Thursday, December 27, 2012

تقرير موجز عن فعاليات المؤتمر الدولي الأول لعصور ما قبل التاريخ في الوطن العربي

تمت الدعوة إلي هذا المؤتمر عبر المواقع الالكترونية المهتمة بالآثار ومن ثم تنظيم مواقع الاتصال باللجنة وهي عبارة عن مبادرة ظهرت لأول مرة من قبل أساتذة جامعة القاهرة كلية الآثار وقد عمموا هذه الفكرة وتم تدويلها لمدة شهور ونظم من قبل الجامعة في مقرها.

بدأت فعاليات المؤتمر في يوم السبت الموافق 15 ديسمبر 2012م بمقر البحوث والدراسات – جامعة القاهرة وكانت الجلسة الافتتاحية بها كلمة السيد مدير الجامعة وترحيبه بالأستاذة الأشقاء العرب وكذلك عميد كلية الآثار ورئيس قسم آثار ما قبل التاريخ ورئيس المؤتمر ولجنة المؤتمر ومن ثم كانت هناك لفتة بارعة من لجنة المؤتمر حيث قاموا بتكريم عدد من الأساتذة العرب الأجلاء الذين أفنوا عمرهم في تطوير علم الآثار في الوطن العربي وكان في مقدمتهم البروفيسور الراحل السوداني أسامة عبد الرحمن النور وعدد من الأساتذة من دولة مصر والمغرب والعراق.


شاركت في هذا المؤتمر حوالي أربعين ورقة علمية محكمة من أقطار الوطن العربي باللغتين العربية والانجليزية في شتى مجالات علم آثار ما قبل التاريخ وكانت مشاركة السودانيين بثلاث أوراق علمية ورقة للبروفيسور يوسف مختار الأمين/ جامعة الملك سعود بعنوان تدريس ما قبل التاريخ في الوطن العربي أشكالية المفهوم والمصطلح.

 وورقة للأستاذ محمد الفاتح حياتي/ جامعة الخرطوم بعنوان انتشار ثقافة العصر الحجري الوسيط شمال النيل الأزرق.

وشاركت بورقة بعنوان التماثل والتباين في مقابر العصر الحجري الحديث ومحتوياتها في السودان حالة دراسة موقع قلعة شنان.
كانت الورقة في اليوم الثاني من المؤتمر في الجلسة الصباحية ومن حسن الحظ كان الحضور كبيراً وجماً متوافداً فتحدثت الورقة عن طبيعة القبر في فترة العصر الحجري الحديث في العالم مع شرح لمفهوم العصر الحجري الحديث وشرح مفصل لأنواع مقابر العصر الحجري الحديث في السودان وتاريخ اكتشافها وذلك من خلال البحث حول محتويات القبر كقضية وتقصي جذور هذه القضية بفرضيات علمية والتوصل إلي نتائجها من خلال حفريات جامعة شندي في موقع قلعة شنان.

حيث تم تفصيل مقابر العصر الحجري الحديث في السودان إلي أنواع حسب العمر والنوع والأثاث الجنائزي ومنها تم التوصل إلي سمات عامة لطبيعة القبر ومحتوياته في فترة العصر الحجري الحديث والممارسات الجنائزية  وتم الاستعانة في الشرح والتوضيح بنتائج حريات تدريب طلابنا في موقع قلعة شنان واسقاط السمات المشتركة فيما بينها وبني بقية مواقع العصر الحجري الحديث في السودان لتوضيح رؤية كاملة عن مفهوم مقابر العصر الحجري الحديث في السودان ، كما تمت مقارنة نتائج الدراسة بما خرجت به بعض الدراسات في الوطن العربي ومنا تم التوصل إلي أن السودان انفرد ببعض السمات الثقافية منذ ما قبل التاريخ ولا سيما وأن مستوطنات منطقة شندي في تلك الفترة كان لها طابع محلي انفردت به عن بقية مواقع الفترة في السودان وألقت الورقة بصورة غير مباشرة الضوء على تطورات علم آثار ما قبل التاريخ في السودان وعلى وجه الدقة في جامعة شندي ونظامها في تأهيل طلاب قسم الآثار والمتاحف.

 هذا وقد وجدت هذه الدراسة قبولاً واسعاً بين وسط علماء ما قبل التاريخ في الوطن العربي وحظيت بمناقشة واسعة استقرت زمناً طويلاً حيث عقب عليها عميد كلية الآثار جامعة القاهرة ورئيس المؤتمر والبروفيسور يوسف الأمين وبعض الأساتذة وأشادوا بمنهجها وأسلوبها وأنها ناقشت قضية جدلية في حوجة إليها وشكروا جامعة شندي ومدرسة علم الآثار في السودان وأوصوا بالمواصلة في هذه الحفريات وهذا المنهج مع تطوير آليات الحفر الآثاري والاستعانة بالمعامل الحديثة في هذا المجال.
استمر المحفل العلمي لأربعة أيام في تقديم الأوراق العلمية ومناقشتها ومن ثم تخللت برنامج المؤتمر زيارات علمية استقرقت يومين كانت الرحلة الأولى لمواقع ما قبل التاريخ في منطقة الفيوم الصحراء الغربية ومواقع الواحات والبحيرات القديمة لزيارة بعض الحفريات التي كشفت عن بقايا عظمية لحيتان وأسماك وتماسيح يبلغ عمرها 40 مليون سنة مع زيارة لمواقع الفيوم التي تعود للعصر الحجري الحديث وكان اليوم السادس زيارة للمواقع الأثرية في منطقة القاهرة من الجيزة والمعابد اليهودية والكنائس والقلاع الاسلامية والمساجد ونظمت مائدة مستديرة حول مستقبل علم آثار ما قبل التاريخ وخرجت بالعديد من التوصيات المثمرة:
الجزء الأول من تلك التوصيات يتعلق باتفاقية التراث العالمي لحفظ وصيانة آثار ما قبل التاريخ في الوطن العربي حيث نصت على أهمية السعى لإدراج مواقع ما قبل التاريخ والحضارات المبكرة ذات القيمة العالمية الاستثنائية على القائمة التمهيدية والعمل على إعداد ملفات الترشيح لإدراجها على قائمة التراث العالمى، والتأكيد على التنسيق والتعاون بين الدول العربية والعمل على إدراج مواقع ما قبل التاريخ ذات القيمة الاستثنائية الممتدة بين الدول العربية على القائمة التمهيدية بشكل مشترك ومن ثم رفعها لمنطقة اليونسكو.
الجزء الثاني من تلك التوصيات يتعلق بالبحث والتنسيق بين الدول العربية فى مجال حماية مواقع ما قبل التاريخ وفجر الحضارات فى المنطقة العربية ، حيث نصت على أهمية تشجيع الجامعات والمعاهد المتخصصة فى الوطن العربى على التركيز على وضع برامج للدارسين فى فترات ما قبل التاريخ وفجر الحضارات ، وضرورة الاهتمام بتدريس عصور ما قبل التاريخ فى كليات الآثار كمادة أساسية منفصلة عن مواد الآثار على مدار الأربعة أعوام مع العمل على وجود قسم مستقل بآثار ما قبل التاريخ في جامعة أو كلية في الوطن العربي تدرس الآثار ، والذى يعد أحد أهم فروع علم الآثار ، الذي لا يزال يخفى الكثير من أسراره حتى الآن ، وهذا الأمر يتطلب تشجيع الطلاب على التخصص فى دراسة ما قبل التاريخ ، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالإدارة العامة لآثار ما قبل التاريخ التابعة لوزارة الآثار والعمل على جعلها إدارة مركزية لآثار ما قبل التاريخ يتبعها إدارات فرعية فى المحافظات أو الولايات ، مع الترحيب بتشجيع الاتفاقيات بين أقسام الآثار فى الجامعات العربية والبعثات الأثرية للمشاركة فى العمل الأثرى التابع لوزارات الآثار في الوطن العربي ، وتم التوصية بمقترح إصدار مجلة متخصصة لها صفة العالمية تنشر أبحاث عصور ما قبل التاريخ.
البحث عن إيجاد آلية خاصة لتوحيد المصطلحات العلمية المتعلقة بحقل آثار ما قبل التاريخ ومسمياتها المختلفة ، مع إيجاد الوسائل المجدية لجذب الكوادر الوطنية وحثهم على التخصص فى ميدان عصور ما قبل التاريخ وفجر الحضارات لكى تصبح قيادات المستقبل فى هذا المجال في الوطن العربي ، مع مواصلة العمل لمناشدة قطاعات التربية فى الوطن العربى لإدراج برامج توعية بآثار ما قبل التاريخ لمناهج التعليم المختلفة ، مع السعى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع المؤتمر على خريطة المؤتمرات الدولية وإعطائه الشرعية برعاية جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو ، إلى جانب العمل على توثيق فكرة هذا المؤتمر وفعالياته باعتباره أول مؤتمر من نوعه يبحث فى عصور ما قبل التاريخ بمختلف بلدان الوطن العربى.
أكدت لجنة المؤتمر في الجلسة الختامية على أهمية جميع التوصيات التي خرجت بها المائدة المستديرة ، والتى جاء على رأسها ضرورة إنشاء وحدة ذات طابع خاص تحت مسمى "مركز دراسات عصور ما قبل التاريخ فى العالم العربى تهدف إلى إذكاء روح البحث العلمى فى مجال علم ما قبل التاريخ ، كما تسهم الوحدة فى التعريف بمفهوم عصور ما قبل التاريخ وتعمل على إصدار موسوعة معجمية للمصطلحات العلمية للمسميات المرتبطة بعلم ما قبل التاريخ ، إضافة إلى تنشيط حركة التأليف والترجمة المرتبطتان بهذا العلم وشتى مجالاته لمواكبة تطور العلوم والمعارف ، إلى جانب التواصل بين الدارسين والباحثين والمتخصصين فى دراسات عصور ما قبل التاريخ فى الوطن العربى أولا والعالم ثانياً ، والعمل على تشكيل بعثات علمية عربية مشتركة للحفر والتنقيب عن مواقع آثار ما قبل التاريخ وتشكيل لجنة علمية لها من كافة أقطار العالم العربى العمل ، والتأكيد على التعاون بين مختلف الوزارات والهيئات فى الوطن العربى للعمل على توفير ميزانية كافية لعمل تلك البعثات الحفرية ، كما تتولى هذه الوحدة تنظيم المعارض الأثرية المشتركة والمؤقتة حول عصور ما قبل التاريخ بمختلف أقطار العالم العربى والاتصال بالقنوات الداعمة للتبادل العلمى فى مجالات البحوث ومختلف المراكز والمؤسسات العلمية العربية والعالمية المعنية بهذا المجال.
كذلك إعداد برنامج مشترك بين الجامعات العربية لتدريس مقررات خاصة لعصور ما قبل التاريخ فى مرحلة الدراسات العليا ومرحلة البكالويوس ، وتشكيل مجلس إدارة للمؤتمر للعمل على استمرارية انعقاده وتطوير فعالياته العمل على توثيق فكرة هذا المؤتمر وفعالياته باعتباره أول مؤتمر يبحث فى عصور ما قبل التاريخ فى الوطن العربى ، مع الإشهار المدروس إعلاميا على شبكة المعلومات الدولية ، وأن يكون المقرر الرئيسى للمؤتمر فى جامعة القاهرة تقديراً ، لأنها المبادرة لعقد مؤتمر متخصص فى دراسات عصور ما قبل التاريخ وتشكيل مجلس إدارة من كلية الآثار – جامعة القاهرة لمتابعة مستقبل المؤتمر وتطوير فعالياته.
ومن التوصيات السعى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع المؤتمر على خريطة المؤتمرات الدولية وإعطائه الشرعية برعاية جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو على أن يعقد المؤتمر دورياً ، ويدعى لانعقاده كل سنتين مرة فى بادئ الأمر ، وإذا ما رأى القائمون عليه أن يعقد كل ثلاث سنوات مرة فلا مانع من ذلك.
كما يجوز إقامة المؤتمر فى أى بلد عربى شقيق راغب فى انعقاده مع تكوين لجنة وطنية للإشراف عليه بالتنسيق مع مجلس الإدارة بدولة المقر، وتنظيم المعارض الأثرية المشتركة والمؤقتة حول عصور ما قبل التاريخ فى العالم العربى. والاهتمام بتدريس عصور ما قبل التاريخ فى كليات الآثار كمادة أساسية منفصلة عن مواد الآثار وعلى مدار الأربعة أعوام مع العمل على وجود قسم آثار ما قبل التاريخ مستقل. والاهتمام بالإدارة العامة لآثار ما قبل التاريخ الموجودة بوزارة الدولة لشئون الآثار والعمل على جعلها إدارة مركزية لآثار ما قبل التاريخ يتبعها إدارات فرعية فى المحافظات، والعمل بالتعاون مع وزارات وهيئات ومديريات الآثار فى الوطن العربى على توفير ميزانية كافية لعمل حفائر فى مناطق ما قبل التاريخ، وإعادة النظر فى مصطلح ما قبل التاريخ والعمل على توحيد المصطلحات العلمية الخاصة بعصور ما قبل التاريخ وإصدار مجلة متخصصة ، ومحكمة ، ولها صفة العالمية فى نشر أبحاث عصور ما قبل التاريخ.
إعداد برنامج مشترك بين الجامعات العربية لتدريس مقررات خاصة لعصور ما قبل التاريخ فى مرحلة الدراسات العليا ومرحلة البكالوريوس ، وتشجيع الاتفاقيات بين كليات أو أقسام الآثار فى الجامعات العربية والبعثات الأثرية للمشاركة فى العمل الأثرى التابعة لوزارة الآثار ، تشجيع الطلاب على التخصص فى دراسة ما قبل التاريخ. وتشكيل مجلس إدارة للمؤتمر للعمل على استمرارية انعقاده وتطوير فعالياته برئاسة الدكتور محمد حمزة عميد كلية الآثار جامعة القاهرة والعمل بكل ما يمكن على جعل هذه التوصيات على أرض الواقع وتنفيذها على الفور حتى تجد آثار ما قبل التاريخ الضوء في الوطن العربي.
----- وفي الجلسة الختامية قدمت بعض الجوائز للأساتذة  وكان نصيبي جائزة أفضل بحث في البحوث المقدمة بالمؤتمر ولسؤ الحظ لم أكن حضوراً لترتيبات تخص السفر وتكفلوا الأخوة في لجنة المؤتمر بإرسال الدرع والشهادة قريباً بإذن الله....... 

هكذا كانت فعاليات هذا المؤتمر نقطة تحول في دراستي لآثار ما قبل التاريخ وبوابة جديدة للدخول بهذا العلم في الوطن العربي ومتحفة بمعرفة هذا العالم ذو التاريخ الضارب في القدم وآمل أن توسع مداركنا في هذا المجال وتفتح لنا آفاقاً أرحب في دراسته. وقد جمعتني بمستويات رفيعة في مجال علم آثار ما قبل التاريخ وزادت أفق معرفتي بالعالم العربي وما يكتنزة من موروث ثقافي.

No comments:

Post a Comment