أثرياً، اضافتها أعمال الهيئة العامة للآثار والمتاحف إلي الخارطة التوزيعية للمواقع الأثرية بالمنطقة بعد إعادة مسحها في العام 2011م، في الفترة من أبريل – مايو على الضفة الشرقية والغربية للنيل، في المنطقة المتأثرة بقيام سد السبلوقة المقترح، ، حيث اعتمد نظام تسجيل المواقع الأثرية المكتشفة على وظيفة الموقع كواحدة من المعايير الأساسية في عملية التسجيل، ولذلك فقد كانت المواقع المسجلة متمثلة في المواقع الاستيطانية والجنائزية والعسكرية، ومواقع المحاجر والرسوم الصخرية والطبول الصخرية ، بلغت في مجملها (56) موقع محصورة في المنطقة ما بين الجيلي ووادي أب جداد مختلفة من ناحية الحجم ونوع البقايا الأثرية فيها ما بين الكمية والنوعية حيث كان بعضها مواقع استيطانية وأخرى مقابر ومحاجر معظمها لفترات ما قبل التاريخ والبعض الآخر يعود لفترة ما بعد مروي. (أرجع تقارير الهيئة العامة للآثار والمتاحف).
 كذلك سجلت أعمال الباحث الراحل (طالب ما جستير) أمجد بشير على خالد عدد يقارب الخمسين موقعاً في المنطقة بين (الجيلي) وحجر العسل ، مع الوقوف على بعض المواقع الأثرية التي تم تسجيلها من قبل الهيئة العامة للآثار والمتاحف ، معظم هذه المواقع وجدت على ضفة النيل الشرقية والبعض الآخر حول الأودية والخيران التي تأتي من الشرق إلي الغرب وكانت معظم هذه المواقع تعود للفترة المتأخرة من ما قبل التاريخ (ثقافة الخرطوم القديمة وثقافة الشهيناب) والبعض الآخر مواقع مقابر دائرية ومواقع فترات اسلامية. (أرجع رسالة ما جستير . أمجد بشير على خالد. 2013م).
كما كانت هناك زيارات استطلاعية للدكتور الراحل خضر عبد الكريم أحمد في المنطقة ووصف العديد من المواقع الأثرية بها في تقارير قسم الآثار جامعة النيلين ومذكراته واعتبرها منطقة ذات مكون آثاري خاص وواعده مستقبلاً ، كذلك أسفرت نشاطات قسم الآثار جامعة النيلين عن (7) مواقع أثرية أعطتها أرقام (SP01 – SP07) بعضها مواقع للفترة المتأخرة من ما قبل التاريخ والبعض الآخر مواقع مقابر ركامية وفي غضون الموسم الأول تم اختبار الموقع (SP07) بحفريات تدريبية كشفت عن اموقع ذو حجم كبير وعمق طويل الطبقات ‘ أظهرت الدراسات الأولية لمكتشفات الحفرية عن الموقع يضم تراصف طبقي من العصر الحجري الوسيط المتمثل في مثيلات ثقافة الخرطوم الباكر وفترتي العصر الحجري الحديث المبكر والمتأخر من خلال العثور على فخار الشهيناب في طبقات مختلطة بأدوات المقور والفخار الناعم في طبقات أعلى مع صناعات حجرية مصقولة. (نصر 23:2013).
الموسم الثاني: موسم (2014) الأهداف والفرضيات:
        إن ما أثمرت به الدراسات السابقة وزادت عليه مكتشفات الموسم الأول يوضح مسار هذا الموسم الأول بتتبع الأسئلة التي طرحتها نتائج تلك الدراسات واسقاط فرضيات حولها، حيث يبدو أن منطقة السبلوقة بها كم هائل من المواقع الأثرية متباينة في سياقها الأثري، كما أن تعدد الدراسات في المنطقة زاد الأمر تعقيداً في تباين الأهداف ، وعليه كان الهدف الأساسي من هذا الموسم هو التعرف على الجزء الجنوبي من منطقة السبلوقة بصفة عامة ، ومحاولة تقصي نتائج الأعمال السابقة بحصر المواقع الأثرية وترتيبها وفق نوع المادة الأثرية واسقاط ما هو على الخريطة على أرض الواقع بزيارة ومسح ما يمكن تغطيته في الموسم الأول ومن ثم التركيز على موقعين بهدف تدريب الطلاب واختبارها كعينات من مواقع الآثار في المنطقة ويتم اختيار الموقعين بعد مسحها بطريقة منظمة لاختيار موقعين ذات فوارق في الآثار من ناحية الكم والنوع.
وعلى هذا الأساس كان التركيز على المنطقة الواقعة شمال هضبة السبلوقة في مساحة بطول عشرين كيلو متر ما بين ضفة النيل الشرقية وسلسلة جبال أم مراحيك تلك المنطقة التي تم استطلاعها في الموسم الأول 2013م وذلك بهدف التخطيط للعمل في المنطقة وفق قطاعات وبهدف تدريب الطلاب على ممارسة المسح الآثاري في علم الآثار وتطبيق الدراسات النظرية السابقة في مرحلة البكلاريوس، علاوة على ذلك إن الأعمال السابقة وفرت لنا مادة أثرية طيبة لتتبع نوعية الثقافة، التي نشأت في منطقة السبلوقة، كما دفعت المشاريع الآثارية التي ركزت على دراسة الفترات المتأخرة من ما قبل التاريخ بمداخل ومنافذ للنقاش حول طبيعة الانتشار الثقافي لهذه الفترات في السودان الأوسط أو ما يسمى بمنطقة الخرطوم بثقافاتها المشهورة (الخرطوم الباكرة – الشهيناب ونيوليثيك الخرطوم) وعلاقتها بالاقاليم الأخرى ودور هذه المنطقة في ذلك ، خصوصاً أن المشاريع البحثية في منطقة الخرطوم وفرت مادة علميه أزالت الكثير من الغموض عن فترة العصر الحجري الحديث وطرحت أسئلة أخرى ، فيما أن استكشاف المقابر الدائرية الكبيرة من ناحية الحجم والشكل والعدد كان هدفاً لتحديد أنواعها وعلاقتها بالموجودة في شمال السودان.
تتمحور الأهداف العامة لهذا الموسم في فرضيات وتساؤلات عامة وضعت بناء على نتائج الموسم الأول وهي:-
1-  استكشاف المنطقة بغرض التعرف على عمقها الثقافي لوضعها في اطار زماني مع اقاليم السودان الأخرى.
2-  أسفرت الدراسات السابقة عن عدد وجود عدد هائل من مستوطنات الفترات المتأخرة من ما قبل التاريخ في منطقة الخرطوم ووجدت مثيلات لها في منطقة شندي فالتقصي حول المناطق الوسطي بين الاقليمين (منطقة السبلوقة) يوضح الروابط الثقافية بين تلك الاقاليم والانتشار الثقافي ويكمل حلقة من الانتشار الثقافي لما قبل التاريخ في السودان الأوسط. وقد وفر الموسم الأول مادة طيبة يمكن تتبعها وسد الفجوات بها.
3-  إن ما أسفرت عنه نتائج الموسم الأول في موقع (رتيج) يشير إلي تعاقب طبقي لفترتي العصر الحجري الوسيط والعصر الحجري الحديث فالتركيز على الثقافات المفصلية يساعد على فهم التغير الثقافي بالموقع!
4-  تختلف مواقع ما قبل التاريخ في وسط السودان في ثقافتها حسب تكيفها البيئي وهو ما جعل هناك سمات ثقافية محلية تحلى بها كل اقليم.
5-  على الرغم من تعدد الأبحاث الآثارية بمنطقة السبلوقة ، ما زالت المنطقة تحتاج لخارطة أثرية وتراثية.
6-  تنتشر بالمنطقة مقابر دائرية كبيرة الحجم مثيلة ببعض المعروف عن فترة مروي وما بعد مروي في السودان الأوسط. فاختبارها يحدد مدى تمدد الحضارة المروية ونهاياتها وفترة ما بعد مروي جنوب منطقة شندي!
7-  لا يعرف حتى الآن مواقع استيطانية واضحة لفترة ما بعد مروي على الرغم من العثور على كميات كثيرة من مقابرها ، في نفس الوقت ما زالت هناك اشكالية في تحديد قبر فترة ما بعد مروي من الخارج وهناك غموض فيما بينه وبين المقابر المروية ومقابر الفترة المسيحية.
8-  على الرغم من الانتشار الواسع للحضارة المروية في السودان لم تسجل الدراسات وجود واضح لهذه الحضارة في منطقة الخرطوم وشمالها ، ولا يعرف هل هذا قصور في الدراسات أم لم تشكل المنطقة أهمية للإنسان المروي!
بدأ الوسم بمسوحات منظمة للمنطقة ما بين جبل الدعول وفرق السريج وتم تسجيل بطاقات مسح آثاري للمواقع الأثرية التي تم العثور عليها وكانت عبارة عن سبعة مواقع أثرية في المنطقة ما بين قرية المسيكتاب وقرية رتيج بعضها مواقع فترة اسلامية (SP02 – SP03) ومواقع مقابر دائرية منها مواقع (SP01, SP04) وبعض مواقع الاستيطان المتكونة في شكل تلال كبيرة الحجم منها الموقع (SP06) (خارطة رقم 2) الذي يقع في قرية الدنكوج وموقع (SP06) هو انتشار لأدوات حجرية في خور فرج السريج معظمها شظايا كبيرة الحجم ووجدت بها بعض المدببات التي تماثل صناعات (MSA) العصر الحجري القديم الأوسط (لوحة رقم 1).
وواصلت المسوحات الآثارية نشاطاتها حيث تم مسح منظم بجهاز total station لموقع SP07 لرسم خارطة طبوغرافية للموقع والآثار المنتشرة على سطحه ورسم خرائط توزيعية للمقابر الدائرية بموقع جبل أم مراحيك الذي يقع غرب السلسلة الجبلية (خارطة رقم 2)

خارطة رقم (2) توضح المواقع الأثرية التي تم تسجيلها في المسح الآثاري (2014 – 2013)

موقع رتيج (SP07): (مسح آثاري وحفريات تدريبية):
تم اختبار هذا الموقع في الموسم الأول (2013 م) وعليه درجت الأعمال عليه في هذا  الموسم لتوثيق شامل لسطح الموقع بمسح آثاري بالأرجل شامل لتدريب الطلاب وتغطية سطح الموقع مع عدم جمع مادة أثرية وكانت هذه الخطوة بتوزيع الطلاب إلي مجموعات على طول مساحة الموقع الأثري ومن ثم وضع اللقى الأثرية في أكياس في موضعها حتى غطي سطح الموقع الأثرية وبعدها كانت مرحلة مسح آثاري منظم بجهاز المحطة الشاملة (Total Station) لرسم خارطة شاملة لكثافة اللقى الأثرية وتوزيعها على سطح الموقع بأخذ نقاط لكل لقية أثرية حسب نوعها بالجهاز ومن ثم رسم خريطة لانتشار قطع الفخار وخريطة للأدوات الحجرية وخريطة للبقايا البيئية وخريطة للأشكال الحجرية من مقابر ومعالم صخرية وخريطة للرحى على الصخور ومن ثم جمع كل النقاط برموز مختلفة لكل الخرائط في خريطة واحدة شاملة تحفظ نوعية وكمية البقايا الأثرية للموقع مستقبلاً (لوحة رقم 1).
كذلك محاولة تدريب الطلاب على استخدام الجهاز قبل بداية الحفريات واعطاء فكرة عامة عن مدى انتشار المخلفات الأثرية على سطح الموقع.

لوحة رقم (1) مسح آثاري بجهاز المحطة الشاملة لموقع رتيج.

تبدو طبوغرافية موقع رتيج من خلال الصور الجوية أنه يقع على حافة وادي أب جداد وتحفة خيران (اللديات) وهو عبارة عن مرتفع من الرسوبيات والصخور البركانية الكبيرة ومنخض بشكل متتدرج على الجوانب ويفصل بينه وبين الجبيلات الحمر سهل فيضي مسطح ، يمتد الموقع شمال جنوب قرابة كيلو متر واحد وشرق غرب ما يقارب نصف الكيلو وأكثر ارتفاعاً في الوسط ، أظهرت خرائط جهاز المحطة الشاملة أن الاستيطان في الموقع اكثر تركيزاً في الوسط لكثافة البقايا الأثرية فيما تأثر الموقع بعمليات التعرية وجرف التربة من خلال النشاطات البشرية والطبيعية على سطحه (شكل رقم 2) ، كما أجريت عمليات مسح آثاري بجهاز المحطة الشاملة للموقع ومحيطة بطريقة مخطط شبكي لرسم خريطة كنتور للموقع والتعرف على الأجزاء المرتفعة والمنخفضة في الموقع. نتائج المسح الآثاري على الموقع تم ربطها بنتائج الموسم السابق لتعيين على اختيار مواضع الحفر الآثاري ، ويمكن بصورة عامة استنتاج الآتي:
1-    مستوطنة ذات حجم كبير مما يشير لتمرحل زمني طويل المدى للاستيطان في الموقع.
2-    الموقع من نوع المستوطنات الجبلية التي استغلت المكونات الصخرية في السكن وصنع الأدوات الحجرية كورشة صناعة بجانب الاستيطان.
3-    قرب الموقع من مناطق منخفضة من الوادي والخيران يدل على أن السكان استقل مصادر المياه هذه في استغلال النبات بجانب الصيد البري ، كما أن قرب الموقع من منخفض في الجهة الغربية مؤشر على استغلال السكان للبيئة النهرية في الصيد.
أكد تركيز المخلفات الأثرية في الوسط وقلتها على الأطراف إلي أن الموقع انشغل أكثر في الوسط ، فيما أن قلت المخلفات الأثرية على المرتفع مؤشر واضح على أنها جرفت بالسيول.
شكل رقم (2) طبوغرافية موقع رتيج


المخطط الشبكي:
بعد الاستطلاع حول الموقع تم تحديد المنطقة التي سيتم عليها توزيع مربعات الحفر الآثاري ، حيث بدأت مراحل المخطط الشبكي بتحديد النقطة الاسترشادية (Datum Point) التي تم اختيارها من الموسم الأول لتمكن من توزيع مربعات الحفر الآثاري في الموقع مستقبلياً وتم اختيارها في الجهة الشرقية من الموقع على الاحداثيات
37.8ً     42َ     032ْ      E       25.1ً      20َ      16ْ      N
ومنها تم تحديد الخط الرأسي (Datum line) والخط القاعدي (Base line) ومنها تم تدريب الطلاب على استخدام الأجهزة المساعدة في الحفر الآثاري وعمل المخطط الشبكي واختيار مربعات الحفر الآثاري باستخدام جهاز (GPS - Level) لوحة رقم 2

لوحة رقم (2) تجهيز المخطط الشبكي

مربعات الحفر الآثاري:
بعد تحديد الخطوط الكبيرة للمخطط الشبكي للموقع الأثري تم توزيع الطلاب إلي تسعة مجموعات لحفر (9) مربعات (2x2 m) وتم توزيعها بعد اختيار (Fix point) وتخطيط الخط القاعدي والرأسي واسقاط مربعات الحفر وفق الفرضيات المسبقة وملاحظات الأساتذة والطلاب مع مراعاة نتائج مربعات الموسم السابق وتزيعها في نطاق يعطي قراءة شاملة للموقع الأثري ما أمكن ويسهل عملية تدريب الطلاب ، ومن ثم محاولة تمرين كل مجموعة على تخطيط مربعهم بأضلاع وزوايا متساوية مع المخطط الشبكي العام لأعطائها حروف وأرقام واحداثيات بالمحورين (س ، ص) لخارطة المخطط الشبكي العام حتى تكون الخارطة العامة للحفريات في الموقع منظمة على مر مواسم الحفر الآثاري ، ومن ثم رسم وتوثيق المخطط الشبكي على خارطة الموسم الأول ورسم خارطة لكل نقاط المخطط الشبكي بجهاز المحطة الشاملة. (شكل رقم 3).
*جمعت مخلفات كل موقع على حسب منهج تدريب الطلاب بترتيب الطبقات بنسبة قياسية (كل 10 سم تمثل طبقة) وقد جمعت الطبقة السطحية مع الطبقة الأولى ، مع أن الملاحظات العامة على الموقع يضم ثلاث مستويات تراصفية مع عدد من الطبقات المختلفة في العمق والحجم وبعضها قطع عدد من المستويات في العمق ومعظمها كانت طبقات حريق وسكن وبعض طبقات نفايات تصنيع الأدوات الحجرية والفخار ومثلت تراكمات المخلفات البيئية طبقات ذات طابع خاص مثل تراكم الأصداف ، يظهر ذلك من خلال صلابة التربة وتباين ألوانها أفقياً ورأسياً.
شكل رقم (3) المخطط الشبكي لموقع رتيج

مربع (Z1):
يقع في الجزء الجنوبي من الموقع على الخط القاعدي العام للمخطط الشكب حيث تم اختياره في المكان بناء على ما كشفته مربعات الموسم السابق من تمدد للاستيطان في الجهة الجنوبية وكشفت الحفريات في طبقاته العليا عن كم هائل من طبقات الحريق والشقف الفخارية الداله على استيطان لمدة زمنية طويلة مع حجارة رحى مقطوعة في الصخور الكبيرة ويظهر تباين في لون التربة ما بين تلك الطبقات أشار إلي تعاقب زمني للاستيطان في هذه المساحة حيث كانت الطبقات العليا هشة تتخللها كميات هائلة من الشقف الفخارية والأدوات الحجرية حيث كانت الطبقة الأصلية على عمق (60) سم ، يحتوي على طبقتين من الاستيطان مبكرة مثلتها شقف فخار الخرطوم الباكرة ومتأخرة مثلتها بعض الأدوات الحجرية المصقولة ، جمعت من المربع حوالي (621) قطعة فخار بعضها كبير الحجم والبعض الآخر صغير وجدت متباينة ما بين الفخار ذو ذو الخطوط المموجة والمتعرجة شبية بفخار الخرطوم الباكرة (Arkell. 1949:135).
والفخار ذو الزخارف الهندسية وهو ناعم الملمس في الطبقات العليا وهو أكثر تماثلاً مع فخار الفترة المتأخرة العصر الحجري الحديث المتأخر في موقع الكدادة وفخار موقع قلعة شنان.(Geus.1984:28 - 32). مع أن الطبقات العليا كشفت عن فخار خشن عليه بعض الزخارف لخطوط مموجة كما كشفت الصناعات الحجرية عن حوالي (86) معظمها شظايا وبقايا تقصيب ومثل الأداوات الحجرية الجزء القليل بعضها مكتمل الصنع والبعض الآخر شظايا من أدوات غير مكتملة الصنع ، معظم الصناعات كانت دقيقة الحجم من تقنية الصنال وسماتها النوعية معظمها تنحصر ما بين المكاشط والمثاقب والأهلة والمسننات. كذلك وجدت كميات كبيرة من الفحم ورماد الحريق والعظام بشقيها المحروق وغير المحروق وكانت بعض العظام صغيرة الحجم ويبدو عليها تشكيلات في استخدامها في بعض الأغراض. (لوحة رقم 3).
لوحة رقم (3) توضح طريقة تخطيط المربع وحفره وتباين الطبقات فيه

البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
114
27
6
0
0
عامة
5
0
عامة
الثانية
258
22
3
0
1
عامة
10
3
عامة
الثالثة
199
19
0
0
0
عامة
8
3
عامة
الرابعة
23
18
0
0
1
نادرة
3
0
نادرة
جدول رقم (1) يوضح محتويات مربع (Z1)
مربع (JJ1):
تم اختيار هذا المربع في مساحة موازية للمربع السابق في الاتجاه الجنوبي لاختبار مدى تمدد وانتشار البقايا الأثرية في المنخفض ، حيث كشف عن عمق طبقي كبير (50) سم احتوى على كميات هائلة ومتباينة من البقايا الأثرية ضمت الطبقات العليا قطع فخار كبيرة الحجم وكثيرة العدد معظمها يمثل فخار العصر الحجري الحديث المتأخر من الفخار ناعم الملمس وعليه زخارف المشط وبعض الزخارف الهندسية على الحافة وهو مثيل بفخار موقع قلعة شنان. (Nassr.2012:11) مع ذلك كشفت الطبقات السفلى عن فخار متدرج من الناعم للخشن والذي يحوي نماذج مختلفة من الزخارف والسطح المتدرج من الناعم إلي الخشن. مع ذلك كانت ووجدت بعض قطع الفخار ذو الزخارف المتعرجة وكشفت عمليات التصنيف الأولية عن أن سمة الفخار ذو النقاط الكبيرة والمتراكمة وهو فخار خشن كانت الأكثر سيادة بجانب ذلك وجدت بعض الأدوات الحجرية المكتملة من المقور وأدوات الرحى وكانت الشظايا الكبيرة وبعض المكاشط هي الشائعة. جمعت حوالي (935) قطعة فخارية و (123) شظايا وأدوات حجرية وعدد كبير من الفحم والعظام المحروقة وبعض الكتل الحجرية وكانت معظم المادة الأثرية متدرجة ما بين مثيلات الخرطوم الباكرة والشهيناب وكدركة فيما يعني طبقات سفلى مثيلة بمواقع العصر الحجري الوسيط والعصر الحجري الحديث المبكر وطبقات عليا للعصر الحجري الحديث المتأخر (Arkell. 1949-1953. Reinold.2008). 
لوحة رقم (4) توضح نماذج متباينة لفخار المربع أثناء التصنيف اليومي

البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
248
43
2
0
0
نادرة
0
0
غياب
الثانية
386
53
3
0
2
عامة
2
0
عامة
الثالثة
202
21
1
0
0
عامة
5
0
عامة
الرابعة
73
6
0
0
1
نادرة
7
0
عامة
الخامسة
36
3
1
0
0
غياب
9
0
غياب
جدول رقم (2) يوضح محتويات مربع (JJ1)
مربع (PP1):
تم اختياره في مساحة وفقاً للمربعات السابقة في الجزء الأخير الجنوبي للموقع بغرض تحديد امتداد الموقع الأثري وتوسعه جهة الجنوب، حيث لم يكشف الموقع عن عمق طبقي كبير ، فقط كان السياق الآثاري في عمق 25 سم ووجدت الطبقات الصخرية الصلبة حيث بلغت شقف الفخار التي تم جمعها من الطبقات العليا (376) قطعة معظمها من فخار العصر الحجري الحديث المتأخر الناعم ذو اللون الأحمر اللامع مع بعض الزخارف الهندسية على الحافة، وبلغت الشظايا والنصال حوالي (73) قطعة مع كمية من الأصداف والقواقع والعظام كبيرة الحجم .

البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
211
41
4
0
0
نادرة
0
0
غياب
الثانية
127
31
3
0
1
عامة
0
0
عامة
الثالثة
38
1
4
0
4
عامة
7
0
عامة
جدول رقم (3) يوضح محتويات مربع (PP1)
مربع (k20):
وضع في وسط الموقع الأثري ما بين الجزء المرتفع والمنخفض تم اختياره بناء على أن بالموقع تنوع في الآثار والمخلفات الأثرية يشير إلي تنوع في الأنشطة الاقتصادية وذلك أن النظرة الطبوغرافية للمربع توحي بأنه على مسطحة وفي وسط الموقع ، خصوصاً وأن الموقع يحتوي على عدد ممن المساحات المسطحة الشكل وعليها بعض الصخور التي وجدت حولها بعض التربة ذات اللون الداكن ، كشفت الطبقات العليا من المربع عن كميات هائلة من قطع الفخار كبيرة الحجم عليها زخارف متراكمة ومعظمها ناعم من نوع الفخار المتأخر للعصر الحجري الحديث مع بعض أدوات المغور المكتملة الصنع وتراصفت هذه الطبقات بألوان تربة متباينة حتى عمق 32 سم وبعدها ظهرت طبقات لحريق وبعض لطخات الطين حولها أدوات رحى مكتملة الصنع كمؤشر لبقايا كوخ (منزل) (لوحة رقم 5) ووجدت حوله بعض العظام كبيرة الحجم وعظام الأسماك حيث وجدت قطعتين واحدة كبيرة الحجم والأخرى صغيرة الحجم من عظام التمساح التي أجريت عليها بعض الصناعات لتستخدم في زخرفة وتلميع الفخار ، اضافة إلي أن الطبقات السفلى حوت شقف فخار من النوع الخشن وعليها زخارف الخطوط المموجة والنقاط المموجة مع بعض الشظايا كبيرة الحجم والمسننات ، وصل عمق الموقع حوالي 65 سم.
وبلغت شقف الفخار (1701) والأدوات الحجرية (98) مع كميات هائلة من الأصداف المكتملة ذات الأشكال المختلفة والعظام كبيرة الحجم ومجموعة من الخرز المصنوع من قشر بيض النعام والعظام ، جمعت من طبقات الموقع عينات للتوريخ المطلق وكانت عظام الأسماك وبعض العظام يبدو عليها بدايات تصنيع واستخدام.
لوحة رقم (5) توضح بقايا أكواخ وطبقات سكن

مع ذلك كشفت عمليات التصنيف الأولية أن هذا المربع يعتبر نموذج لمدى تراكم مستويات الاستيطان في الموقع ولم يتأثر بعمليات التعرية كثيراً في منطقة مسطحة حيث يحتوي على مستويات مبكرة من الفخار الخشن ذو الزخارف المموجة وفخار ذو الزخارف المتعرجة وعليه بعض لمسات من التلميع مع بعد الأدوات الحجرية المألوفة في نوع الشهيناب وهناك فخار ناعم وبعد الأدوات المصقولة في المستويات العليا.
البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
أو
الصخور
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
470
41
2
0
0
عامة
0
0
غياب
الثانية
826
45
3
0
1
عامة
0
لطخات من الطين
عامة
الثالثة
203
7
1
0
5
عامة
0
غياب
عامة
الرابعة
117
5
0
0
1
عامة
3
عريشة
عامة
الخامسة
85
0
0
0
1
غياب
7
0
عامة
السادسة
0
0
0
0
0
0
0
0
عامة
جدول رقم (4) يوضح محتويات مربع (K20)
مربع (EE7):
تم اختيار هذا المربع في مساحة أسفل مربع (K20) في مساحة أكثر انخفاضاً لاختبار تدرج بقايا الاستيطان شرقاً في مساحة بها العديد من المخلفات الأثرية المنتشرة على السطح وبقايا التقصيب والتشظية (لوحة رقم 6) وجدت المستويات العليا بها آثار لقطع الفخار وبقايا تقصيب وتشظية للصناعات الحجرية وكانت العظام والأصداف هي الأكثر ظهوراً في الطبقات الوسطى ، بلغ عمق المربع 40 سم وأظهرت محتوياته تماثل مع مخلفات المربعات السابقة وكانت مخلفات الاستيطان ونشاطات الصيد هي الأكثر ظهوراً حيث بلغت شقف الفخار (720) قطعة والأدوات الحجرية (54) مع بعض القطع الصغيرة التي خرجت من التقصيب والتشظية وكانت العظام كبيرة الحجم والصغيرة بأعداد كثيرة.
لوحة رقم (6) توضح مرحلة تخطيط مربع (EE7)

وأضحت مراحل تصنيف محتويات المربع عن تماثل واضح لآثار الموقع مع آثار العصر الحجري الحديث المبكر.
البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
أو
الصخور
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
380
26
2
0
0
عامة
0
3
غياب
الثانية
235
21
3
0
1
عامة
0
غياب
عامة
الثالثة
75
5
0
0
2
عامة
0
غياب
عامة
الرابعة
40
2
0
0
1
عامة
3
غياب
عامة
جدول رقم (5) يوضح محتويات مربع (EE7)
مربع (JJ7):
تم تخطيط هذا المربع في مساحة موازية للمربع السابق وكان بهدف قراءة الانتشار الأفقي لآثار الموقع من الوسط تجاه الجنوب (لوحة رقم 7) مع الوضع في الاعتبار اختبار تورزيعها ما بين الجزء المرتفع والمنحدر ليعطي قراءة عامة لمدى انشغال الموقع الأثري من قبل تلك الجمعات على مر مراحله الثلاث ، وقد أسفرت حفريات المربع عن فوارق كبيرة ما بين المربعات الموجودة في وسط الموقع والموجودة على الأطراف ، فوارق في الكم مفادها أن المادة الأثرية وتقل وعمقها يتضاءل كلما اتجهنا جنوباً من الوسط ، حيث بلغ عمق البقايا الأثرية (30) سم وجلها كان شديد الشبه بآثار العصر الحجري الحديث المتأخر مع عدد قليل من الأدوات الحجرية بلغت (19) وأيضاً كانت معظمها بقايا تقصيب وشظايا ، فيما كانت العظام والقواقع مستمرة الوجود حتى الطبقة الأصلية ويبدو أن الموقع في هذا الجزء تأثر بعمليات التعرية والنشاطات البشرية المتأخرة.
لوحة رقم (7) توضح مرحلة تخطيط مربع (PP7)

إضافة إلي أن عمليات التصنيف المبدئي للبقايا الأثرية كشف عن أن معظمها شبيه بآثار العصر الحجري الحديث الموجود في منطقة شندي مع تماثل البعض بآثار موقع الكدرو (Krzyzaniak 1984:327).
البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
أو
الصخور
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
23
13
2
0
2
عامة
0
3
غياب
الثانية
5
5
0
0
1
عامة
0
غياب
عامة
الثالثة
2
1
0
0
0
عامة
0
غياب
عامة
جدول رقم (6) يوضح محتويات مربع (JJ7)
مربع (PP7):
تم اختيار هذه المساحة في المخطط الشبكي العام لمقارنة نهايات الموقع الجنوبية ما بين الوسط والركن الجنوبي الشرقي للموقع بغرض اختبار كمية المادة الأثرية والعمق الطبقي وقد أسفرت الحفريات في المربع عن أن السطح والطبقات العليا يتراكم عليها الكثير من البقايا الأثرية الذي يدل على أنه في غير موضعه ، وقد تراكم بسبب السيول وعمليات جرف التربة والرياح لوجود بقايا أثرية ذات فوارق زمنية وثقافية في مستويات متوازية ، منها فخار الخطوط المموجة الخشن بجانب الفخار الناعم والأدوات الحجرية المصقولة ، كما أن طبيعة الموقع الصخرية على الجوانب قد حصرت المخلفات الأثرية في نطاق ضيق وكانت الطبقة الأصلية سطحية في عمق (25) سم وبلغت كمية شقف الفخار (37) قطعة معظمها على السطح وفي المستوى الأول من الحفر الآثاري فيما وجدت حوالي (12) مخلفات تصنيع أدوات حجرية بها أداة حجرية واحدة مكتملة الصنع عبارة عن مكشط جانبي وجد على السطح وكانت البقايا البيئية أكثر وجوداً على السطح وقد تأثرت تأثير واضح بعمليات التعرية.
البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
أو
الصخور
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
28
7
2
0
2
عامة
0
0
غياب
الثانية
9
5
0
0
0
عامة
0
غياب
عامة
الثالثة
0
0
0
0
0
غياب
0
غياب
غياب
جدول رقم (7) يوضح محتويات مربع (PP7)
مربع (A11):
تم اختيار هذا المربع في منطقة تتوسط المرتفع وعلى الخط الرأسي من نقطة (Fix point) وفي مساحة قريبة من قمة الموقع وعلى نهاية المساحة التي تم اختبارها جنوبها لاختبار العمق الطبقي الموقع الأثري في الجهة الجنوبية وبالقرب منه عدد من الأكوام الدائرية من الصخور حيث وجدت كميات كبيرة من قطع الفخار كبيرة الحجم مختلطة بحفر بقطر ما بين (20 – 30) سم ممتلئة بتربة داكنة وعظام وقواقع مما دل على وجود بقايا مواقد نار ودل تراكم الأصداف المكتملة الشكل على وجود نوع نشاط جامعي الطعام ، بجانب ذلك وجدت نوع من الحفر الصغيرة وبها بقايا أخشاب لأغصان لتشييد الأكواخ وحجارة رحى عليا مكتملة وقطع من الرحى السفلى.
كشفت عمليات الحفر بالطبقات عن وجود صخور مرصوفة بسمك (30) سم وعلى طول المربع ممتدة من الجنوب تجاه الشمال مثيلة بالبناء الفوقي لمقبرة أو رصيف من الصخور لتشييد نوع من المنازل الصغيرة (لوحة رقم 8).
لوحة رقم (8) توضح رصيف من الصخور على طول المربع.

العثور على هذا الشكل من الصخور استدعى تخطيط مربع إضافي للتعرف على مدى تمدد هذه الصخور في المربع وهل هي بناء فوقي لقبر أو مبني سكني.
بلغ عمق المخلفات الأثرية في المربع (80) سم حيث كان هناك تباين واضح في السياق الأثري حسب العمق وكانت الطبقات العليا أكثر كثافة في المحتوي الأثري ومعظم فخارها من النوع الناعم وبقايا الأدوات الحجرية صغيرة الحجم ومعظمها بقايا تقصيب ، فيما كانت الطبقات الوسطى معظمها داكنة اللون وبها قطع كبيرة من الفخار وبعض قطع القاعدة والحافة شبه المكتملة وكشفت عمليات التصنيف المبدئي أنها مثيلة بفخار الأفق المبكر من العصر الحجري الحديث (Sadig 2012:143) وهي الطبقات التي وجدت بها أدوات حجرية من المغور وبعض المسننات والمكاشط الجانبية وكانت بها مخلفات مواقد النار والعظام وكشفت الطبقات السفلى عن نوع من الفخار الخشن ذو القطع الكبيرة حوت بعض القطع زخرفة النقاط والخطوط المموجة في سياق أثري مثيل بثقافة الخرطوم الباكرة (Arkell 1949:127).
بعد انتهاء مخلفات الاستيطان والتراصف الطبقي الواضح وبعد العمق (80) سم وجدت طبقة من حصى الكوارتز المختلط بحبيبات صغيرة وتربة صلبة ولوحظ أن جزء من هذه الطبقة كثر اختلافاً ، يبدو اختلافه من احتوائه على تربة متفككة وسهلة الحفر وبعد مواصلة الحفر فيها وعلى عمق (96) سم تم العثور على هيكل عظمي في حفرة دائرية صغيرة بلغ قطرها حوالي (130) سم وكانت العظام سيئة الحفظ في وضعية قرفصائية وتم العثور على جرار فخارية كأثاث جنائزي مع المتوفى الأولى آنية صغيرة مهشمة أظهرت عمليات الترميم أنها سلطانية صغيرة الحجم والأخرى من السلطانيات الكبيرة ذات الفم المفتوح لوحة رقم (9).
 لوحة رقم (9) توضح مقبرة للعصر الحجري الحديث المتأخر

بلغت مجمل قطع الفخار التي تم جمها من طبقات المربع (1830) قطعة وبقايا تصنيع الأدوات الحجرية (224) جلها بقايا تقصيب وشظايا مشكلة وكانت الأدوات مكتملة الصنع قليلة العدد.
مع ذلك كشفت عمليات التصنيف الأولية أن الأواني الفخارية التي وجدت مصاحبة للمتوفى شبيهة بفخار العصر الحجري الحديث المتأخر ، تلك الجرار الفخارية ذات الأسطح الملساء التي وجدت في موقع قلعة شنان (Nassr 2012:11). وعليه إن اختلاط الطبقات كان بسبب حفرة القبر التي قطعت الطبقات السفلى وخلطت بعض المادة القديمة بالحديثة.
البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
أو
الصخور
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
512
53
2
0
0
عامة
27
0
غياب
الثانية
725
76
3
2
1
عامة
54
رصيف من الصخور
عامة
الثالثة
378
54
1
4
5
عامة
30
غياب
عامة
الرابعة
163
25
0
1
1
عامة
3
صخور بسيطة
عامة
الخامسة
52
16
0
0
1
غياب
7
0
غياب
السادسة
0
0
0
0
0
مقبرة
0
0
غياب
جدول رقم (8) يوضح محتويات مربع (A11)
مربع (A11+):
تم حفر هذا المربع في الجزء الجنوبي من المربع السابق بغرض التعرف على تمدد الصخور التي وجدت في المربع ، حيث كشفت الحفريات عن سياق آثاري كبير وعميق ومثيل بما وجد في المربع السابق ، اضافة إلي الصخور الكبيرة وحجارة الرحى شبه المكتملة وبعض عظام الاسماك التي وجدت متراكمة بصورة هائلة والبعض منها تبدو عليه علامات تشكيل ومشغوليات ، كان من أميز المربعات تراصفاً لعدم تعرضه لعميات نبش للطبقات اذ كشف عن قطاع ظاهر التراكم من خلال ألوان التربة فضلاً عن أن الفوارق الثقافية بين آفاق الموقع الثلاث كانت ظاهرة للعيان من خلال نوعية الفخار والأدوات الحجرية.
بلغ عمق المربع (82) سم أي عمق مثيل بالعمق الاستيطاني للمربع الأول وبلغت كمية قطع الفخار (1911) قطعة فخار معظمها قواعد واحواف كبيرة وجمعت (150) أداة حجرية مع بعض العظام المشغولة وأعداد هائلة من الأصداف وطبقات الحريق  لوحة رقم (10).
لوحة رقم (10) توضح التراصف الطبقي لمحتويات مربع (A11+).

البقايا الأثرية
شقف الفخار
الأدوات الحجرية
الأدوات العظمية
البقايا الخشبية
الخرز
العظام
القواقع
الطوب
أو
الصخور
طبقات الحريق
الطبقة
الأولى
490
47
2
0
0
عامة
16
0
غياب
الثانية
793
43
3
2
1
عامة
21
رصيف من الصخور
عامة
الثالثة
402
35
1
4
5
عامة
18
غياب
عامة
الرابعة
172
15
0
1
1
عامة
3
صخور بسيطة
عامة
الخامسة
54
10
0
0
1
قليلة
7
0
غياب
السادسة
0
0
0
0
0
غياب
0
0
غياب
جدول رقم (9) يوضح محتويات مربع (K20)
يلاحظ أن هناك اختلاف واضح بين هذه المربعات في المحتوى والعمق ، الأمر الذي يدل على تباين في طبوغرافيا الموقع مع اختلاف في الاستيطان ومداه الزمني ، ومن خلال هذا التباين وكمية ونوعية المحتوى الأثري يمكننا استنتاج الآتي:
1-    ارتبط العمق الطبقي بالحيز الجغرافي على الموقع مثلما ارتبطت كثافة المادة الأثرية بوسط الموقع وفي المرتفع وقلت على الأطراف.
2-    وجدت المادة الأثرية سيئة الحفظ في الطبقات العليا وكلما كان العمق الطبقي طويل وجدت مادة الأثرية أكثر وأكبر حجماً ومحفوظة بشكل جيد.
3-    ليست هناك مساحة مخصصة للدفن وأخرى للاستيطان (السكن)
4-   أثمر التباين الرأسي لمحتويات كل مربع مع التجانس الأفقي لهذه المحتويات بين مربعات الموسم إلي أن هناك ثلاث آفاق ثقافية شغلت الموقع لفترات متعاقبة تمثل أسفلها   مثيلات الخرطوم الباكرة (العصر الحجري الوسيط) والوسطى ضمت فخار الشهيناب وأداة المقور والعليا مثلتها آثار العصر الحجري الحديث المتأخر متمثلة في الفخار الناعم والفؤوس المصقولة وأدوات الزينة.
5-    إن الكمية الهائلة لشقف الفخار مع تنوعها مؤشر لورشة صناعة محلية في الموقع فضلاً عن أن العثور على أدوات زخرفة وتلميع الفخار دليل واضح على ذلك.
6-   قطعت بعض طبقات العصر الحجري الحديث المتأخر طبقات العصر الحجري الحديث المبكر والعصر الحجري الوسيط ، فيما خلطت بعض النشاطات المتأخرة على الموقع بعض الطبقات.
7-    تراكم القواقع والأصداف في مساحت منخفضة (على شكل حفر) دليل على استغلالها بصورة مكثفة حيث ارتبطت أكثر بطبقات الحريق فيما وجدت بعض الحفر بها بقايا أخشاب كدليل على بقايا ركائز أغصان لتشييد الأخشاب.

التراصف الطبقي لمستويات موقع رتيج:
دمجت نتائج الموسم الأول مع الملاحظات العامة على تفكك التربة وتغيير لونها بين طبقات مربعات هذا الموسم واسقطت عليها النتائج الأولية لفرز وتصنيف وتبويب محتويات كل طبقة ، وخرجت الملاحظات حول تلك النتائج بخلاصة عامة عن التراصف الطبقي لمستويات موقع رتيج يمكن حصرها في الآتي:-
*ملحوظة: تتباين هذه المستويات بين كل مربع عن الآخر في العمق وكمية المادة الأثرية ، وتتوافق في السمات العامة للمادة الأثرية ، يظهر الاختلاف بين المستويات ليست من خلال المادة الأثرية فقط ، بل هناك دلائل واضحة للسياق الأثري والتربة المكونة لكل سياق ولونها ودرجة تماسكها ، إضافة إلي أن بين كل مستوى والآخر تفصل طبقات رسوبية قليلة السمك ، فيما تأثرت بعض الطبقات بأثير النشاطات الطبيعية والبشرية وهناك بعض الحيوانات التي قطعت الطبقات وخلطتها ببعضها البعض وهذا ما أظهر العديد من آثار المستويات العليا في المستويات السلفى ، كما عملت عوامل التعرية ونحت المياة على ضعف سماكة بعض المستويات وكونتها في خطوط منحية (أنظر الشكل رقم 4).
المستوى الأول: من السطح  - 28 سم تسبق هذا المستوى تربة رسوبية متفككة تتخللها بعض القطع الأثرية قليلة السمك في بعض المربعات وسميكة في الأخرى ، يتكون هذا المستوى من مادة أثرية كبيرة المحتوى في معظم المربعات ، تأثرت في بعض المربعات ببعض النشاطات اللاحقة وضمت مواد أثرية معظمها من الفخار الناعم ذو الزخارف الهندسية الدقيقة والأسطح الامعة مع أدوات حجرية مصقولة من الفؤوس والهرواة ، اختلطت هذه السمات الثقافية بسياق أثري يتكون من طبقات حريق وبعض آثار الحفر والمنازل والأصداف كما اشتملت على مقابر للعصر الحجري الحديث المتأخر ظهرت بها السلطانيات ناعمة الملمس وذات الفم المفتوح. (شكل رقم ) من خلال مكونات هذا المستوى يتضح أنه يمثل الأفق الثقافي المتأخر من العصر الحجري الحديث الذي يماثل ما وجد في مواقع الكدادة وكدركة وقلعة شنان (Reinold 2001, Geus 1984, Nassr 2012).
المستوى الثاني: (32 – 55) سم يفصل ما بين المستوى والأول والثاني تربه قليلة السمك أكثر تفككاً ويظهر هذا المستوى من خالال لون التربة الداكن وبها نوع من التماسك أكثر من السابق إضافة إلي أن طبقات الحريق وبقايا التصنيع يظهر كسمة عامة في المستوى. وجدت مجموعات متراكمة من الأصداف والعظام المحروقة مختلطة بنوع من الفخار ردئ الصنع والبعض فخار صلب وعليه زخارف متعرجة مثيل بفخار الشهيناب (Arkell 1953:142) فضلاً عن بقيا التقصيب للأدوات الحجرية في هذا المستوى وجدت معها أدوات المقور وبعض النصال والأدوات الهلالية، إن العثور في هذا المستوى على كميات هائلة من شقف الفخار والشظايا الحجرية يدل على أن الموقع في هذه الفترة استقل كورشة تصنيع بجانب الاستيطان.
من خلال هذا المكوُن الأثري للمستوى يماثل ما عثر عليه في مواقع العصر الحجري الحديث الأفق المبكر والمتوسط من نوع الشهيناب (شكل رقم 4). (Arkell.1953, Krzyzaniak.1992).
المستوى الثالث: (60 – 75- 80) سم يلاحظ أن المستويات السابقة قطعتها بعض الانجرافات الرأسية وفصلت بينها وبين المستوى تربة طينية صلبة مختلطة ببعض حبيبات الحى الصغيرة مع الصخور القاعدية في بعض الأحيان ، حيث يظهر المستوى الثالث والأخير من خلال اتجاه التربة الداكنة في التفكك ، إذ تظهر محتويات أثرية كبيرة الحجم اختلطت بالقواقع مكتملة الشكل حيث يبدو هذا المستوى أكثر اختلافاً من المستويات السابقة إذ تظهر فيه كسمة عامة شقف الفخار غير المزخرف والبعض مزخرف بخطوط مموجة ونقاط مموجة ويتسم الفخار عموماً بخشونة الملمس والسمك مع ذلك تكثر عظام الحيوانات الكبيرة في هذا المستوى وعظام الأسمال والأصداف على ثلاث أشكال وتمثلت الأدوات الحجرية في صناعة الأدوات الحجرية الدقيقة والنصال وتكثر بهذا المستوى المسننات والأدوات الصغيرة (Microlithic) المتمثلة في الأهلة والمؤشر والمكاشط ذات الظهر والجانبية وبه بعض الدفنات الفقيرة وغير منتظمة الوضعية، وبصورة عامة يماثل هذا المستوى ثقافة الخرطوم الباكرة ومواقع العصر الحجري الوسيط في السودان الأوسط الخرطوم القديمة ومواقع عنيبس والدامر على نهر عطبرة. (Arkell.1949, Haaland and Magid.1995). لما يحتويه من آثار أكثر اختلافاً عن السابق ، هناك نوع من الفخار ذو خطوط مموجة ولكنه ناعم الملمس وفي اعتبارنا لا يمثل العصر الحجري الوسيط بل يعتبر تطور للخطوط المموجة في الموقع خلال فترة العصر الحجري الحديث (شكل رقم 4).
وضعت هذه المستويات بناء على ملاحظات أولية على بينة أثرية أثناء الحقل والدراسات الأولية لعمليات تصنيف وتبويب المادة الأثرية ، حيث من خلال هذه القاعدة العامة يمكننا وضع تاريخ مطلق للموقع منذ العصر الحجري الوسيط وحتى نهايات العصر الحجري الحديث ؟؟؟ ، وفي هذا الموسم تم جمع عينات من كل مستوى لتوريخها ب (C14) لاسقاط نتائجها على هذا التحليل المبدئي في سبيل وضع الموقع في ايطار زماني وثقافي محدد لاختبار مدى أهميته لأبحاث الفترة المتأخرة من ما قبل التاريخ في السودان الأوسط.
شكل رقم (4) يوضح التراصف الطبقي للمستويات  الأثرية

تصنيف المحتوى الأثري للموسم الثاني (2014)
الأدوات الحجرية في موقع رتيج:
كشفت الدراسات الأولية للأدوات الحجرية عن وجود تقنيات مختلفة في الموقع تدرجت من الصناعات الدقيقة ذات السمات النوعية المختلفة وحتى صناعة الأدوات المصقول ، وكانت سمة ثقافية واضحة على آفاق الموقع الثقافية الثلاث ، حيث وجدت معظم الأدوات الحجرية مصنوعة من الصخور المحلية في منطقة السبلوقة فقط تفاوت في نسبة استغلالها (أنظر شكل رقم 5) ، وتشير كمية تراكم الشظايا وبقايا التقصيب على أن الموقع استغل كورشة تصنيع أدوات حجرية لفترة طويلة من الزمن.
وجدت معظم تالف الصناعة الحجرية في الجزء المرتفع من الموقع وبالقرب من كتل الصخور الكبيرة ، وجدت بالموقع ثلاث سمات تقنية ضمت الأولى تقنية (Core) تقنية صنع وتشكيل النوى تنوعت ما بين النوى ذات الشكل المصنع (preparation) ومعظم الأدوات التي صنعت منها كانت مكاشط كروية الشكل ومكاشط جانبية وهناك نوى ذات نقطة ارتكاز واحده وبعضها متعدد نقاط الارتكاز وظهرت على بعضها علامة طرق وحدادة على الجوانب وقد غلبت على هذه التقنية سمة المكاشط المصنوعة من البازلت. (شكل رقم 6). 
ظهرت معظم الأدوات المصنوعة من النوى على السطح وفي المستويات السفلى (الأفق الثالث) حيث ظهرت بجانبها صناعة النصال التي وجدت أقل من النوى وتميزت النصال بالأطراف المحددة (Sharping) وبعضها ذات ظهر (backed blade).
النوع الثاني من التقنيات الحجرية بالموقع كانت بقايا التقصيب (debitage) ومثلت أكثر الصناعات الحجرية ظهوراً في المستويات وكثرت في المستويات الوسطى وعلى السطح ومثلتها مسننات صغيرة الحجم وبعض الأهلة الصغيرة كما وجدت منها عينات كثيرة على شكل مكاشط جانبية وبعضها مدببات ذات مقدمة.
وجدت أدوات هذه التقنية بأشكال متباينة في نقطة ارتكاز الطرق حيث وجد بعضها يمثل نصف الأداة وبعضها مسطح والبعض منها على شكل نقطة وعلى شكل زوايا ، ويبدو أن في هذه الأشكال يعود إلي تباين في وظيفة تلك الأدوات، الأمر الذي يشير إلي تعدد في النشاطات البشرية بالموقع ، وهو مثيل بصناعات الفترة المتأخرة من ما قبل التاريخ التي تشكل بعضها من الشظايا والنصال ذات الطرق الواضح.
 النوع الثالث من التقنيات الحجرية بالموقع كانت الأدوات مكتملة الصنع وقد مثلتها سمات نوعية متباينة عكست مدى تغير صناعة الأدوات الحجرية بالموقع وفق آفاق الموقع الثلاث ، حيث مثلت تقنية النصال فيها السمة العامة فيما كانت تقنية النوى والشظايا سمات ثانوية وكانت هناك سمات نوعية عامة في الموقع من المكاشط بأشكالها المختلفة والأدوات الهلالية والمخارز في كل أطوار الموقع ، فقط طرأت عليها تغيرات طفيفة من طور إلي الآخر مثل تقلص في الحجم تغيرها من ذات الوجهين وذات الوجه الواحد.
على الرغم من التماثل الكبير في التقنية العامة بين أطوار المواقع ؛ كانت هناك أدوات مميزة لكل طور ويظهر ذلك من ارتباط المكاشط صغيرة الحجم والأدوات الهلالية والقمرية والمخارز والهراوة الخشنة بالطور المبكر (العصر الحجري الحديث) (لوحة رقم 11) مثلما ارتبط الأفق الثاني بأدوات المغور (لوحة رقم 12) وبعض المثاقب والشظايا ذات المقدمة وتوافق ظهور الطور المتأخر بظهور الفوؤس المصقولة والهراوة المصقولة مع أدوات رحى علوية وسفلية أبدت نوع من الصقل والتلميع.
لوحة رقم (11) أدوات دقيقة                لوحة رقم (12) نماذج لأداة المغور (Gouge)

لم يكن هذا التوزيع الزمني والثقافي لأطوار الموقع الثلاث بصورة واضحة في كل المربعات ، ولكن من خلال عمليات التصنيف العامة لموسمين من الحفر بالموقع يظهر هذا التقسيم للسمات النوعية لأطوار ثلاثة ، وهذا ما يقودنا إلي أن بالموقع تباين ثقافي لثلاث مراحل زمنية إن لم تكن هناك استمرارية ثقافية ! وبهذا يصبح الموقع مثيل ببعض المواقع التي كشفت عن أطوار ثقافية للفترات المتأخرة من ما قبل التاريخ مثل موقع القوز والجيلي (Arkell 1949, Canneva 1988).
تمخضت عن الدراسة التصنيفية للأدوات الحجرية لموسمين من التنقيب في الموقع سمات عامة عن السمات التقنية والنوعية للأدوات الحجرية بالموقع :
1-    يبدو أن وفرة المادة الخام بالمنطقة ساعدت على تنوع في التقنية والنوع في الأدوات الحجرية وكانت هناك صخور أساسية في صنع الأدوات الحجرية ، حيث صنعت معظم الفؤوس المصقولة بالصوان والاقنبرايت مثلما ارتبط المغور بالرويولايت.
2-    سادت في الموقع تقنية النصال بصفة عامة وكانت بقايا التقصيب والتشظية سمة ثانوية وقلت الأدوات المكتملة الصنع ، مع أن ما وجد منها صنع بدقة متناهية.
3-    على الرغم من ظهور معظم الأدوات الحجرية ذات أطراف حادة ومسننة كانت الأدوات المدببة أكثر ، وهذا ما يدل على نشاطين رئيسين بالموقع الأول الصيد لوجود الأدوات الحادة والثاني استغلال النبات والبيئة الغابية ودلت عليه أدوات المغور والمدببات كبيرة الحجم.
4-    وجدت المكاشط الكروية الكلاسيكية أكثر عدداً من بقية الأدوات ، فضلاً عن أن أنها تفوق وصيفاتها في المواقع الأخرى من ناحية كبر الحجم وتعدد الأطراف الحادة وتشابه المكاشط النوبية في شمال السودان (خصوصاً في بيوضة والليفلوازية في الشلال الرابع).
5-    العثور على بقايا تقصيب وتشظية بصورة مكثفة دليل على ورشة تصنيع داخلية وتؤكد ذلك الصخور الكبيرة بالموقع وفي الجانب الآخر مؤشر على تعدد وظائف الأدوات الحجرية في الصيد والقطع ولربما في الصناعات الدقيقة وصناعة الفخار.
6-    كشفت التنوعات في أدوات الصخور المثقوبة عن ثلاث أشكال لها منها الهراوة (كبيرة الحجم وخشنة) واختام الصيادي (صغيرة الحجم ومصقولة) والسوار كأداة زينة ، كما تنوعت أدوات الرحى في الحجم والملمس، وكل هذا يشير إلي تدرج في التقنية بالموقع يعكس عن تمرحل زمني وثقافي.
نتائج دراسة فخار موقع رتيج (الموسم الثاني 2014م):
جمعت من الموقع مادة أثرية كبيرة المحتوى من الفخار لدراستها بصورة متأنية وفق عدد من المتغيرات ودمج نتائج الدراسة مع المدروس سابقاً في الموسم الأول ، للخروج بفهم أشمل وأعمق عن الموقع حيث من المسلم به أن الفخار من أخصب البقايا الأثرية لدراسة المواقع الأثرية خصوصاً في المواقع التي تعود لما قبل التاريخ فضلاً عن أن من المتعارف عليه أن دراسة الفخار ذات أهمية قصوى وجوانب دراستها متعددة، ونكتفي في هذا المجال بمناقشة المحاور الأساسية للوصول إلي التطور التقني في صناعة الفخار في موقع رتيج، حتى نستخلص السمات المماثلة للمواقع الأخرى، والتي تعيننا في توريخ الموقع ، ومحاولة التعرف على السمات الفريدة وتتبع دلائل ظهورها بأنها ثقافة محلية في الموقع.( Mohammed-Ali & Susan. 1989:334) مع ربط نتائج هذا الموسم بالموسم السابق لوضع صورة عامة عن فخار الموقع.
تم استخلاص نتيجة عامة من خلال تصنيف الأدوات الحجرية وسياق الحفر الآثاري ، مفادها أن موقع رتيج يضم ثلاث آفاق ثقافية ، وأكدت ذلك دراسة الفخار ومتغيراته حيث كشفت الدراسة التحليلية عن فوارق كبيرة في فخار موقع رتيج يمكن حصرها في ثلاث أنواع رئيسية للفخار بناء على القشرة الخارجية ومادة الصنع ودرجة المتانة والتلميع الأول: فخار ذو سطح خشن وسميك وتطفو عليه زخارف الخطوط المموجة بأشكالها المختلفة مع القليل من النقاط المموجة ويبدو السمك والخشونة في الملمس واضحة وكثرة في شقف الفخار غير المزخرف وهو الفخار الذي كان أكثر وجوداً في طبقات الأفق المبكر (الأسفل) (لوحة رقم 13) وهذا النوع مثيل بفخار الخرطوم الباكرة ومواقع العصر الحجري الوسيط في منطقة الدامر (Haaland & Magid 1995:72). ومثلت النوع الثاني شقف الفخار ذات الزخارف المعقدة والمركزة على بدن الإناء وتميز بالسطح قليل الخشونة وجدت معظم عيناته في الطبقات السفلى واختلط بطبقات الحريق والاستيطان وهو مثيل بفخار الشهيناب وبعض مواقع العصر الحجري الحديث (Arkell 1953:81-197) كانت الزخارف المتعرجة (Rocker) بشقيها الخطوط والنقاط وبأشكالها المتنوعة هي الأكثر ظهوراً على هذا النوع الثاني بجانب بعض قطع الفخار غير المزخرف وذات الملمس الناعم (لوحة رقم 14).

فيما كان النوع الثالث ناعم الملمس ونحيف السمك وطفت عليه الزخارف الهندسية وزخارف المشط والخطوط الناعمة وبعض النقاط المتعرجة على أشكال هندسية وتميز بصفة عامة بالملمس الناعم والسطح الملمع وظهرت فيه السلطانيات صغيرة الحجم وذات الفم المفتوح (لوحة رقم 15) حيث وجدت منه أواني مكتملة الصنع في المقابر كأثاث جنائزي تميزت بالفم المفتوح والسلطانيات صغيرة الحجم وهو شبيه بفخار مواقع العصر الحجري الحديث المتأخر مواقع الكدادة والصور وقلعة شنان في منطقة شندي ، حيث وجدت عليه بعض الزخارف من الخطوط المموجة وزخرفة الحافة السوداء التي تبدي تماثلاً لهذا الموقع بمواقع فترة المجموعة (أ) وما قبل كرمة في شمال السودان. (Nordstroum.1972, Hongger.2004) وارتبط هذا النوع من الفخار بالأفق الأعلى ووجدت منه عينات على السطح وكانت العينات الناعمة المزخرفة وغير المزخرفة وذات السمك النحيل هي الأكثر ظهوراً ، ووجدت منه بعض العينات حمراء اللون وذات الحافة السوداء وكانت نادرة.
لوحة رقم (15) نماذج لفخار الأفق المتأخر (الفخار الناعم)

 علاوة على ذلك ركزت الدراسة التحليلية للفخار في الموقع على السطح ودرجة الحريق فقد كشفت عن تطور هذه الصناعة حيث تعددت أنواع الفخار على النحو التالي:-
1-    الفخار الصلب (Hard Coarse Ware) – وهو أكثر الأنواع انتشاراً، ويشابه فخار موقع شق الدود، فقط الاختلاف في درجة الصلابة، إذ يعتبر فخار موقع شق الدود أشد صلابة نسبة لوجود حبيبات حصوية وحبيبات الكواتزيت في تركيبة العجينة التي صنع منها الفخار. (Mohammed-Ali.1991:76). حيث تندر هذه الحبيبات في فخار موقع رتيج فقط بعض الحبيبات الرملية التي مزجت مع طينة سوداء، كما يقل في موقع رتيج الفخار المزركش الذي اشتهر في مواقع اقليم الخرطوم (Canneva.1993:77) ومثلت هذا النوع من الفخار عينات الأفق الأسفل والأوسط وتميز كذلك بالتنوع في الزخارف المموجة على شكل العريشة والكلاسيكية التموج.
2-    الفخار الهش أو القابل للكسر (Friable Coarse Ware) ووجد على نوعين أحدهما ناعم (Fine) وغير سميك وليست عليه صلابة واضحة وهو فخار الأفق الأخير ووجدت منه بعض السلطانيات ذات الفم المفتوح والثاني السميك الهش ذو الزخارف المتعرجة والنقاط المنحية على طول بدن الإناء ويمثل فخار الطور الأوسط الذي يشابه فخار الشهيناب، ويعتبر هذا النوع من الفخار أكثر انتشاراً في الطبقات العليا من موقع شق الدود وموقع الكدادة، ووجد في المستوى الأوسط والأعلى في موقع رتيج مما يعتبر دليل على ظهور بعض السمات التي لم تظهر في تلك المواقع، وهذا ما يشير إلي تغير في تقنيته المحلية. (Mohammed-Ali.1991:74).
3-    وجد نوع من الفخار متوسط السمك وملمع على السطح الخارجي وهو فخار أحمر اللون وبعضه بني وتندر فيه الشقف السوداء وهو نادر وجد في المستوى الأول ووجدت له بعض النماذج في المستوى الثاني وكانت خشنة الملمس وسميكة وأكثر ما ميز هذا النوع ندرة الزخرفة والتي وجد منها كان مزخرف على الحافة أو بعض المزخرف كامل وجدت زخرفته هندسية.
4-   هناك نوع من الفخار سميك وقابل للكسر ومعظمه غير مزخرف وجد أغلبه في المستوى الثالث الأسفل وهو مصنوع من الرمل الخشن وغير متماسك وكان أكثر ارتباطاً بسياق الأفق الثالث الأخير.
تشير الفوارق العامة بين أنواع الفخار إلي فوارق تقنية تعكس تمرحل زمني لصناعة الفخار في الموقع ، كما تشير كثرة قطع الفخار والعثور على أدوات تستخدم في تقنية زخرفة الفخار إلي وجود ورشة تصنيع محلية ، وهذا ما أشارت إلية كميات من أدوات فخارية دائرية الشكل (لوحة رقم 16) ذات جانب به طبعات نقاط كبيرة والجانب الآخر ناعم الملس يشير شكلها إلي أنها استخدمت في تلميع الفخار وتشكيل الزخارف على شكل ختم.
لوحة رقم (16) توضح نماذج من أدوات فخارية لزخرفة الخفار وتلميعه

 بجانب ذلك كشفت الحفريات عن وجود نوع من عظام التماسيح (alligator) بكثرة حيث عثر على عينة منها في حفريات الموسم الأول وعينتين في حفريات الموسم الثاني وهي ذات شكل به طبعات على شكل نقاط ومقبض على الظهر بجانب تلك الطبعات والوجه الخلفي ناعم الملمس ، فالشاهد في الأمر أنها استخدمت لتلميع الفخار وعمل زخارف النقاط على شكل طبعات (لوحة رقم 17).
    
لوحة رقم (17) نماذج لأدوات زخرفة الفخار صنعت من عظام الأسماك

المخلفات البيئية:
تم جمع عينات من بقايا بيئية كبيرة المحتوى انحصرت في العظام بكل احجامها والقواقع مع جمع تربة وترسيب العوالق فيها بالمياه وتمت الاستعانة بمتخصصين في علم الحيوان لوضع تبويب مبدئي لعظام الحيوانات، حيث مثلت البقايا البيئية أكثر أنواع السياق الأثري في الموقع يمكن حصرها في العظام الكبيرة بعضها محروق والبعض الآخر غير محروق تشير إلي عظام حيوانات برية كبيرة ، كما وجدت عظام حيوانات صغيرة بعضها عظام حيوانات مستألفة والبعض الآخر كانت عظام حيوانات برية ومثلت عظام الأسماك أكثر العظام تواجداً في المستويات الثلاث مع عينات لعظام حيوانات مائية أخرى من التمساح والسحالي، بجانب ذلك مثلت القواقع ثلاث أنواع منها الأصداف ذات الشكل الحلزوني (Pila Ouata) والأصداف ذات الشكل الكروي كبيرة الحجم (Etheria Elliptica) والأصداف ذات الشكل اللولبي (Limocoloria) (لوحة رقم 18) وجدت الأصداف في أماكن خاصة من الموقع ودائماً توجد بالقرب من التربة الداكنة وطبقات الحريق وحول الصخور الكبيرة حيث يدل ذلك إلي أنها استخدمت في الغالب العام في الغذاء وكانت بعضها من الأنواع التي تعيش في مياه الأنهار والبعض الآخر من الأنواع التي يمكن العثور عليها في الأودية والبحيرات الكبيرة، حيث وجدت منها بعض أنواع أدوات الزينة مثل الخرز المصنوع من الأصداف وقشر بيض النعام.
كما وجدت بعض العظام الصغيرة التي تشير إلي أنها لربما عظام طيور ، بعض العظام كان عليها آثار تشكيل أو أنه تم استخدامها كأداة في بعض الأغراض ومثلتها نوع من المخارز العظمية بعضها صغير وذو مقدمة مدببة ومؤخرة على شكل مقبض والبعض الآخر طويلة ومحددة على الجانبين (لوحة رقم (19) تماثل تلك الأداوت التي عثر عليها في الموسم الأول وهي شبيه ببعض الأدوات التي عثر عليها آركل في الخرطوم القديمة ، بجانب ذلك وجد عدد كبير من عظام الأسماك المحددة من الأمام والتي يبدو أنها استخدمت في بعض الأغراض مثل الصنانير العظمية.
لم توجد دلائل واضحة لبقايا نباتية فقط تمثلت في بعض الطبعات التي وجدت على الشقف الفخارية وأدوات الرحى بكميات كبيرة مما يدل على وجود جمع للنبات ولربما زراعة.
   


تمخضت عن دراسة المخلفات البيئية لموسمين من التنقيب في موقع رتيج، أن الصيد البري كان يمثل دعامة اقتصادية كبرى لسكان الموقع مع الصيد النهري الذي يمثل دعامة ثانية، وذلك ما أشار إليه التنوع في العظام ما بين عظام الأسماك الكبيرة والصغيرة مع عظام الحيوانات الصغيرة (لوحة رقم 20) في الجانب الآخر كانت عظام الحيوانات الكبيرة أكثر وجوداً مثل قرون الأبقار وعظامها ولا يمكن التكهن بأنها عظام أبقار برية أم مدجنة (لوحة رقم 21) ، غير أن أدوات الصيد النهري من الصنانير والأدوات العظمية أي تلك الأدوات التي عثر عليها في أغلب مواقع العصر الحجري الحديث في منطقة الخرطوم. (Haaland.1978:34) تندر في موقع رتيج مع أنه تظهر بقايا عظام الأسماك في طبقات الحفر وعلى السطح يشير إلي ممارسة إنسان المنطقة لهذا النمط من الصيد خصوصاً وأن الموقع قريب من النيل.

تنوعت هذه البقايا البيئية وشملت العظام ومخلفاتها وبعض مخلفات الأخشاب التي تعددت في الشكل والحجم منها بقايا أشجار كبيرة الحجم والبعض بقايا متفتتة من جذور النباتات الصغيرة وجمعت منها عينات كبيرة من الموسم بغرض الدراسة المتخصصة لكل على حده ، بجانب ذلك فقد وجدت أدوات الزينة في موقع رتيج بصورة كبيرة  حول المستويات الوسطى من طبقات الموقع وبعضها مرافق للهياكل العظمية ووجدت أكثر تنوعاً ما بين الخرز المتعدد الألوان والأشكال منه القطع الدائرية والاسطوانية والمتدرج في الحجم وبعض الخرز المصنوع من الأصداف، وأظهرت الحفريات بعض قطع أداة الشفة التي وجدت بصورة شائعة في مواقع الفترة المتأخرة من العصر الحجري الحديث في وسط السودان ووجدت نوع من الخرز كبير الحجم على شكل حلق مصنوع من قشر بيض النعام وبعض الخرز الذي صنع من الصخور ودائماً ما يوجد مرافق للمقابر.

المقابر:
أسفرت حفريات الموسم الأول عن تباين واضح في مقابر الفترات المتأخرة من ما قبل التاريخ مع تماثل في بعض جوانب المقبرة حيث وجدت أربعة مقابر مختلفة في الشكل والمحتوى وكشف هذا الموسم عن مقبرة واحدة ولكنها أكثر اختلافاً من مقابر الموسم الأول ، ووجدت في مكان يتوسط الموقع الأثري وأسفل الطبقات الاستيطانية ، بل قطع بعضها حيث امتدت طبقات الاستيطان حتى عمق 80 سم وبدأ بعدها شكل المربع في صورة تربة أصلية غير أن الركن الجنوبي الغربي تربته متفككة وذات لون مغاير وكانت التوقعات على أنها قطعت وبها سياق أثري بالداخل وهو ما كان عندما استمر الحفر فيها حتى  عمق 95 سم حيث ظهر الهيكل العظمي في حفرة دائرية استلزمت زيادة المربع تجاه الغرب والجنوب 30 سم ، حيث كان قطر الحفرة الدائرية 1.40 سم ووجد المتوفى يرقد على وضعية قرفصائية الرأس جهة الغرب ومتجه إلي الشمال والأرجل جهة الشرق (لوحة رقم 22) بالقرب من الرأس وجدت آنية فخارية صغيرة الحجم وبالقرب من الظهر وجدت آنية أخرى سلطانية كبيرة الحجم.
لوحة رقم (22) توضع العمق والشكل العام للمقبرة
كشفت عمليات الترميم للأواني الفخارية أنها أواني فخارية مثيلة بفخار العصر الحجري الحديث المتأخر ، وذلك لتطابق الآنية الفخارية بفخار موقعي الكدادة وقلعة شنان (Reinold 2008, Nassr 2012) حيث كانت صغيرة الحجم على شكل سلطانية وذات سمك نحيل من نوع الفخار الناعم جيد الصنع وملمع وعليها زخارف هندسية طفيفة على الحافة (لوحة رقم 23) والثانية وجدت من نوع السلطانيات الكبيرة ذات الفم المفتوح والسطح الناعم غير المزخرف (لوحة رقم 24) ششبيه بالسلطانيات ذات الفم المفتوح التي دفع بداخلها الأطفال في موقعي الكدادة والصور وقلعة شنان بمنطقة شندي (Geus 1984, Sadig 2010, Nassr 2012).

كما وضحت عمليات الرسم لبعض الشف الفخارية وجود هذا النوع من السلطانيات في الموقع بصورة كبيرة مع الاختلاف في الحجم (شكل رقم 5).


دلت هذه المقبرة على ارتباط الموقع بالدفن في الطور المتأخر من العصر الحجري الحديث وقد أشارت إلي ذلك سلفاً طبقات التربة التي قطع سياقها، وهو ما يؤكد احتواء الموقع على مستوطنة كبيرة وذات آفاق زمنية ، بجانب اذدهارها كمستوطنة مستقرة في الأفق الأخير من العصر الحجري الحديث وهو ما قد يسد فراغاً جغرافياً لتمدد مستوطنات العصر الحجري الحديث المتأخر بين منطقتي الخرطوم وشندي ، وما يطرح سؤالاً لتتبع السباب التي حجبتها من التطور دون أن تصل مرحلة المدنية وإلي أين ذهبت مجموعاتها السكنية.
موقع (SP07) أم مراحيك:
كشفت عمليات المسح الآثاري للموسم الأول عن موقع كبير الحجم إلي الغرب من جبال أم مراحيك ، وهو عبارة عن أكوام كروية الشكل تمتد في مساحة قرابة كيلو متر ، أجريت فيها عمليات مسح آثاري أولي مع وصف لأشكالها وقياسات للقطر وتوثيق للمقابر ، فالصورة العامة لهذه المقابر تبدو متنوعة في شكلها وأحجامها حيث تتراوح ما بين الكروي والدائري وهي الغالبة وتندر ذات الكوم ويتراوح قطر الكروية ما بين 17 – 9 متر والدائرية ما بين 13 – 8 متر وذات الكوم ما بين 9 – 6 متر وتنشر بصورة غير منتظمة من المنطقة المسطحة وحتى قمة الجبل وعلى أطراف الخيران (شكل رقم 6).
شكل رقم (6) صورة جوية لانتشار المقابر في الموقع

يبدو على حالة تلك المقابر أن بعضها ما زال محافظ على بنائه الفوقي والكثير منها تم تخريبه على فترات زمنية متباعدة كما تأثرت بنشاطات السكان الحاليين من المنشاءت المعمارية والبحث عن الذهب ، وبصورة عامة يشكل هذا الموقع أكبر مجمع للمقابر في الجزء الجنوبي من منطقة الامتياز ويبدو أنه هو الموقع الذي ذكرته أعمال هنتزا في المسح الآثاري لمنطقة البطانة وأشار اليه بأن موقع مقابر لفترة ما بعد مروي  (Hintze 1959:231) كما أشارت إليه المسوحات العامة للوحدة الفرنسية مع مصلحة الآثار السودانية في المسح الآثاري بين الخرطوم وشندي (Geus 1984:17) وأيضاً حدد بأنه وقع مقابر لفترة ما بعد مروي وكذلك تم رصده وتسجيلة في أبحاث الهيئة العامة للآثار والمتاحف في مشروع المسح الآثاري لسد السبلوقة كما ذكرته دراسات الباحث الراحل أمجد بشير على .
وجدت المقابر ذات الشكل الكبير في منتصف الموقع وبها نوعين ذات الشكل الدائري والبناء الفوقي على شكل كوم (لوحة رقم 25) وهي نادرة وتأثر بعضها بجرف عوامل التعرية والنشاطات البشرية.

لوحة رقم (25) توضح البناء الفوقي للمقابر الدائرية

والنوع الثاني لا يختلف كثيراً عن الأول فقط شكل البناء الفوقي كروي وتظهر عليه ظهور وضعت على شكل سور خارجي كروي الشكل ووسط الكوم وضعت عليه حبيبات الكوارتز (لوحة رقم 26).
  لوحة رقم (26) توضح المقابر المسطحة ذات البناء الفوقي على شكل سور من الصخور

وهناك نوع من المقابر صغيرة الحجم وعلى شكل كوم من الصخور ، أجريت عمليات وصف ورسم للمقابر في الموقع حيث خلصت الدراسات السطحية إلي أن المقابر بالموقع تتنوع إلي ثلاث أنواع منها كروية الشكل (oval) والكبيرة ذات الشكل الدائري (Tumuli) والصغيرة على شكل كوم (Kom) وهذه الأنواع الثلاث معروفه في مقابر فترة ما بعد مروي في السودان الأوسط (Eltayeb 2005, Geus 1984, Ahmed 1984).
 إن الغموض الذي يكتنف هذا النوع من المقابر بصورة عامة في السودان إضافة لما كشفته الأبحاث الآثارية حول التماثل في القبر من الخارج بين مروي وما بعدها ، كان هو دافع لتنقيب واحد من هذه المقابر للتعرف على ما بداخل القبر وربطه بالشكل الخارجي لوضع الموقع في ايطار فترة تاريخية محددة ومقارنة البناء الداخلي بالخارجي في الموقع والموقع مع المواقع المثيلة به في السودان.
فتم اختيار قبر كروي الشكل في منتصف الموقع وأجريت عليه عمليات مسح بجهاز المحطة الشاملة لتوثيقه قبل بداية الحفر الآثاري ، حيث كان قطره 7 x 7.5 متر ويرتفع عن محيطه حوالي 40 سم وتحيط به صخور على شكل دائري (لوحة رقم 27).

لوحة رقم (27) توضح المنظر العام للقبر الذي تم اختباره

درجت نشاطات الحفر الآثاري على تقسيم الطلاب إلي أربعة مجموعات ومن ثم تخطيط البناء الفوقي للقبر بنظام التربيع للتحكم في الحفر وتدريب الطلاب ومتابعة تغير التربة وطبقات الحفر لتحديد سياق البناء الفوقي من بداية شكل القبر الداخلي ، وبدأت هذه النشاطات بنظافة سطح القبر من حبيبات الحصا وبعض الصخور التي وجدت في غير موضعها حتى تتضح الصورة العامة لشكل القبر ومكونات بنائه الفوقي (لوحة رقم 28).
لوحة رقم (28) شكل القبر قبل بداية الحفر الآثاري

ومن ثم بدأ الحفر الآثاري بازالة كل 10 سم في كل ربع مع ترك فواصل بين كل ربع من المربع لاختبار القطاع والتركيز مع تغير التربة والبحث عن البناء الداخلي للقبر بصورة دقيقة ومتأنية ، حيث استمرت حفريات البناء حتى عمق 50 سم مع اختبار الشكل العام للقبر كل 10 سم (لوحة رقم 28).
لوحة رقم (28) توضح نظام التربيع في حفريات القبر

واستمرت الحفريات حتى عمق 70 سم حيث ظهرت (shaft) على شكل حدوة في الجزء الشمالي من الكوم العام للقبر بتربة مغايرة للون العام ، وكانت بطول (226) سم وعرض (80) سم وحدوة (147)  سم (لوحة رقم 29) وعندما استمرت فيها ظهرت غرفة الدفن جانبية (nich) بعد 127 سم عمق من سطح (chamber).
لوحة رقم (29) توضح شكل القبر الداخلي بعد الحفر وظهور غرفة الدفن

ظهرت غرفة الدفن جانبية في شكل صخور كبيرة الحجم وضعت على الجانب الجنوبي من البناء التحتي للقبر وتمت ازالة الصخور بعد توثيقها ورسمها وظهرت جدار الغرفة من خلال عمليات الحفر حيث وجد الهيكل العظمي بعد الحفر الجانبي بعمق (107) سم  وطول (105) سم وعرض (38) سم وكان الهيكل العظمي على وضعية القرفصاء (شكل رقم 7) ولم يتم العثور على أثاث جنائزي حيث أنه من خلال شكل غرفة الدفن الداخلية يبدو أن القبر قد تعرض لعمليات نهب في أوقات مبكرة ولربما نزع الأثاث الجنائزي إلي خارج القبر.
شكل رقم (7) يوضح القبر وغرفة الدفن الداخلية

من خلال هيكل القبر وتنظيماته الداخلية يبدو أنه لصيق الشبه بمقابر فترة ما بعد مروي ، تلك الفترة التي أعطتها الدراسات العديد من التسميات على شكل مستوطنات ودويلات حيث سميت بلانة وقسطل في شمال السودان وما بعد مروي في السودان الأوسط ، وهي أكثر شهرة حول محيط بقايا الحضارة المروية ، ويظهر ذلك من خلال تماثل القبر في شكله الخارجي مع مقابر هذه الفترة في منطقة البجراوية وقباتي (Edwards 2004:182) وتشابه الغرفة الداخلية ما تم الكشف عنه من مقابر لفترة ما بعد مروي حول منطقة الدامر والعالياب وموقع بعصه ، كما أنه مثيل بعض الشئ بمقابر الفترة المتأخرة من الحضارة المروية ، ورغم ذلك يقف عدم العثور على أثاث جنائزي عائقاً لضم الموقع لأي من الفترتين مروي المتأخرة وما بعد مروي ، فضلاً عن أن تعدد أشكال المقابر في الموقع مؤشر على تباين زمني أو ثقافي.
خلاصة الموسم الثاني:
خلصت الدراسات الأولية إلي أن منطقة السبلوقة ذات عمق ثقافي متدرج يضم في مدرجاته عدد من الفترات الثقافية منذ ما قبل التاريخ وحتى الفترة الاسلامية مع تجانس في بعض مواضع الآثار واختلاف في كمية الآثار وأماكن تواجدها ، ويظهر ذلك جلياً من نتائج المسح والتنقيب الآثاري للموسمين ، حيث أسفرت المسوحات الأثرية عن آثار لفترة العصر الحجري القديم الأوسط متمثلة في موقع جبل الدعول الذي كشف عن أدوات المدببات النوبية والنوى والمكاشط الكلاسيكية وذات الجانب الواحدمع بعض الشظايا المثيلة بأدوات العصر الحجري القديم الأوسط في صحراء بيوضة (Mosaj 2010:63).
كذلك اضافة حفريات الأكوام الكبيرة في موقع جبل أم مراحيك عن تمدد لآثار الفترة المروي المتأخرة جنوباًوفترة ما بعد مروي ، أما الحفريات في موقع رتيج فقد استمرت وكشفت عن ثلاث آفاق زمنية وثقافية بالموقع مثلتها ثلاث أنواع من السياق الأثري بمكوناته المختلفة وأكدته تنوع كل سياق من فخار وأدوات حجرية إلي ثلاث أنماط تطورية.
إن أكثر ما يميز السياق الأثري لهذا الموقع (رتيج) عن وصيفاته من مواقع ما قبل التاريخ المتأخر في السودان الأوسط هو احتوائه على فخار الخطوط المموجة بنوعين الأول خشن الملمس وهو ما يمثل فخار الخرطوم الباكرة والثاني عليه خطوط مموجة في شكل هندسي مع إنه ناعم الملمس وهو ما يشير إلي فخار عصر حجري حديث حيث تم مزج سمتين في صناعة فخارية واحدة زخرفة الخطوط وتلميع السطح بجانب ذلك ضم الموقع نوع من الفخار الناعم ونحيف السمك وذو حواف منحية وفم مفتوح وهو فخار كثير الوجود في طبقات الفترة المتأخرة من العصر الحجري الحديث في وسط السودان والعصر النحاسي في شمال السودان ، وما يشد من قوة افتراض استمرار الموقع بثلاث أطوار ثقافية هي نتائج دراسة الأدوات الحجرية التي يمكن أن نستخلص منها أن هناك ثلاث سمات تقنية مع عدد من السمات النوعية تنحصر في تقنية الأدوات الدقيقة المبكرة والتي صاحبت ثقافات الخرطوم الباكرة وتقنية النصال المشحوذة والمسننة الهندسية والتي وجدت منها أدوات القاوج وهي بالطبع تمثل فترة العصر الحجري الحديث (ثقافة الشهيناب) وكانت تقنية الأدوات المصقولة هي مؤشر لنهايات العصر الحجري الحديث والتي مثلتها الفؤوس المصقولة.
كما أن تعدد السياق الأثري الذي عكس تمرحل زمني وتدرج ثقافي ، كل ذلك يدل على تردد لمستوطنات فب فترات زمنية مختلفة في الموقع وبجانب آخر يعكس ذلك مدى جاذبية المنطقة لسكان الفترة المتأخرة من ما قبل التاريخ ، كذلك أوضحت حفريات هذا الموسم الطابع الثقافي أن سكان موقع رتيج خلال هذه الأطوار الثقافية قد صنعوا فخار بصورة رائعة وتفننوا في صنع الأدوات الحجرية وعكسوا ذلك في أثارهم وعلى وجه الخصوص في في الطور الثاني والثالث الذي وصلت فيه ثقافتهم مرحلة من التعقيد ، حيث أشارت محتوياتها إلي اختلافاً في كمية ونوعية المادة الأثرية ما الثقافة المبكرة والمتأخرة. كما أشارت هذه الحفريات إلي مدى التطور الثقافي الذي وصلت إليه هذه المستوطنة في الاقتصاد.
تجانست آثار هذه المجموعة السكانية مع بعض مجموعات العصر الحجري الحديث في السودان الأوسط ، الأمر الذي أشار إلي وجود علاقات وتبادل ثقافي بين مجموعات هذا العصر كما أن تباين آثار هذا الموقع مع تلك المواقع عكس نوعاً من التكيفات الاقليمية لمنطقة السبلوقة عن بقية أنحاء السودان خلال مراحل الهولوسين الوسطى والمتأخرة.
وفي المقابل دمجت نتائج دراسات الموسم الأول مع حصيلة هذا الموسم وخرجت الدراسة بأهمية الموقع الذي يمثل أطوار ثقافية مختلفة في منطقة واحدة ، إن لم يكن استمرارية ثقافية وقد أجابت الدراسات الأولية على بعض الأسئلة التي طرحتها حفريات الموسم السابق كما طرحت هذه الحفريات بعض الأسئلة التي يجب على الدراسات التالية الحفر من أجل الأجابة عليها ، وهي تكمن في مدى تمدد ثقافة هذه الأطوار الثلاث في الموقع كماً لتعكس تقديراً للكثافة السكانية بالموقع مع التقصي حول السمات العامة للأوجه المفصلية ما بين كل طور ولماذا ؟ ، أما أن قلة الأدوات العظمية وعدم ظهور التماثيل الأنثوية هو أمر غامض هل لم تكن هذه المجموعة تمارس هذا النوع من الصناعات أم أن قلة الحفريات هو سبب في عدم العثور عليها. وهناك سؤال ما زال يراود مكانه ما هو السبب الذي حجب هذه القرية دون أن تصل إلي مدينة وحجمها عن التطور خلال العصر البرونزي وإلي أين اتجهت هذه المجموعة بعد العصر الحجري الحديث وما علاقتها بتلك المجموعات التي كونت العصر النحاسي في شمال السودان والعصر البرونزي.
كما أن مسألة الاستمرار الثقافي لهذه المجموعة من الطور الأول حتى الطور الأخير هو أمر غامض ولا يمكن الاصفاح عنه الا بالتواريخ الراديوكربونية ، للإجابة على سؤال الاستقرار في الموقع منذ العصر الحجري الوسيط وحتى نهايات الحديث وهو ما درجت حفريات هذا الموسم لأخذ عينات لتوريخها خراج السودان ، كذلك إن وجدت استمرارية في الموقع يصبح البحث عن لماذا الاستمرارية وهل كانت فترات تحركات إلي مناطق بعينها ثم العودة فيما يعني استيطان موسمي والبحث عن علاقات التبادل الثقافي وكيف كان ما بين غرب النيل وشرقه ومنطقة الخرطوم وشندي وهو ما يحتاج لمسوحات بصورة أوسع وأشمل في سبيل الكشف عن الغموض الذي كان وما زال يلازم أبحاث الفترة المتأخرة من ما قبل التاريخ في وسط السودان.
أخيراً إن العثور على مقابر بداخل المستوطنة يوضح اختلاف في طبيعة النشاط عليها ، واستغلالها في فترات زمنية متعاقبة بأغراض متباينة وخصوصاً إن العثور على عدد من مقابر العصر الحجري الحديث المتأخر بالموقع دليل على استقرار مجموعات للموقع.
المراجع والمصادر:
1.    خالد. أمجد بشير على . 2013م. أنماط الاستيطان البشري القديم في المنطقة ما بين الجيلي وحجر العسل. رسالة ماجستير غير منشورة. جامعة شندي.
2.    نصر. أحمد حامد. 2011م نتائج حفريات جامعة شندي في موقع قلعة شنان. مجلة جامعة شندي – العدد العاشر يناير 2011م. ص 85 – 113.
3.    نصر. أحمد حامد. 2013م. تقرير عن حفريات الموسم الأول في منطقة السبلوقة. قسم الآثار ، جامعة النيلين.

4.    Almond, D. and Ahmed, F, 1993. Field Guids to the Geology of the Sabalka inlier, central Sudan. First Published. Khartoum University. Sudan.
1.     

2.    Arkell, A.j. 1949 . Early Khartoum. London: Oxford University press.
3.    Arkell, A. J. 1953. Shaheinab. London: Oxford University press.
4.    Caneva, I. 1993. Report on the 1991 Campaign of Excavation. The Italian Mission for Prehistoric Research in Egypt and the Sudan: surveys and Excavation in the Khartoum province 1970 – 1989. Kush, Vol xvi. Khartoum. PP 74 – 97.
5.    Crawford, J.W. 1964. the Fung king Dom of Sennar, Oxford University, Oxford.
6.    Edwards, N. 1989. Archaeology and Settlement in Upper Nubia in the 1 st Millennium A.D. Cambridge Monographs in African Archaeology 36. B,A.R . SA 537.
7.    Dawoud, A. S. and Sadig, A. 1988, “Structural and Gravity Evidence for an Uplifted Pan – African granite Teurain in the Sabloka Inlier, Sudan”, Journal of African Earth Sciences. 516. 7: 789 – 794.
8.    Edwards, N. 1998. Sudan Archaeology Research society publication Numbers GABATI. Ameroitic past, Meroitic and Medieval cemetery in central Sudan. Volume 1 by SARS .London.
9.    El-Tayeb, M. & Elzabiet, K. 2005 .Burial Tradition on the Right bank of the Nile in the Fourth cataract Region. Gdansk Archaeological Museum African Report. Volume  4. 51 – 73.
10.                       Geus, F. 1984. Recuing Sudan’s Ancient Culture. Khartoum: French Unit of the Directorate General of Antiq uities and National Museums of the Sudan.
11.                       Haaland. R. 1987. “Problems in the Mesolithic and Neolithic Culture-history in the Central Nile Valley, Sudan”. In: Hagg. T. (ed.). Nubian Culture Past and Present. Main papers presented at the Sixth International Conference for Nubian Studies in Uppsala 11-16 August 1986. Uppsala. 47-74.
12.                       Haaland, R. & Anwer. M. 1995. aqualithic sites along the River Nile and Atbara. Sudan. Bergin: Alma Mater Press.
13.                       Hinze, F. 1959. “Preliminary Report of the Butana Expedition”, 1958, Kush, 7: 96 – 171.
14.                       Honegger. M. 2004. “The Pre-Kerma: a cultural group from Upper Nubia prior to the Kerma civilisatoin. Sudan and Nubia. The Sudan Archaeological Research Society, Bulletin 8. 38-46.
15.                       Krzyzaniak. L. 1992. «The Later Prehistory of the Upper (Main) Nile: Comments on the Current State of the Research». In: Klees F.and Kuper R. (eds): New Light on the Northeast African Past, Köln: Heinrich-Barth Institut. 241-248.
16.                       Marks. A.E. and Mohammed-Ali. A. 1991. The Mesolithic and Neolithic of Shaqadud, Sudan. Dallas: Southern Methodist University Press.
17.                       Mohammed-Ali & Susan. E. J. 1989, The early ceramics of the Eastern Butana (Sudan) ‘ late prehistory of the Nile Basin and the Sahara poznan. 232 – 247.
18.                       Masojć, Mirosław. 2010. First note on the discovery of a stratified Palaeolithic site from the Bayuda Desert (N-Sudan) within MAG concession. Aus der Archäologie. Berlin.
19.                       Nassr. H. Ahmed. 2012.”Qalaat Shanan: large Neolithic site in Shendi Town. Sudan & Nubia. The Sudan Archaeological Research Society, Bulletin No. 16: 8-13.
20.                       Nordström. H.A. 1972. Neolithic and A-group Sites. The Scandinavian Joint Expedition to Sudanese Nubia. Upsalla: Scandinavian University Books.
21.                       Reinold. J. 2008. La nécropole néolithique d’el-Kadada au Soudan Central - Volume I Les cimetières A et B (NE-36-O/3-V-2 et NE-36-O/3-V-3) du kôm principal. Editions Recherche sur les Civilisations (ERC) ; CULTURESFRANCE (ex ADPF et AFAA).
22.                       Sadig. A.M. 2005. “Es-Sour: a Late Neolithic site near Meroe”. Sudan and Nubia. The Sudan Archaeological Research Society, Bulletin No. 9: 40-46.
23.                       Sadig, M. A. 2010. The Neolithic of the Middle Nile Region, An Archaeology of central Sudan and Nubia. Kampala.
24.                       Sadig, M. A. 2012. Chronology and Cultural development of the Sudanese Neolithic. In Wein.2012 .BEITRÄGE ZUR SUDANFORSCHUNG 11. 137- 184.
25.                       Sadig, A. And Almound, D. C 1974. “A Gravity study of the Sabloka Igneuous Compex, Sudan”, Journal of the Geological Society. 130 – 3.
26.                       Sukova, L. V 2011. Gearchaeological Resarch in the area of sablaoka andsixth nile cataract (ferbruary 17 – 26, 2011) Detailed Archacology report”, Unpublished filed work report for NCAM.