Sunday, September 29, 2013

مقرر الإنسان القديم وثقافته في العصور الحجرية - الفصل الدراسي الأول - قسم الآثار - جامعة النيلين

هذا الملخص يحتوي على مواضيع ومفردات المقرر الرئيسية - على الطلاب الاستعانه به مع ما سجلوه من خلال المحاضرات ومحاولة تلخيص كل موضوع لجمع مادة كافية عن المقرر. والله ولي التوفيق.

محتويات مقرر الإنسان القديم وثقافته
1-    ثقافة الإنسان وتعريف علم الآثار لها
2-   نشؤ الثقافة الإنسانية       
3-  اكتشاف ماضي إفريقيا.
4-  علم الآثار الإفريقية.
5-    نظرية التطور والانتخاب الطبيعي.
6-  العصور الجيولوجية.
7-  أقدم المكتشفات الشرق إفريقية.
8-  أولدفاي وكوبي فورا.
9-  الأحفورات المبكرة للبشريات.
10-                    الإنسان المبكر (بشريات وآدميات).
11-                    الصناع المبكرون للأدوات.
12-                    اللغات وانتشارها في إفريقيا.
13-                    مراحل تطور المجتمعات  البدائية.
14-                    العلاقات الاجتماعية المبكرة وتطورها
15-                    النظم الاجتماعية للثقافات .
16-                    الفن والدين عند الإنسان البدائي.
17-                    النظريات العرقية والتاريخ النوبي.
18-                    الثقافة النوبية (الكوشية).
19-                    المراجع والمصادر.












                                     ثقافة الإنسان وتعريف علم الآثار لها
كانت وما زالت الأهداف الرئيسية لعلم الآثار هي التعرف والإلمام بثقافة الإنسان من ظهور البشر وكيفية تغيرها من فترة إلي أخرى ووحداتها ومكوناتها وتطورها، وللوصول إلي هذا الهدف السامي في حد ذاته استخدم باحثو الآثار عدد من المناهج والتفاسير لمفهوم الثقافة نفسها، ولهذا اختلفت تعاريف الباحثين لكلمة ثقافة وتغير هذا التعريف بتطور علم الآثار نفسه، وكان أول من استخدم كلمة ثقافة هو الألماني اللغوي جستاف كوسينا (Gustaf Cossina) وأول من أدخلها في علم الإجتماع هو ادوارد تايلور (Edward Tylour )  وعرفها بأنها هي الكل المعقد الذي يضم المعرفة – العقيدة – الأخلاق والفن والقانون وأي مقدرات أخري يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع ويقول البروفيسور روبرت ريد فيلد ( R. Red Field) أن الثقافة هي المجموعة الكاملة من القوانين والإعتقادات والمفاهيم  التى تعيش بها مجموعة من البشر، والتي تنعكس في كل ما تفعله من فنون، كما عرفها كلاكهون (Kluchonn)  فيقول نقصد بالثقافة جميع مخططات الحياة التى تكونت علي مدي التاريخ، بما في ذلك المخططات الضمنية والصحية ، والعقلية واللاعقلية، وهي توجد في أي وقت كموجهات لسلوك الإنسان عند الحاجة .
ونجد أن مضمون الثقافة عند علماء الآنثربولوجيا يشمل التكنولوجيا ، الاقتصاد – التنظيم الاجتماعي، الدين ، الثقافة ، الرمزية ، اللغة والفنون، أما في علم الآثار فتعني الطرق والسبل والأدوات التي استخدمها الإنسان لكي يتكيف مع البيئة المحيطة به، وبالتالي هي تكيف الإنسان مع بيئته وقد ظهرت دراسة الثقافة في علم الآثار خلال القرن التاسع عشر الميلادي، علي الرغم من إن الدراسات القديمة تحدثت عن ثقافة الأمم بصور عديدة فنجد مثلاً الحكيم الصيني كونفوشيوس تحدث عن تغير الثقافة واثر البيئة فيها، كما تحدث ايضاَ فلاسفة الإغريق والرومان وفي العصور الوسطي تحدث فلاسفة العرب عن ذلك مثل بن خلدون الذي علل استمرار الظواهر الثقافية بعلل نفسية.
ويعتبر الفضل في تعريف كلمة ثقافة في علم الاثار يرجع للآثارى البريطاني – الأسترالى الأصل جوردون تشايلد (Gordan childe)  الذي تناول ماهية الثقافة وكيفية نشؤها وانتشارها وإنها تعني كل ما خلفه الإنسان من أدوات استعان بها في التكيف مع البيئة وهذه الأدوات أو المعثورات(Artifacts)  تشمل الصناعات الحجرية والعظيمة وما خلفه الإنسان من منازل وغيرها ، وقد ذكر تشايلد تعريفه الأول لمفهوم الثقافة في كتابة(Man Makes him self1936)  و كتابه (What happened in histry 1942) وعلي الأخص في كتابة الأخير حيث لخص جايلد مفهومه للثقافة الإنسانية والتي وضع لبناتها في كتابة الأول ، يقول جايلد أن الثقافة هي تكرار اقتران مجموعة من الأدوات التي صنعها الإنسان من موقع أو عدة مواقع، بمعني أن التكيف بمختلف أنواعه يمكن تمييزه من خلال الأدوات المختلفة التي يستخدمها أفراد المجموعة بصوره عادية .
وقد عرفت الثقافة بأنها وحدة تجريدية تعني تجمعات متماثلة من المعثورات أو الأدوات التى عثر عليها في مواقع مختلفة معروفه بمدي زماني ومكاني وثيق.

واتخذ العلماء عدد من السمات تنحصر كلها في أن كل ما صنعه الإنسان القديم لغرض محدد هو نشاط ثقافي وتنتقل هذه السمات من جيل إلي آخر بمعني يتوارثها الإفراد وهذا يعني أيضاً أن الثقافة تتميز بالاستمرارية وقابلة للتغيير والتعديل وفق ما يطرأ على المجتمع من عوامل وظروف خاصة تميزه عن غيره من المجتمعات الأخري .
كما أن الثقافة تنتقل عن طريق الإكتساب والتعلم (المران) وقد أصبحت مناهج عند ادراك العلماء أن الإنسان قد تطور وتطورت حياته من البساطة إلي التعقيد وبالتالي كانت دراسة وتتبع ذلك التطور أمر واجب حتى يتسير لباحثي علم الآثار فهم السلوك البشري عبر مراحل النشؤ الثقافية .
إن تصنيف المادة الأثرية إلي مجموعات صعبة بالنسبة لمواد ما قبل التاريخ وذلك لأننا نادراً ما ندرك الأغراض التي صنعت من أجلها أدوات بعينها كما أن هنالك صعوبة في التمييز بين التنوع الناتج عن اختلاف الوظيفة، أو عن تقليد اسلوبي إضافة أن مجتمعاً معيناً قد ينشغل بأنماط حياة مميزة، في حالات على أسس فصلية ولربما في مناطق وبيئات منعزلة، ومن ثم قد تمثل المجموعات الأثرية المتباينة نشاطات مختلفة لمجموعة واحدة، ومن جانب ثاني لربما موضوعات معينة واساليب محددة للثقافة المادية بامكانها أن تؤدي وظيفة رمزية عبر ارتباطها بمجتمع معين أو جزء من المجتمع.


                          نشؤ الثقافة الإنسانية       
على الرغم من تباين تعاريف الثقافة لكن هناك اتفاق عام على الثقافة هي الوحدات الثقافية الإنسانية التي تمثل مجموعات محدودة بمخلفاتها المميزة، فهي المخلفات التي تنتج عن استخدام الإنسان في تلك الوحدة للأدوات والمعدات بغرض تأقلم المجموعات البشرية مع بيئتها (Adaptation) وقد اخذ الباحثين في المحاولات علي فهم ذلك التأقلم لتحديد كيفية نشوء الثقافة الإنسانية خلال مراحلها المبكرة ، ومن أهم العلماء البارزين في هذا المجال جوردون تشايلد الذي حاول أن يحدد مسالة نشوء وتطور الثقافة الإنسانية بمعالجته لبدايات الثقافة الإنسانية من خلال نظرية التطور التى وضع أصولها دارون(Darwin)  1859 م وذلك عبر الإنتخاب الطبيعي (Natural selection)   وقد شدد في هذا المجال علي أهمية علم الآثار في دراسة نشوء الثقافة الإنسانية ويرى أن التاريخ هو امتداد لما قبل التاريخ ، يؤكد علي أن الفترة التاريخية التي أعتمد فيها الإنسان علي الكتابة تمثل 1% من مجمل الفترة التي عاشها الإنسان علي وجه الأرض، لذا يظل علم الآثار هو الأداة  الرئيسية لتتبع نشوء الثقافات الإنسانية، وعلي الرغم من ذلك فإن تشايلد (chlilde)  لا يقلل من أهمية التاريخ في دراسة المراحل المتقدمة من الحضارات والثقافات الإنسانية وبمعني آخر فإن التاريخ هو امتداد لما قبل التاريخ.
ويقول تشايلد  (chlilde)أن تكاثر الأنواع البشرية نتج عن تطوير أدواته الأساسية كما استطاع التأقلم مع جميع البيئات بخلاف الحيوان الذي لا يستطيع التأقلم مع جميع البيئات ، ونتيجة لتطور أدوات الإنسان اليدوية استطاع أن يطور حواسه المختلفة التى ارتبطت بجهازه العصبي المعقد القادر علي مد الإنسان بالمقدرة علي الفعل ورد  الفعل وهو ( الدماغ ) الذي يختلف في المراحل الأولي للميلاد عن المراحل المتأخرة من العمر فالمولود البشري يولد بخواص معينة من بينها إن عظام الجمجمة تظل غير مترابطة مع بعضها البعض خلال السنتين الأولي ، وهذا يتيح للدماغ أن ينمو وأن المولود عند الحيوان لا يحتاج لوقت طويل كي يتعلم المهارات الأساسية التي يتمتع بها الحيوان والفرق أن المولود البشري يحتاج لعناية قد تمتد لسنتين كي يتمكن من القيام بجميع الأعباء التي يقوم بها الكبار ، ولذلك لابد للطفل أن ينمو ويترعرع  داخل أيطار اجتماعي ، ومقدرات الإنسان تكون في حالة نمو متواصلة ، مثلاً يستفيد الإنسان من الفشل والتجارب في تنمية مقدراته ، لذلك يمكن أن نقول إن إدوات الإنسان تجسيد للعلم ، بينما نجد أن مقدرات الحيوان ثابتة في فاصل معين ، كذلك هناك خلاف في هذه النقطة بين الإنسان والحيوان وهو إن المولود في المجتمعات الحيوانية لا يحتاج إلي تلقي المعرفة من الحيوانات الأخري بينما يحتاج المولود البشري لتلقي التدريب علي استخدام الأدوات وغيرها من المهارات ، وبهذا المعني ان المولود البشري يرث تقليداً اجتماعياً ناتج عن نشوء وحدة اجتماعية هي الأسرة ، هذه الأسرة تتكون من الوالدين والأطفال ولكن في اغلب المجتمعات البشرية لا تعيش الأسرة منفردة بل هناك مجموعة من الأسر تعيش مع بعضها البعض وفي هذا يقول جايلد إن الأدوات هي نتاج اجتماعي  وأن الإنسان حيوان اجتماعي ، ويناقش تشايلد الإسلوب الذى تتبعه هذه المجتمعات البشرية في نقل التقاليد الاجتماعية وما هي الأداة التي عن طريقها تنقل تلك التقاليد ، أحد الفوارق الأساسية بين البشر وغيرهم من المخلوقات ، إن البشر قد ابتدعوا وسيلة تجريده (Abstract) في نقل الإرث والخبرة الاجتماعية وهي اللغة ويطلق علي اللغة تعبير التجريد نسبة لأن اللغة تتكون من كلمات ترمز إلي أشياء ومعاني دون أن تكون هناك علاقة مباشرة بين الكلمات المعنية والأشياء  والمعاني التى ترمز إليها ، ولكن هل يمكن القول أن هذه الرموز الصوتية تختصر علي الأسرة البشرية لوحدها يقول جايلد أن الحيوانات تستخدم رموزاً صوتية كأدوات اتصال فيما بينها ولكن هذه الرموز التى تستخدمها الحيوانات محدودة للغاية وتفتقر إلي معني التجريد الذي نجده في لغات البشر، لأن اللغات التى يستخدمها البشر تحتوي وتختزل عدداً لا حصر له من المعاني والرموز، وهذه الخاصية ناتجة عن شيئين أولاً أن الأعضاء الخاصة باللغة مثل القصبة الهوائية وعضلات اللسان قادرة علي القيام بنطق  عدداً لا محدود من الأصوات ( المقدرة الجسمانية علي النطق ) وثانياً أن هناك حيزاً من الدماغ البشري يختص بتلقي هذه الإشارات الصوتية ومعرفة معانيها ومن ثم القيام بالتصرف وفقاً لما يقتضيه الظرف المعين ، ولذلك إن اللغة ليست هي فقط المقدرة علي الإتيان بأصوات محدده وإنما هي المقدرة علي ترجمة تلك الأصوات استناداً إلي ذلك الجزء من الدماغ البشري المختص بتلقي هذه الرموز وبهذا المعني فإن اللغة هي وعاء أساسي للثقافة البشرية وأن الكلمات في اللغة ليست لها علاقة مباشرة بالأشياء أو المعاني التى تشير إليها ، ولهذا السبب بالضبط يحتاج الطفل إلي فترة طويلة ليتعلم ما تشير إليه المفردات من أشياء ومعاني حيث  أن اللغة تساعد في تكوين التقاليد الاجتماعية بمعني أن الإنسان عكس الحيوان لا يلجأ إلي ردود الأفعال الطارئة عند حدوث الطوارئ وأن الإنسان لا يعتمد علي ردود الأفعال و إنما يعتمد علي تراكم الخبرة التي حملها الوعاء اللغوي وبمعني آخر إن الإنسان يكون عدداً من الأفكار المجابهة لمختلف الاحتمالات ، بدلاً من الاعتماد علي رد الفعل الطارئ .
ويتحدث الباحثون علي أن اللغة ليست فقط أداة لنقل الخبرات داخل المجتمع وبين المجتمعات و إنما هي أيضاً أداه للتفكير العقلاني(Reasoning)  وقد عرف تشايلد التفكير العقلاني بأنه المقدرة علي حل المعضلات دون اللجوء إلي عمليات جسمانية من محاولات و أخطاء وإعادة المحاولات وبذلك يعني بتكوين أخيله (Image)  واستخدامها يعني استخدام الرموز اللغوية لتكوين أفكار محدودة وهذه الأفكار هنا لا تعبر بالضرورة عن أشياء ملموسة يمكن لهذه الأفكار التعبير عن أشياء لا علاقة لها بالواقع الملموس عن طريق استخدام الوعاء اللغوي علي سبيل المثال يمكن للبشر تجميع عدد من الرموز والأخيلة والأفكار ولكن قد لا تعبر هذه الرموز عن أشياء حقيقية من واقع التجربة الإنسانية الملموسة فمثلاً يمكن للإنسان أن يكون في رأسه فكره عن حيوان برأسين ومن ضمن الأشياء غير الملموسة في الواقع المادي التفكير في مسائل تجريدية مثل ( الخلود – القدر والحرية ) هي من نتاج استخدام اللغة وهذه الآراء أفكار عن أشياء غير مادية بمعني آخر كما يقول (Childe) أن هذه الأشياء تشير إلي معاني روحية ، ومن هذا الفهم يخلص تشايلد إلي أن المجتمعات البشرية تحتاج إلي المناخ المادى والروحي (Material and spiritual environment)  .
وان هذا المناخ الروحي للمجتمع هو ما يطلق عليه تعبير (أيديولوجية المجتمع ) وفي رأي تشايلد أن أيديولوجية المجتمع تتكون من أشياء كثيرة منها الخرافات والطقوس والمعتقدات الدينية والقيم الفنية، وهذه الأيديولوجية لا ترتبط مباشرة بالواقع المادي و إنما ترتبط به بصوره غير مباشرة ، بمعني أن غياب الأيديولوجية لا يعني أن الإنسان غير قادر علي تلبية حاجياته المادية ، ولكن بالرغم من ذلك نجد أن الإنسان يلجأ إلي هذه الطقوس والمعتقدات ليستعين بها علي ما خفي عليه فى هذا الواقع المادي أي تلك الأشياء غير الملموسة والتي يشعر بوجودها في بيئته ، و أن تراكم تلك الأفكار وتدرجها هو ما يكشف عن كيفية نشوء الثقافة الإنسانية بوجه أكمل

اكتشاف ماضي إفريقيا:
إفريقيا هي البقعة التي نشأ فيها الإنسان لأول مرة منذ تاريخ يتجاوز الثلاث ملايين سنة، وتعتبر أقدم السجلات المكتوبة عن إفريقيا هي التي خلفها المصريون القدماء منذ خمس ألف سنة مضت، وما سجلوه الكوشيين (السودانيين القدماء) أما الأجزاء الجنوبية من القارة الإفريقية لا توجد سجلات مكتوبة عنها، إلا تلك التي لا يتجاوز عمرها قرن أو قرنين من الزمان، لذلك أطول فترات الإنسان في إفريقيا أطلق عليها الدارسون فترات ما قبل التاريخ أي الفترات التي سبقت ظهور الكتابة ولكن هناك عدة أسباب تجعل أن هذا المصطلح (ما قبل التاريخ) لا يلائم إفريقيا بصورة كلية منها:-
1-  كانت فترات طويلة في الجزء الشمالي من القارة فيها سجلات مكتوبة لكنها لم تكن تقدم معلومات كافية عن الكثير من جوانب الحياة المعاصرة.
2-   الكثير من السجلات المتوفرة قد تم وضعها من قبل أجانب وهي كثيراً ما تعطي سرداً غير مكتمل لأحداث لم يدركها المؤرخون بصورة صحيحة.
علم الآثار الإفريقية:-
يصعب على عالم الآثار إدراك الأنظمة الاجتماعية والأوضاع السياسية للمجتمعات القديمة نسبة لاعتماده على أدلة مادية – لكنه يمكنه تفسير المهارات التقنية والنشاطات الاقتصادية بخاصة الصيد والزراعة والرعي، وقد تعرضت إفريقيا لتغييرات بيئية أقل حجماً مقارنةً بما شهدته مناطق أوربا وآسيا وأمريكيا ولهذا عندما بدأت دراسات علم الآثار اعتبرت أن ماضي إفريقيا هو حالة خاصة – نسبة لتباين آثارها وتعددها ولهذا نشأ ما يسمى بعلم الآثار الإفريقي وظهرت في الآونة الأخيرة عدد من المجلات المهتمة بهذا المجال وأصبحت دراسات ماضي إفريقيا فرع قائم بذاته في الجامعات الإنجليزية والأوربية.
·        تطورت دراسات علم الآثار الإفريقية باتجاهين رئيسيين:-
1-  المدنيات تمت دراساتها بطرق متبدلة على مدى 200 عام.
2-   وفترات ما قبل التاريخ في المناطق الأبعد إلي الجنوب وجدت اهتماماً لأول مرة بنهاية القرن التاسع عشر وظل هذان المجالان في انفصال عن بعضهما لزمن طويل.
إن تصنيف المواد الأثرية إلي مراحل وصناعات ومركبات متعاقبة أصبح يبدو تركيباً مصطنعاً لما هو في واقع الأمر تنوع مستمر في الزمان والمكان، وإن التغير في الأسلوب والتقنية لكل ثقافة استمر بمعدلات أسرع في بعض الحالات منها في الأخرى.

نظرية التطور والانتخاب الطبيعي
من المتفق عليه أن فكرة التطور ليست حديثة المنشأ بل ظهرت منذ وقت مبكر فقد ظهرت في كتابات اليونانيون القدماء أمثال لكريتس Lecretis   600 ق.م الذي تحدث عن التطور الثقافي ثم ظهرت كتابات العرب عن التطور أمثال أخوان الصفاء وكذلك بن خلدون وابن مسكوية ، أما في العصور المتأخرة فنجد لامارك الفرنسي  هو ابرز من اعترف بحقيقة التطور وقد أظهرت أولي كتاباته عن التطور عام 1801م ثم قدم لها شرحاً في 1815 م وقد لاحظ لا مارك أن الحياة هى نتاج التغير التطوري و أن التغير أدى إلي تكيفات جديدة .
 ثم ظهر داروين (Darwin) في (1809-1882) م الذي استطاع أن يقدم شرح لكيفية حدوث هذا التطور في كتابه الشهير أصل الأنواع (Original of species) في العام 1859 وقد تضمن هذا الكتاب أن اصل الأنواع قد يتم بواسطة الانتخاب الطبيعي وقد تتضمن هذه العملية ثلاث خطوات :-
الأولي : الاعتراف بالتطور كحقيقة.     الثانية : تقديم معلومات لكشف هذه الحقيقة   . الثالثة : تطوير نظرية تتعلق بكيفية حدوث التطور .
وقد عزى داروين التغيير التطوري إلي عدة أسباب هي : -
1-                          تتميز الكائنات العضوية كلها بالتنوع .
2-                          كل الكائنات تنتج خلقاً بأعداد كثيرة .
3-                          ينتخب المناخ أو المحيط الموجود حوله الناس الأفراد الأكثر صلابة للعيش .
4-                          تنتقل الصفات التي اقتناها المحيط من جيل إلي آخر .
ويمكن القول بأن ما تم استيعابه عن التطور يقوم علي ركيزة داروينية مكونة من ثلاث ملاحظات جوهرية :-
الأولي : أن الكائنات الحية ما هي إلا وحدات لنظام قام التطور بإنتاجها .
الثانية : اختلاف الأفراد فيما بينهم ، حيث أن معظم تلك الفروق يتم توارثها .
 الثالثة : داخل الجماعة الواحدة يوجد أفراد لهم قدرات تكاثرية متفاوتة وهذا التفاوت يقوم علي أساس التنوع الوراثي بين هؤلاء الأفراد ، ويتم التعبير عن ذلك التفاوت في القدرات التكاثرية من خلال الانتخاب الطبيعي .
يلاحظ أن دارون قد حقق انتصاراً فكرياً عندما أمعن النظر في الانتخاب الطبيعي كأحد المسببات الأساسية في حدوث التغيرات التطورية ، ولقد ظلت تلك الملاحظات بمثابة القلب النابض لنظرية التطور لفترة تجاوزت القرن والنصف حتى الآن، وما توصل إليه دارون يعد إنجازاً بل يمكن اعتباره بمثابة نظره في القواعد الوراثية والتنوع الوراثي بين الأحياء وعلي الرغم من ذلك لم يكن في عهد دارون شخص يملك أي برهان معملي تجريبي متعلق بالوراثة فيما عدا ما جاء به الراهب جريجور مندل الذى أتي بزوج من القوانين الوراثية وزعن داروين لأفكار لامارك واستعان بها في تعليل اكتساب الخصائص المتوارثة لدي الأفراد وكيفية توريثها لأنسالها .
لا يمكن أن يعطي التزاوح الحقيقي فردين متطابقين تماماً وراثياً، ما عدا نموذج التوائم المتماثلة ، فذلك الكم الهائل من التنوع الحيوى تم صهره في بوتقة التطور . بين ما تم استيعابه من تغيرات تطورية ، بالإضافة إلي العمليات التطورية المعروفة يقتضي الأخذ في الاعتبار زوجاً من المستويات الواضحة هما الطراز ( النمط) الوارثي Gentoype والطراز المظهري الشكلي (Phenotype)  .
لاننكر أن لدينا شعوراً يقودنا في جوهره إلي الاعتقاد بأن التطور يعمل علي انتقاء الأنماط الوراثية عندئذ تكون هناك اختلافات بين الأفراد علي المستويين : البقائي والتكاثري ، هذه الاختلافات مؤثرة علي كل فرد لان كل هذا له صله بالنمط المورفولوجي وهناك تعاملات لا حصر لها بين الكائنات الحية علي اختلاف أنواعها ، حيث أن مقدرة الكائن الحى علي بلوغ تكاثر ناجح ، تأتي عقب التنافس مع المنافسين له من بني جنسه، وأيضاً في نجاحه في الحصول على تكاثر ناجح، فالتباين الناتج عن عوامل غير وراثية لا يقدم ادني قدر من التغير التطوري ، غير أن ثمة قضية محورية بالنسبة لنا تتمثل في معرفة كيفية ترجمة الطرز الجينية إلي طرز مظهرية ، وتأثير البيئة علي تلك العملية .
 تعتبر نظرية داروين في وقتها من النظريات التي فسرت الكثير مما يحدث في تطور الإنسان والكائنات الحية وعلي الرغم من ذلك لازمتها نقاط ضعف تأتى من جهل داروين بالوراثة فقد كان متأكداً من أن هذه الصفات موروثة حتى أن أشار إليها الراهب جريجور مندل وظلت مجهولة إلي أول العصر الماضي وفي العام 1920م تم تطويرها فألقت الكثير من الضوء علي نظرية التطور وأعطت العديد من الأمثلة للانتخاب الطبيعي , وبظهور علم الوراثة تحولت أنظار التطورين إلي تحول الجينات من جيل إلي آخر .
الإنتقاء الطبيعي:-        (Natural selection )
هو اختيار الطبيعة للنوع الأفضل ويحدث عندما تكون هناك جملة من المتغيرات في الجينات للنوع الواحد عبر مدة من الزمن تؤدي إلي تغيير الجينات بأن يكون للنوع الحديث عدد من الجينات الحديثة مختلطة بجينات سلفه القديم ، أي أن الانتخاب الطبيعي هو تخليد تفاضلي للمتغيرات الجينية من جيل إلي آخر. ويتجسد الانتقاء في حقيقة تباين الأفراد في ما بينهم من حيث الكفاءة التكاثرية نتيجة لتباين السمات الوراثية ، وقد لوحظ أن الانتقاء الطبيعي لا يتصف بالعشوائية أو المصادفة حيث يمنح أفراد الجماعة تكاثراً ناجحاً عندما تكون الخصائص الوراثية جيدة وخصصت من قبل لظروف انتقائية جيدة ) وبالتالي يتم توريث هذه الخصائص الوراثية لأفراد الأجيال اللاحقة من الجنسين .
من خلال ذلك يمكن تعريف التطور الثقافي بصوره عامه بأنه عبارة عن نمو أشكال الحياة المعقدة من أشكال الحياة المبسطة في تطور الإنسان فهو عبارة عن سلسلة مستمرة من التغيرات الصغيرة والتدريجية ، تنتشر عبر الزمن وتنتشر إلي مجموعات الشعوب المترابطة ، وما أن تظهر في شعب ما، إلا وأن تتوغل في كافة الشعوب .
هناك بعض المفاهيم التى تساعد علي فهم عملية التطور منها :-
1.    الإنتقال الوراثي(Heritable)  هو انتقال المادة الوراثية (الجينات) من الجيل الأبوي السابق إلي الجيل التالي من النسل .
2.    الإرثية (Heritability)  هى تعريف إحصائي دقيق لمقدار توارث الصفات الوراثية بين الأجيال وهي عملية بيولوجية محضة .
3.    التأقلم (Adaptation) هو وجود الكائن في حالة من الاستقرار مع العوامل البيئية المختلفة من حوله.
 وقد وضع العلماء الكثير من المعايير والمقاييس حول ما يطلق عليه إنسان فمثلاً وضعوا أن سعة الدماغ 750 سم3 كأقل درجة يمكن اعتمادها لتمييز الإنسان عن الحيوان ووضعوا أيضاً صناعة الأدوات الحجرية وعرفوه بأنه الحيوان الصانع للأنواع ولكن نجد أن الدراسات المعاصرة أثبتت أن الشمبانزي قام علي صنع ثلاثة أدوات بسيطة .
هناك بعض الصفات التشريحية التي تميز بها الإنسان :-
1- حجم الدماغ 1000- 1200 سم3
2- خلو الجمجمة من العظم البارز 
3- اعتدال القامة وينعكس هذا الاعتدال علي السلسلة الفقرية والجمجمة وعظم الحوض
4- عدم بروز الأنياب الأمامية .
5- انتهاء الفك الأسفل بذقن بارز .
كما تحدثوا عن أن الإنسان أخذ ملايين السنين ليصل إلي هذه المرحلة ومر باربعة مراحل هي :
1- الإسترالوبيتكوس Australopithecus  2- هومواركتوس Homo Erectus  3- النياندرتال Neanderthal       4- الهوسابين Homo sapiens


نموذج لجمجمة إنسان بكين بعد الترميم التي عثر عليها في كهف شو- كو- تين

العصور الجيولوجية
يستفيد باحث الآثار من دراسة العلوم الأخرى في العديد من أهدافه، لا سيما علم الجيولوجيا الذي يفيدنا في التعرف على طبيعة المحيط الجيولوجي وتاريخ تكوين الأرض والحياة التي صاحبت مراحل ظهور البشرية الأولى حيث إن تاريخ الكره الأرضية ينقسم إلي أربعة  عصور جيولوجية :-
1)  العصر الأول (Archaeozoic) العصر الآركي يؤرخ إلي 2700 مليون سنة، لم تكن هنالك أى نوع من الحياة في بدايات هذا العصر وفي النصف الثاني منه والذى يقارب المليون والنصف من السنوات إخذت الحياة بالظهور علي سطح الأرض في شكل كائنات ضعيفة في البداية (أعشاب مائية وحيوانات لا فقارية) وتعتبر فترة ظهور الحياة على الأرض عصراً قائماً بذاته ، ويطلق عليه تسمية الحياة المبكرة . وتسمي فترة اللاحياة (Azoic)  وفترة الحياة (Protozoic)   واستمرت فترة الحياة هذه حتي 300 مليون سنة وقد ظهرت فيها الفقاريات .
2) العصر الثاني هو العصر الجيولوجي الثالث الباليوزوي أو حقبة الحياة القديمة والذي استمر ما يقارب 325 مليون سنة وظهرت فيه الأسماك والحشرات والبرمائيات والزحافات وقد قسم العلماء هذه المرحلة إلي أربعة عصور
A- Acamfrian   B- Ordovician      C-  Devonian     D- Permian
3) العصر الثالث هو العصر الميزوزوى :- (Mesozoic  حقبة الحياة الوسطي والذي استمر إلي ما يقارب (115)  مليون سنة ويسمي بعصر الزواحف العملاقة (Reptiles)  إذ تطورت فيه الزواحف العملاقة ويضم ثلاثة عصور جيولوجية :-
A- Triassic         B- Jurassic   C- cretaceous 
وقد ظهرت في هذه الفترة الأسماك والطيور وغطت المياه مساحات واسعة من الكرة الأرضية .
4) العصر الرابع هو العصر الكانيوزي (Canezoic)   قبل حوالي 60 مليون سنة وينقسم إلي عصرين
A- العصر الثلاثي (tertiary) ب- العصر الرباعي(Quaternary)  ونجد أن الطور الثلاثي للعصر الكاينوزوي استمر لفترة طويلة للغاية فقد بدأ هذا الطور قبل ما يقارب السبعين مليون سنة وانتهى قبل ما يزيد على المليون سنة ، ويكتسب هذا الطور الثلاثي أهمية خاصة في تاريخ الكرة الأرضية إذ تعرض فيه مظهر الكرة الرضية لتبدلات وتحولات هامة في عالم النبات والحيوان وبدأت مرحلة سيادة الثدييات ، و أخيراً جاء الحدث الأهم في تاريخ الحياة علي الأرض متجسداً في ظهور أقدم إسلاف الإنسان .
وينقسم هذا العصر الثلاثي Tertiary   إلي أربعة فترات جيولوجية :-
أ‌-         عصر Eocene  ويعود إلي ما قبل (60-46)  مليون سنة، يعتقد أنه قد ظهر فيه الكثير من الأشكال السلفية للحيوانات الحديثة ، كما يعتقد أيضاً أن القارات والمحيطات قد أخذت توزيعها الحالي ، ونشطت البراكين في أجزاء كثيرة من العالم ، وأيضاً حدثت حركات أرضية واسعة الانتشار وظهرت العديد من النباتات مثل الصنوبر _ أما الحيوانات مثل الأسماك والحيوانات اللافقارية فكانت أشكالها تقريباً مشابهة لأشكالها اليوم فالحيوانات الفقارية فتحمل شبه الحيوانات الفقارية الموجودة في الوقت الحالي .
ب‌-       عصر  (Oligocene)  وقد إمتد لحوالي 12 مليون سنة وتعد من اقصر فترات العصر الثلاثي وأهم التغيرات الجغرافية التي حدثت فيه هي الحركة الكثيرة لقشرة الأرض والتي استمرت حتي عصر المايوسين والتي أدت في النهاية إلي قيام نظام الجبال في العالم ( جبال الالب / الهملايا / الروكي / الأندير ) كما حدث انخفاض في درجات الحرارة و أدي ذلك إلي انتشار الغابات المعتدلة وتراجع الغابات الاستوائية ، في هذا العصر تطورت الثدييات آكلة الأعشاب مثل الحصان وظهرت أنواع مثل الخنذير والغزال ومجموعة من الوحوش .
ج- عصر (Miocene)  وقد استمر لمدة عشرين مليون سنة ، وتعتبر من أهم الفترات في التاريخ الجيولوجي حيث حدث فيه الارتفاع النهائي لجبال الالب والهملايا  وزاد المناخ برودة وجفاف ، و أدي ذلك إلي تقلص الغابات المعتدلة وتضاعف أنواع الثدييات آكلة الأعشاب والحشائش و أنواع آكلة اللحوم ، كثير من هذه الثديات تنتمي لمجموعات استمرت إلي هذا اليوم مثل الأفيال ووحيد القرن والجمال  كما ظهر الثور  وفي مجموعة الرئيسيات ظهرت ما يسمي (procorcul) أو شبه الإنسان .
د- عصر Pliocene الفترة الأخيرة ) استمرت هذه الفترة 5 مليون سنة وهي نهاية العصر الثلاثي، أهم التغيرات أخذت القارات و المحيطات أشكالها الحالية ، وتكونت سلسلة من الأنهار والبحيرات الداخلية ، أما في الحياة البرية والبحرية فإنها أشبه بالحياة الموجودة اليوم ، بالرغم من أن بعض أنواع الحيثيات ذوات الأسنان قد انقرضت .
B-    العصر الرباعي (Quaternary)  
وهو عصر الجليد حيث غطت الثلوج أجزاء كبيرة من نصف الكرة الشمالي وحدثت خلاله فترات دافئة ثلاثية وتم  تقسيم هذه الفترات الدافئة (Glacial) إلي اربعة فترات
Agues  -    Mendel  _ riss   Warm                
والفترات الدافئة التى تتخلل هذا العصر تسمي (Interglacial)  وقد حدثت في هذه الفترة تغيرات في مستوي البحر، وذلك بسبب تجمد المياه وبسبب حركة القشرة الأرضية في المناطق التى تتاثر بحمل ثقيل من الجليد، وظهرت الشواطي المرتفعة و الأودية والغابات المغمورة في أجزاء ساحلية كثيرة، ونجد أن معظم أنواع الثدييات قد توزعت في هذه الفترة وقد تأثر ذلك التوزيع بالتغيير في المناخ ونجد بعض الحيوانات التي انقرضت في الجليد مثل الماموس ووحيد القرن ذو الشعر .
*عصر الهولوسين (Holocene)  يعود إلي 110 الف سنة مضت وهو العصر الذي ظهر فيه الإنسان الحقيقي(Homo sapiens)  ولوحظ أن التطور الثلاثي للعصر الأخير قد استمر لمدة طويلة للغاية من مجمل التاريخ الإنساني .
أقدم المكتشفات الشرق إفريقية
لابد من الإشارة إلي أن توزيع المكتشفات المتحجرة ليست محكوم بالامتداد الجغرافي للأنواع وإنما أيضاً بوجود أو غياب الظروف الملائمة لحفظها وبقائها وطريقة اكتشافها.
أثبتت الأبحاث الأثرية أن أحواض بحيرات المنخفض في شرق إفريقيا وفرت بيئات مناسبة للبشريات المبكرة ولحيوانات الحقب المبكرة وحفظت بقاياها معدلات الترسب السريعة.
وقد درجت الدراسات على توريخها من مادة البوتاسيوم/أرغون التي وفرتها النشاطات البركانية المعاصرة لتلك الحقبة، كما كشفت أعمال التنجيم عن العديد من العظام المتراكمة في الكهوف الكلسية.
وقد أثبتت أعمال التنقيب وجود بقايا القردي الجنوبي الذي عاش في ظروف سافنا مع حزامات غابية متفرقة، وما زالت دراسة العديد من المتحجرات التي خرجت من جنوب إفريقيا وشرقها في مراحلها الأولى وهناك خلاف كبير بشأن توريخها وتصنيفها لنوع معين.
ومن أمثلة المواقع التي تم الكشف فيها عن بقايا متحجرات الاسترالبيتكوس والإنسان الماهر (مواقع هدر – كوبي فورا – أومو – بحيرة تركانا – كانوبي – أولدفاي – جيوندا – سنقا – ملاوي – مكانسقات – كرومدرابي – تايوان والكنقو).
وتعتبر أقدم تلك المتحجرات وجدت في بحيرة تركانا بشمالي كينيا وهي تعود لعصر الميوسين والبليوسين المبكر، وقد تم تحديد قطعة من فك عثر عليها في لوثاجام بحوالي 5,5  مليون سنة .
كما أن البقايا الأثرية التي وجدت بكثرة وهي تخص القردي الجنوبي الذي يؤرخ للفترة ما بين (3 – 4) مليون سنة جاءت من موقعين هادار في مثلث عفار بأثيوبيا شمال شرق أديس أببا وموقع لايتولي في الجانب الغربي للصدع المنخفض في شمال تنزانيا – تجسدت المكتشفات في هدار من بقايا (13) هيكل من بينهم أربعة أطفال وهيكل مكتمل بنسبة 40% لأنثى عرفت لاحقاً بالإسم الشائع (لوسي) كان طول قامتها (1,2) متر مكعب.
أما موقع لايتولي في فبراير 1978م أعلنت الباحثة ماري ليكي عن نجاحها في تحقيق كشف باهر وهو العثور على طبعات أقدام متحجرة على حجر مسامي من رماد بركاني وهي آثار أقدام أكثر من عشرين حيوان من حيوانات البليوسين شملت أفيالاً وخيولاً وخنازير وزرافات وغزلان وضباع، ومن بينها طبعات لأقدام بشريات منها درب ممتد مسافة (75) قدم لفردين وأثبتت الدراسات التحليلية أن الأقدام أشبه بأقدام بني الإنسان الحديثين وأن القامة تبلغ 4 أقدام و9 بوصات للفرد كبير الحجم و4 أقدام وبوصة واحدة للفرد الأصغر حجماً وأنهم متحركين على قدمين بصورة كاملة، وقد ركز معظم الدارسين على أن متحجرات هدار ولايتولي تنتمي للقردي الجنوبي العفري وهو نوع نحيل ذو بنية حقيقية ويمكن تمييزة من القرديات الجنوبية اللاحقة عن طريق الوجه والأسنان ولم يتم الكشف عن صناعات في لايتولي وإنما تم تسجيل أدوات حصوية رقيقة في هادار وأرخت 2,6 مليون سنة، كما تم الكشف عن بعض قطع الأسنان والعظام لبشريات مبكرة مع أدوات حجرية مرققة معاصرة لما بعد متحجرات لايتولي وأيضاً وجدت الرقائق الحجرية المصنوعة من الكوارتز في بحيرة تركانا.

أولدفاي وكوبي فورا
تقع كوبي فورا في الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة تركانا وتقع بحيرة تركانا في حوض مغلق لا مخرج لها سوى قناة وحيدة باتجاه نهر النيل ، تعرض ارتفاع البحيرة إلي تقلبات عملت على ترسيب سلسلة من الترسبات العميقة احتفظت تلك الترسبات ببقايا بشريات ومتحجرات وكانت أغلب تلك الترسبات هي كتل بركانية أهمها عرفت بإسم التوف من بينها توف (KBS) الذي يعود إلي 1,8 مليون سنة، وقد غطت المتحجرات في كوبي فورا الفترة الممتدة من 2 مليون سنة حتى 1,2 مليون سنة مضت، وقد تم الكشف عن العديد من الأدوات الحجرية في تلك الترسبات لكن للأسف نادراً ما كانت توجد مرافقة للمتحجرات، وقد أثبتت الدراسات أن موقع كوبي فورا قد حوى ثلاثة تطورات للبشريات الأولى منها نوع من القردي الجنوبي {الأثيوبي الضعيف} ونوع من القردي الجنوبي الإفريقي النحيل وجنس الإنسان متمثل في جمجمة عرفت بالرقم (1470) ينسبها بعض العلماء إلي الإنسان الماهر كبير المخ وأرخت إلي 2 مليون سنة مضت، وهي ذات خنطرة مستديرة وجبهة على المخ ذو الحجم البالغ 800 سم مكعب أكبر ب 70% من القرديات الجنوبية المعاصرة.
يأتي المزيد من الاكتشافات التي نادت على وجود مشترك للإنسان المبكر والقردي الجنوبي القوي من موقع خانق أولدفاي بشمال تنزانيا، حيث كشفت التعرية الطبيعة عن سلسلة عميقة لطبقات مركبة تحتوي على مواد حجرية مصنوعة ومجموعة من المتحجرات أرخت إلي 1,8 مليون سنة مضت وقد وجدت عدة طبقات لهذا الموقع أرخت الطبقات الأولى 1,75 مليون سنة عثر فيها على بقايا كل من النوع القردي الجنوبي النحيل لكنه إنسان ماهر والقردي الجنوبي الضعيف مع كمية من الأدوات الحجرية في موضعها الأصلي وهي للمرة الأولى الكشف عن أدوات حجرية في موضعها الأصلي مع بقايا بشريات مبكرة، ويبدو أن موقع (KBS) كان قائماً على طبقة رملية لنهر موسمي وقد أدى نشاط بركاني إي تغطية المنطقة بترسيب كثيف من الرماد وتغطي الآثار فيه مساحة 12 – 15 متر مربع إحتوت على 400 – 500 أداة حجرية منها سواطير ونواة قرصية الشكل ومكاشط والغالبية العظمى كانت رقائق أطوالها ما بين 6 – 7 سم عليها آثار تشذيب وكذلك تم الكشف عن عظام مكسرة لحيوانات مختلفة تضم الخنذير – الظبي – الغزال – البرنيق والتمساح.
وتشير هذه المكتشفات إلي ممارسة نشاط في هذا الموقع من قبل البشريات الأولى وتلك الحيوانات المتعددة بيئياً مع عدم التأكد من الدليل الواضح على طبقة النشاط والعلاقة بين تلك المخلوقات، كما تم الكشف على بعد كيلو متر واحد من كوبي فورا على عظام لحيوان البرنيق اختلطت بمئات الأدوات الحجرية ورماد ويؤكد الدارسين هنا على استخدام البشريات المبكرة لبعض المواقع في نشاط محدد {سلخانة} وذلك لربما لكبر حجم بعض الحيوانات وصعوبة نقلها كاملة إلي المأوى.
أما الموجودات في الطبقة الثانية من موقع أولدفاي تشكلت في رصيف من الحجارة على هيئة ساتر صناعي من الرياح دائري وطوق بالأدوات المبعثرة في شكل معين، تشابه الموجودة منها في الجزء الأول، تلك الموجودة في موقع (KBS) ويبدو الاختلاف في كثرة نسبة الأدوات النووية بما فيها الحصوية في أولدفاي وكذلك تميزت بالأدوات المرققة بعضها ذو حجم صغير.
وقد قام الباحث كلارك بتصنيف الأدوات الحجرية من دراسته في المقارنة بين تقنية الأدوات الحجرية وأطلق اسم الطور الأول من صناعة الإنسان للأداة الحجرية على هذه المصنوعات الألدوانية التي وجدت في الطبقة الأولى بخانق أولدفاي وتعتبر صناعات هادار وأوموا وكوبي فورا جزء من الصناعة الألدوانية، والاختلافات فيما بين الأدوات يرجع إلي الاختلاف في المادة الخام.
جمجمة إنسان منتصب القامة من كوبي فورا

أثبتت الأبحاث الآثارية أن هناك كميات من عظام الحيوانات الصغيرة والأسمال التي لربما اعتمد عليها بشريات أولدفاي في العيش وبدأت الصورة تتبدل بأن حلت محل الحيوانات الصغيرة حيوانات أكبر حجماً ويختلف باحثي آثار ما قبل التاريخ حول بشريات أولدفاي المبكرة وغذائها من أنها تصطاد الحيوانات أم تعتمد على سلخ وتقطيع الجيفة  التي تصطادها الحيوانات المفترسة، ولربما هذه البشريات أيضاً اعتمدت على الخضروات في غذائها، لكننا لم نجد دليل واضح على ذلك.
من الاكتشافات الأخرى في وسط إفريقيا وجنوبها، تم الكشف عن صناعات حجرية لحقبة البليستوسين في موقع سنجا على نهر سمليكي في الحافة الشرقية لزائير وفي طبقات شيوندو إلي الجنوب من كارنونجا في الشاطئ الشمالي الغربي لبحيرة ملاوي، كما عثر في جنوب إفريقيا على خمسة مواقع تحتوي على بقايا القردي الجنوبي، منها ما كشفته أعمال التنجيم التي جرت في منجم تارنج بالقرب من نهر هارتس إلي الشمال من كيمبرلي 1924م وهي عبارة عن جمجمة كاملة لطفل من البشريات كان عمره تقريباً ست سنوات وذكر الباحث (دارت) أن هذا المخلوق يمثل نوعاً وسيطاً بين القردة العليا وبين بني الإنسان الحديثين وسماه القردي الجنوبي الإفريقي، ولم يجد هذا الاكتشاف حقه الكامل وسط الآثاريين وذلك نسبة لسيادة الرأي حينها الذي ينظر إلي جنوب شرقي آسيا وأوربا بحسبانهما المكانين الأساسيين الذين شهدوا المراحل المبكرة لتطور البشرية، وفي غضون 1936م تم الكشف عن ما يزيد على المائة من بقايا القردى الجنوبى الإفريقي فى عدد من المواقع فى وسط وجنوب أفريقيا ،قادت تصنيفاتها الى شئ من الربكة فى تسلسلها ولكن الملاحظ أنها يمكن تقسيمها إلى نوعيين الأول القردى الجنوبى الإفريقي والثاني القردى الجنوبى القوى.
وقد كانت أفكار الباحث (دارت) تنادى بأن القردى الجنوبى هذا قد صنع الأدوات من خلال تواجد عظام ذات كسور متوازية ومجموعه في أماكن محددة ،ولكن هذا الرأي لم يجد قبولاً فى أوساط الآثاريين ، وقد أكد ديفيد فلبسون على أن ما أعتمد عليه الباحث (دارت) فى ذلك لا يذعم ان القردى قد صنع الأدوات. (أنظر الصور).





أهم المواقع التي تم الكشف فيها عن بقايا البشريات المبكرة



                       الإنسان الأول:البشريات الأولى ( الرئيسيان  و الآدميان )
نكرر أن هدف علم الآثار كشف الماضي السحيق ولكي نتعرف على حياة الإنسان في ذلك الماضي الغابر لابد من البحث عن تاريخ ظهوره على الأرض، وقد تقودنا دراسات علوم الأرض من جيولوجيا وتاريخ الأحفورات القديمة إلي الغوص في أعماق تلك القضايا العلمية الكبيرة وبما أننا ندرس علم الآثار لذلك تعتبر قضية البحث عن جذور الإنسان من قضايانا الهامة وهي التى يستعين فيها الآثاري بالعلوم المساعدة لعلم الآثار ، فدرج علي هذا المنوال العديد من الباحثين ، إذ تمكن العلماء وبخاصة تشارلز داروين من تجميع العديد من المعلومات العلمية علي الأسس البيولوجية والتى اعتقد أنها قادت عملية التحول والإنتقاء خلال الصراع والبقاء للأقوي . (على الطالب الرجوع لتاريخ دراسة الأحفورات في إفريقيا المحاضرة السابقة).
ظهرت أول الرئيسيات في نهاية العصر الجيولوجي الثاني و أهمها :-
1-  بورقاطوريوس (Purgatories  وهي اقدم الرئيسيان التى عثر عليها في شمال أمريكا وأوربا وتاريخها حوالي 70 مليون سنة .
2-رئيسيات الألقوسان (Oligocene) (35-25 مليون سنة ) في هذا العصر حدث انقسام بين العالم القديم والعالم الجديد وكان هذا حافز للتطور ، قسم خاص من الثديات ويري العلماء أن انقسام القارتين كان مطابقاً لإنفصال الرئيسيان إلي مجموعتين:
أ‌-       الحتماوات (Ptatyrhinien)  وهذه تطورت في أمريكا .
ب‌-  سلفيات المنجزين (Catharine)   وهذه عاشت في العالم القديم .
3-رئيسيان الميوسان الأسفل (16-22) مليون سنة وهي تتميز بعوامل بيولوجية تتمثل في تقارب القارتين الأفروعربية  وألآسيوية عثر فيها علي بقايا عظمية عديدة :
1/ سركوبتاك (Cercopitheque)    2/ بليوبتاك (Pliopitheque)
3/ دايو بتاك Dryopithaque
 رئيسيات الميوسين الأوسط والأعلي :-
وهي تنحصر في ثلاثة اقسام أخري :-
  1) اوريوبتاك Oriopitheque
بليو بتاك (Pliopithoque)  3- سيفابتاك  Civapithaque  4- رامابتاك(Ramapithaque).

الأحفورات المبكرة للبشريات:
تصنف كل الأنواع الحديثة من القردة والقردة العليا والبشريات في العالمين القديم والجديد بحسبانها أعضاء الرتبة الفرعية الأنثربويدية من رتبة الرئيسيات ويعتقد بأن الأنواع الأنثربويدية الحديثة تحدرت من رئيسيات صغيرة لكنها أشبه بالقردة العليا ويعتبر النوع المسمى القردي المصري (ايجيبتوبيتكوس) أقدمها حيث يرجع تاريخه إلي الفترة من 36 – 32 مليون سنة،وقد تم الكشف عن متحجرات في كل من أوربا والأمريكيتبن وآسيا وإفريقيا، سميت بالبشريات الأولى عاشت قبل حوالي 5-3 مليون سنة في بيئات متشابهة ومتباعدة جغرافياً، وقد وضعتها عمليات التصنيف العلمي في جزئين مختلفين الأول هو القردي الجنوبي {الاسترالبيتكوس} وهو خفيف الوزن ونحيل ظهر قبل حوالي 4,5 مليون سنة ، وسميت المتحجرات الخاصة بهذا النوع في إفريقيا بالقردي الجنوبي العفري {استرالبيتكوس عفارنسيس} بناءً على أنه اكتشفت بقاياه في منطقة عفار بأثيوبيا، والثاني سمي بالقردي الجنوبي الإفريقي {استرالبيتكوس أفريكانوس) ونادت بعض آراء الدارسين بأن بعض القرديات الجنوبية ذات الفك الكبير والتي يرجع تاريخها 2,5 مليون سنة قد انقرضت في جنوب إفريقيا وظلت إلي وقت قريب لاحق في الشمال وقد وجدت بقايا متحجرات لنوعين من القرديات الأولى أثقل وزناً من السابق نال تسمية القردي الجنوبي القوي (استرالبيتكوس روبوستوس) في جنوب إفريقيا والآخر عاش في شرق إفريقيا وهو (استرالبيتكوس بوي ساي).
ويمكن تأريخ أقدم ممثلي جنس الإنسان لما قبل مليوني سنة وتطور غالباً من القرديات الجنوبية النحيلة حيث أقدم النماذج المعروفة منها النوع المسمى الإنسان الماهر (هومو هابليس) 2,3 مليون سنة وبعده الإنسان المنتصب القامة (هومواركتوس) حوالي 1,8 مليون سنة مضت. (أنظر الجدول أدناه).
وهناك وجهات نظر مختلفة في تفسير العلاقة بين القردي الجنوبي الإفريقي والأعضاء المبكرين لجنس البشر، بل بعض الدارسين يعدون الإنسان الماهر نوعاً قردياً جنوبياً نحيلاً. وقد واجهت الدراسات هنا نقداً شديداً وأخذت مناهج شتى في عرض ذلك منها على سبيل المثال دراسات كارلوس لينايوس 1707 – 1778م الذي تلخصت اسهاماته في تصنيفه لعالم النبات والحيوان في كتابه بعنوان النظام الطبيعي 1835م والذي نشر بعد وفاته، حيث أفرد في تصنيفه السمات الفيزيقية الخاصة لكل مجموعة محددة من الكائنات الحية، حيث استخدم من النبات الزهرات، ومن الحشرات الأجنحة ومن الاسماك الحراشف معياراً  للتصنيف، وقد تضمن لينايوس البشر في تصنيفه الخاص بالعالم الحيواني متحدياً بذلك فكر عصره الذي رأي في البشر مخلوق خارج المملكة الحيوانية.
وفي القرن التاسع عشر تم العثور في بقايا الترسبات التى يرجع تاريخها لعصر البلايوسين في نهاية الطور الثلاثي من العصر الكانيوزوي علي بقايا ومخلفات نوع ارقي من القرده العليا أطلقت عليه تسمية قرد الأشجار (دريوبتيكوس ) وأعتقد كثير من العلماء أن أسلاف الآدميات كانوا نوعاً من قرد الأشجار الذي كان يعيش في آسيا وافريقيا وأوربا، إبتداء من عصر الميوسين وحتى عصر البلايوسين وبعضهم يري أن قرد الأشجار هو السلف العام للإنسان والقرد الإنسان الأفريقي الذي ما زال يعيش حالياً (الغوريلا والشمبانزي) وقد توصلوا إلي هذه النتيجة بسبب أسنانه التى عثر عليها في آسيا 1902 م ومن ثم توالت الاكتشافات حيث ثم العثور في شمال إفريقيا علي بقايا فك القرد الإنثروبويد الذي أطلق عليه إسم راما بيتكوس (Ramapethicus)  وتختلف عن بقية القردة الإنثروبويد التي ذكرناها سابقاً بعدم بروز أنيابه للأمام بالمقارنة مع بقية أسنانه والفك أشد ضخامة واستخدام الأضراس الطاحنة وتم الكشف عن هذا النوع في فورت تيرنان بكينيا ومعظم الاكتشافات الهامة لهذا النوع تمت في جنوب شرق أوربا وآسيا الجنوبية، وتشير بعض المكتشفات إلي أن هذا النوع فضل العيش في بيئات غابية وتشير الأسنان أنه إعتمد على غذاء نباتي وحيواني في آن واحد مما يجعل شكله أقل شبهاً بالحيوان و أكثر قرباً للإنسان ، وقد امتدت منطقة انتشار هذا النوع من شرق أفريقيا إلي الصين في صخور ترجع لأواخر عصر الميوسين وبداية عصر البلايوسين .
-       وفي بداية العصر الميوسين استمر تطور الرئيسيات من جانب القردة الحديثة ومن جانب ثاني القردة العليا وبني الإنسان الحديثين.
تم الكشف عن أكثر المتحجرات أهمية بالنسبة لتطور الخط الثاني (البشريات) في غرب كينيا ونسبت للجنس الذي نال تسمية القرد الشجري (دريوبيتكوس) وهو الذي أظهر تطورات في الجمجمة والأسنان والمعصم – غالباً عاش في الغابات في أزمان الميوسين في شرق إفريقيا قبل اكتمال الحركات الأرضية الكبرى التي نتج عنها تشكيل الصدع المنخفض (Rift Valley). ووجد أيضاً في كل من أوربا وجنوب شرق آسيا، ويظهر هيكل هذا النوع أنه يمكنه استخدام أطرافه الأمامية أذرع ويمارس المشي على أطرافها الأربعة وتشير الأسنان إلي أن الفواكهة أصبحت جزءً هاماً في غذائها.
وحدث تقدم تطوري في أزمان الميوسين بين حوالي (14 -15) مليون سنة، وبزغت عائلة البشريات التي تنتمي إليها كل أنواع الإنسان القديم والحديث وتطورت أنواع كثيرة من البشريات المبكرة نتيجة التباين البيئي.
جدول يوضح تصنيف الهومونيد في رتبة الرئيسيات
طرح تصور دراسي يقول بأن القردي راما هو أقدم نوع بشري معروف، إلا أن البينة المتوفرة تشير إلي وجود شبه أكبر بين القردي راما والقردة العليا.
هنا فجوة كبيرة في تطور البشريات الأولى في الفترة الممتدة ما بين 10 مليون سنة إلي 4-5 مليون سنة مضت، وتغطي هذه الفترة نهاية الميوسين والبليوسين المبكر والترسبات التي تحوي هذا المدى الزمني شحيحة للغاية في إفريقيا والغريب في الأمر أن المكتشفات التي تلي هذه الفترة زمنياً كانت قد وجدت بكثرة في إفريقيا في النصف الثاني للبليوسين ووجدت بكميات هائلة تتناقض بوضوح مع الفترات المبكرة وعلى الرغم من انتشار القردي راما الواسع في العالم القديم، إلا أن البينة المتوفرة حالياً تشير إلي أن إفريقيا كانت هي البقعة التي تطور فيها بنو الإنسان بدايةً.
لقد ناقش الباحثين نظرية التطور في هذا المعني بظهور الرئيسيان والأدميات الحفرية عبر ثلاث ميادين :-
1-علم البيولوجيا  أو علم الأحياء ومن خلاله يتم دراسة اصل الإنسان و إجراء دراسات بيولوجية ونشؤوية مقارنة بين الإنسان والحيوان .
2-علم السلوك ويحاول من خلاله مقارنة السلوك بين الإنسان والرئيسيات الأخري .
3-المستحثات ( الإحفورات الإنسانية ) وهو أن تدرس البقاية العظيمة الحفرية للآدميات وتتم مقارنتها ببقايا الرئيسيات وذلك بدراسة تاريخ البقايا العظيمة الحفرية والوسط الطبيعي الذي عاشت فيه الآدميات ولا يهمل الجانب الحضاري .

الإنسان المبكر (بشريات وآدميات)
المقصود بالبشريات والآدميات هنا هي نتائج تصنيف المتحجرات والأحفورات التي عثر عليها في الترسبات الجيولوجية القديمة وهي عبارة عن رئيسيان غير شجرية ولها القدره علي الإستقامة الدائمة منذ الصغر ولها جمجمة كبيرة وعمود فقري ذو إنحناءات عديدة وحوض عريض و أول هذه الحفريات الآدمية :-
1)                رامابتكوس بينجابيكوس ( Rama pithecus punngabecus) قدر تاريخ  ظهورها بحوالي (15) مليون سنة، ذكر الباحثين أنه يختلف عن أنواع قردة الأشجار الأخرى ويري بعضهم أنه نقطة انفصال البشر عن البنجد التي ترجع إلي عهد سحيق مستندين في ذلك علي بعض الشواهد الحديثة التى تدل علي وجود بقايا حفرية لسلالة تسكن الأرض وتسير علي قدمين خلال عصر الميوسين وبعضهم يرى أن انفصال البشر عن البنجد يرجع إلي عهد متاخر نسبياً مستندين إلي نوع من الشواهد التى تعتمد علي جدول زمني قائم علي المعدل الثابت لتطور البروتينات حيث يحددون انفصال الإنسان عن الشمبانزي لم يحدث إلا منذ حوالي خمسة ملايين عام فقط .
2)                استرالوبتكوس (Stralopithecus)  وهو ينقسم إلي نوعين :
أ‌-                                         استرالوبتكوس فرنسيس (Ferensis)  وهو أقدم أنواع الآدميات ، حيث دام وجوده  إلي حوالي 3,7 مليون سنة ومعظم بقاياه عثر عليها في اثيوبيا وتنزانيا وفي عفار في اثيوبيا عثر علي هيكل سمي لوسي (lusy)  وهو أشهر المكتشفات في ميدان الإحفورات ، وفي تنزانيا عثر علي فك سفلي وبقايا جمجمة .
ب‌-                                     الأفريكانوس (Africanus)  
وظهر حوالي 2,7 مليون سنة ويتراوح من مخه (425-600 سم مكعب) واكتشف هذا النوع في افريقيا الجنوبية والشرقية عندما أجرى ريموند دارت (Dart) 1924م حفرياته في جنوب افريقيا اكتشف أجزاء كبيرة هامة من الهيكل العظمي اعتقد الباحث أنه أمام جنس بشري يضم نوعين من الأشكال الجسمانية ( الشمبانزي و الإنسان) وركز علي أن الفرق فى الجمجمة وعظام الفك والحاجبين والوجه ويعتقد العلماء أن هذا القرد الجنوب الأفريقي منتصب القامة يتحرك في وضع عمودى أو شبه عمودى ويرى بعضهم تحوله للسير العمودى يرجع لظروف حياتية وإلي الصراع الذى عاشه من أجل البقاء ويرجح العلماء أن المرحلة التى ظهر فيها الإنسان القرد الجنوبي الأفريقي لازمتها نضوج الشروط اللازمة لبروز النشاط العملي بمعناه الحقيقي ، تجهيز الأدوات الإنتاجية ويعتبرونها نقطة البداية في تطور الإنسان وتطور مجتمعه وفي تطور الفكر الإنساني و أدائه اللغوي وهناك نوع معاصر للأفريكانوس سمي البوازي ظهر حوالي 2,6 مليون سنة وحجم مخه حوالي 500 – 530 سم3) ووجد في افريقيا الجنوبية والشرقية .
3)    هومو (Homo )
يعتقد العلماء أنه إذا أخذنا في الاعتبار أن القردي الجنوب الأفريقي قد اقترب من الحدود التي تفصله عن بقية العالم الحيواني وتجعله أكثر قرباً للمجتمع الإنساني ، فإنه وحسب الفرضيات السائدة في علم الآنثربولوجيا يعتبر الإنسان الماهر هو النوع الأول من القردة – الإنسان الذي استطاع تحقيق ذلك الإنفصال الحاسم . وتنقسم الهومو إلي ثلاثة أنواع :-
أ‌-                                         هومو هابليس (Homo hapilis)  سمي بالإنسان الماهر إذ بلغ حجم مخه 6,80 سم مكعب وسمي بالماهر نسبة لقدرته وكفاءته علي إبداع وابتكار أدواته الحجرية وعثر عليه في أولدفاى بتنزانيا 1960م ويعتبر العلماء هذه الفترة هي انتقال القطعان الحيوانية إلي نمط الحياة الاجتماعية والإنسانية ، فإن الاختلاف الأساسي بين الإنسان وبين بقية كافة الحيوانات هو العمل تجهيز الأدوات الإنتاجية ، وتحدث العلماء عن أن الإنسان الماهر كان كائن علي قدمين ويبلغ ارتفاع قامته (122-140سم )  وحجم مخه أكبر من حجم مخ القردي الجنوبي الإفريقي لكنه أصغر منه لدى إنسان جاوه .
ب‌-                                    همو اركتوس (Homoerectus)  
في العقد الثامن من العام الماضي وبعد أن طرحت أبحاث تشارلز داروين تطور الإنسان من القردة العليا ، قام العالم جيكل بوضع شجرة نسب للعالم الحيواني بدءاً من أدني الحيوانات وإنتهاء بالإنسان الماهر (Homo sapiens )  وقام جيكال بطرح فرضية (وجود البيتكانثرب) القرد الإنسان في جنوب شرق آسيا حيث لا زالت تعيش القردة الشبيه بالإنسان وتقبل هذه الفرضية الباحث الهولندى دبويا و أجرى تنقيبات في العام 1891-1899م في جزيرة جاوه واكتشف كائنات أكثر تطوراً من القردي الجنوب الأفريقي و التى يرجع تاريخها للطور الرباعي من العصر الكاينوزوى .
وفي العام 1936 م تم العثور علي جمجمة  طفل للبيتكانثرب في موجيكير تو جزيرة جاوة وبالتالي توالت الإكتشافات واعتقد العلماء أن البتكانثرب يشكل مرحله انتقالية تربط بين القردة المتطوره من نوع القردي الجنوبي الأفريقي والإنسان الماهر والإنسان، و أكثر ما يدلل علي ذلك دراسة الجماجم التى تم الكشف عنها في سان جرين .
ونسبة للعثور علي مميزات هذا الأحفورات الآدمية (هومو ايركتوس) في أنحاء متعددة من العالم ثم تقسيمه إلي عدة أنواع حسب الأماكن الجغرافية :-
1-  الإنسان المعتدل في افريقيا وهي تشتمل علي أقدم أشكال هذا الإنسان في كينيا .
2- إنسان أطلس ووجد في شمال أفريقيا في المغرب .
3- إنسان الصين ( إنسان بكين ) .
4- إنسان اندونيسيا ( جاوا ).
5- انسان أوروبا .
وتمكن العلماء في قرية تشكوكوديان جنوب غرب بكين من العثور علي عظام حيوانات بجانب النشاط الإنساني يرجع لمرحلة البلايستوسين المبكر. و أكد الباحثين أن السنانترب أو إنسان الصين هذا عاش معه نوعان من وحيد القرن والنمور وغيرها من فصائل القطط الضخمة المميزة للبلايوستين الأوسط وقد مارس هذا الإنسان صيد الآيل واستغل الإعشاب الصالحة في غذائية وتشكلت الأدوات الحجرية التى تم العثور عليها مع هذا الإنسان من الحجر الرملى والصوان الشفاف والصخور البركانية والكوارتزيت ويضعون العلماء إنسان بكين في مرحلة استخدام الإنسان للتقاليد الأشيلية المبكرة في صناعة الأدوات وقد تم العثور على عظام هذا الإنسان في شمالي فيتنام 1948 وهايد ليبرج بجنوب أفريقيا 49-1950 م وتراسفال 1938 م وبحيرة أباسى في شرق افريقيا 1935م .
4) الهوموسابين (Homo sapiens)   وينقسم إلي نوعين :
أ- النياندرتال :- تم الكشف عن بقايا عظمية في وادي نياندر بالقرب من مدينة روسلدورف بألمانيا 1956م وتبع ذلك الإكتشاف إكتشافات أخري في بلجيكا وكرابينا و أنحاء كثيرة أخري من أوربا و أفريقيا . وأظهرت هناك إختلافات للنياندرتال مابين فلسطين وأوربا في الجمجمة. حيث يتميز هذا النوع من الآدميات بمتانة في الجسم والبنية المتناسقة في شكل الرأس ، وتبلغ قامة الفرد 55-56سم ، وله كتفان عريضان مع وجود إنحناءه في الظهر .ووجهه غليظ ويفوق وجه الإنسان الحديث وحجم فمه 625سم3 ووجدت معه تقاليد الصناعة الموسترية وتشير اساليبه إلي تناسب إقتصاده مع العصر الحجري القديم الأوسط .
أشكال لجماجم الرئيسيات المبكرة (1- سترالبيتكوس أفريكانوس من سيتركفنتين – 2 سترالبيتكوس بوي ساي من أولدفاي 3- هوموهابليس من كوبي فورا).
تختلف النماذج المتحجرة للإنسان الماهر عن القردي الجنوبي الإفريقي من حيث كبر حجم المخ – الذي يبلغ عند الإنسان الماهر 640 سم مكعب أي أنه أكبر بنسبة 45% من حجم مخ القردي الجنوبي الإفريقي وتشبه الأسنان إلي حد بعيد أسنان بني الإنسان الحديثين وكذلك عظام اليد وكذلك يختلف في الوقفة العمودية للإنسان الماهر عكس القردي الجنوبي، كما أنه تم الكشف في كوبي فورا بشمالي كينيا عن متحجرات داله على شكل مختلف للإنسان منتصب القامة ومخه أكبر يمكن أن يكون هذا المخلوق هو السلف المباشر لأشكال الإنسان منتصب القامة التي وجدت في شرق إفريقيا ويرجع تاريخها (1,5) مليون سنة مضت. (أنظر شجرة الأحفورات الآدمية والتصور)
5) الإنسان العاقل (الحديث) (Homo sapiens - sapiens)  
هناك رأى يقول أن الإنتقال الذي حدث من مرتبة انسان بكين إلي مرتبة الأنسان العاقل غير مكتملة على الوجه المطلوب ويعتقد كارلتون أن التطورات التى حدثت بين إنسان جاوه والإنسان الحديث حدثت في عدة مناطق من العالم وهي مستغلة عن بعضها البعض ومتوازنة في عصور مختلفة وبمعدلات متباينة ويرى علماء الوارثة أن الجماعة التى حدث لها هذا التطور لا بد أن تكون عاشت في عزله تامة والراي الغالب أنه في كل المناطق التى كان يعيش فيها إنسان نياندرتال بدأ في الانتقاء نياندرتال (العصر الحجري القديم الأوسط) ليحل محله الإنسان الحديث (العصر الحجري القديم الأعلي) وبدأت تظهر الإختلافات بين إنسان نياندرتال والإنسان العاقل في إختفاء العديد من الظواهر الخارجية الموروثة عن الماضي الحيواني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .
لقد شكل ظهور الإنسان العاقل خطوة جبارة جديدة للأمام ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالتحولات الضخمة في مجمل مجالات الحياة ونشاطات الإنسان البدائي وبخاصة في مجال تعقد شكل العلاقات الإجتماعية – وهناك من العلماء من يحاول رفض قبول الفرضيات العلمية حول ظهور الإنسان العاقل وتطوره من القردة العليا و أحفاده اللاحقين من نوع انسان جاوه وبكين ونيباندرتال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .
وهناك جدال كبير بين العلماء حول تطور الإنسان العاقل إلي الإنسان الحديث وعلي الرغم من تأكيد كل رأيه بمعطيات حفريات آثارية وعلمية إلا أن الأمر يبقي محض تفكير كل دارس على حده؟؟؟؟ .
يمكن اعتبار مرور البشرية خلال تطورها بمرحلة إنسان نياندرتال فرضية يكاد يكون قد أثبتها العلم المعاصر إلا أن الأسباب التى ادت إلي ظهور الإنسان العاقل من النياندرتال يجب البحث عنها فى تطور النشاط العملي لمجموعات المرحلة الموسيترية (آثار العصر الحجرى القديم الأوسط ) .
ويعتقد العلماء أنه في فترة نشؤ الإنسان تكونت السلالة البشرية التى هى مجموعة بشريه كبيرة ذات عدد من السمات الفيزيائية المميزة لها بسبب تكوين وراثي يرجع إلي مايسمي بالجينة(Gene)  وهي وحدة الوراثة التى ينشأ عنها الجنين عادة ، وهى التى تنشر السمات بسبب التزاوج الداخلي والأصل في السلالات أنها تنتمي إلي أصل واحد وتعني باننا نجد السمات المشتركة أكبر و أكثر من السمات المختلفة .
والسمات الرئيسية التى تميز كل سلاله عن الأخري هي :-
1-              بعض الفوارق الظاهرة مثل لون الشعر وشكله نوعه وكميته وتوزيعه علي الجسم .
2-              لون العينين وشكل غطاء العينين وشكل الأنف ولون البشرة و أحياناً الطول .
ولاشك أن وحدة البشر كنوع بيولوجي لا تتعارض مع حقيقة نشوء أنواع محلية في المراحل البدائية على الرغم من إختلافها في السمات الرئيسية وتقسم البشرية حالياً إلى ثلاث سلالات كبرى يرجع تاريخ تكونها إلي العصر الحجرى القديم الأعلى :-
1-                السلالة الزنجية – والأسترالية –أو ما يسمي أحياناً بالسلالة الإستوائية وينتمي إليها الزنوج الأفارقة والسكان الإصليون لأستراليا .
2-                السلالة الأوروبية والآسيوية وينتمي إليها سكان أوروبا وشمال أفريقيا وشمال الهند وآسيا الصغري
3-                السلالة المغولية والتى تسمي أحياناً بالسلالة الآسيو- أمريكية وينتمي إليها سكان الصين وأواسط وشمالي آسيا وجنوب شرقي آسيا والسكان الأصليون لأمريكا .
وتنقسم كل سلالة إلي مجموعات صغيرة تقل بينها درجات الاختلاف، وقد اختلطت تلك السلالات ببعضها وتطورت هذه السلالات لأسباب مختلفة لا صلة لها بالاختلافات السلالية وان تلك النظريات العنصرية التى تتحدث عن الإختلافات في مقدرات الإبداع والإنجاز الحضاري بين تلك السلالات لا حقيقة لها من الواقع وترفضها كل المعطيات التاريخية المتوفرة في ترسانة العلم التاريخي و إنما كان التطور لسلالة عن الأخري نتيجة عوامل بيئية ومتوفرات طبيعية طورت من السلوك البشري تجاه ثقافته .



هيكل تصوري لظهور الآدميات الحفرية من خلال شكل الجمجمة والفوارق المورفولوجية

الصناع المبكرون للأدوات
إن الجدال الواسع حول بدايات استخدام البشرية  الأولى للصناعات الحجرية أخذ مساراً كبيراَ وطويلاً من خلال الأدلة الأثرية ، وكانت اغلبها غير مقبولة ، ولكن تأتى البينة الأثرية التي لا جدال حولها والدالة على أقدم المراحل المعروفة للثقافة الإنسانية من شرق إفريقيا يرجع تاريخها إلي ما بين 3- 2 مليون سنة مضت ويظل الخلاف بين أهمية تحديد ما إذا كان القردي الجنوبي أم إن الإنسان أم كلاهما هو من صنع الأدوات الأكثر قدماً.
تعد أولدفاي الموقع الوحيد الذي تم الكشف فيه عن متحجرات للبشريات مع أدوات حجرية في إرتباط مباشر، ولكن الدالة منها على الإنسان المبكر أرخت إلي 1,8 مليون سنة إضافة إلي ذلك إن أقدم صناعات حجرية اعتبرها الدارسين سابقة للإنسان وجدت في موقعي هادار ووادي الأومو بأثيوبيا، ومن هنا يجوز القول بأن النوعين النحيل والقوي للقرديات الجنوبية لم تكن أبداً صناع للأدوات لأنها سابقة زمنياً.
ولكن لا بد من الاعتراف بأن أدوات أولدفاي الإصطناعية معترف بها مثلت في الغالب مرحلة لاحقة لعملية تطور طويلة، واقترح الباحثين أن اختيار الرقائق الحادة قد تم استخدامها في أغراض بعينها ويمكن أن يكون ذلك الاختيار قد طبق من وقت أسبق على الحجارة التي لم تكسر اصطناعياً والتي يصعب على باحث الآثار التعرف عليها. وقد اندثرت أدوات أخرى منذ أزمان سحيقة ويمكن أن تكون قد صنعت من الخشب وهو ما تدل عليه حقيقة أن بعض الرقائق الحجرية في أولدفاي قد استخدمت بلا شك لتقطيع الخشب، ويمكن أن يكون التطور من مجرد استخدام الآداة إلي صناعتها طويلاً ومتردداً.
ويقترح بعض دارسي آثار ما قبل التاريخ أن استخدام الأداة ليست مقصوراً على البشريات وقد يكون هذا التطور ممتداً إلي الوراء ليلامس عصر الميوسين وما قبله.
ويمكن للدارسين فهم تلك الأدوات عندما يدركون الاستخدامات التي صنعت من أجلها ولا يزال البحث في هذا الاتجاه في مراحله الأولى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
لا زالت معرفتنا بالبشريات المبكرة غير مكتملة، فقط يمكننا أن نفهم شيئاً عن مظهر تلك المخلوقات ومقدراتها الجسمية من بقاياها المتحجرة ويمكن أن نعرف المواقع التي كانت تقطنها والأطعمة التي اعتمدت عليها، وعندما تكون أدواتهم مصنوعة من مواد غير قابله للزوال والاندثار يمكنها أن تعكس لنا شيئاً عن تقنيتهم، وهذه العناصر قد تؤخذ في الحسبان وستمكن من إعادة تركيب صور محددة للغاية عن حياة صانعي الأدوات الأوائل.
وهنالك أسئلة توضع في عين الاعتبار عند دراسة آثار صانعي الأدوات الأوائل المبكرين منها:-
1-   ما هو الأساس الاجتماعي لتلك البشريات المبكرة.
2-   وهل كانت لهم ارتباطات دائمة.
3-   وهل كانت هناك وحدة اجتماعية سياسية أكبر من الجماعة.
4-   كيف استغلت تلك البشريات المبكرة المواد الطبيعية الموسمية المتغيرة.
 كيف تطورت حياتهم وعلاقة ذلك التطور بالتغير المورفولوجي في هياكل تلك البشريات الأولى.




اللغات وانتشارها في إفريقيا:
يقدم علم اللسانيات ترتيب نسبي للعمليات والأحداث إلي جانب تقديم مبدئي للغاية للامتدادات الزمنية، تنتمي اللغات المتحدث بها اليوم في المناطق الشمالية والشرقية من إفريقيا إلي العائلة الرئيسية المعروفة عموماً باسم الأفرو-آسيوية أو الارترية وتضم هذه العائلة لغات البربر في شمال إفريقيا واللهجات الكوشية المتمركزة في أثيوبيا والصومال وكذلك اللغات السامية واسعة الانتشار التي تنضم إليها حالياً اللغات العربية والعبرية والأمهرية.
إلي الجنوب تبرز منطقة غير منتظمة الشكل تغطي جزءً كبيراً من وسط الصحراء وجنوبها بالإضافة إلي جنوب السودان وجزءً من السافنا المحيطة الممتدة إلي أجزاء من شرق إفريقيا حيث تصنف اللغات الحالية في غالبها نيليلة – صحراوية مع فروعها النيلية الرئيسية النيلية والسودانية ويعتقد بعض العلماء أن السونجهاي (لغة سكان منحنى النيجر) تنتمي للمجموعة النيلية الصحراوية، حيث تضم عائلة لغات النيجر (لغة الكنقو واللغات الكردفانية في غرب السودانية) وفي أقصى الجنوب الغربي من إفريقيا نجد لغات البانتيو التي انتشرت من المنطقة الشمالية الغربية إلي جوار خط الاستواء منذ آلاف السنين وفي القطاع الغابي للسافنا تنتمي لغات أواماوا والأوبانجي إلي عائلة النيجر والكنقو كما نجد في الأجزاء الجنوبية الغربية لغات الخويسانية (هذا اللفظ أطلقه (ج سابرا وارد) وتعني هذه الكلمة (خوي = إنسان وسان = كدس = جني الثمار وقلع الجذور وهو وصف لكيفية عيش الإنسان) وهي لغة الخوي والسان وهم شعوب الهوتنتوت والبوشمن الذين ما زالوا حياتهم قائمة على نمط الصيد والرعي.
فائدة دراسة اللغات القديمة وانتشارها:-
1-   يمكننا إعادة بناء بعض السمات الخاصة بلغات الماضي التي اشتقت منها اللغات الحديثة.
2-   يمكننا اختراع المناطق التي تم التحدث فيها بتلك اللغات السلف.
3-   المفردات يمكن أن تفسر شيئاً عن أنماط حياة المتحدثين بها.
4-   تنتقل الكلمات نتيجة الاتصال الناشئ بين الشعوب من لغة إلي لغة مجاورة.
5-   دراسة اللغات القديمة الإفريقية تمكن من إعادة تركيب التاريخ القديم اللساني لإفريقيا بصورة متماسكة.




العائلة
الفروع الرئيسة
أمثلة
الآفرو أسيوية
السامية

البربرية


الكوشية

التشادية

العربية – الأمهرية – الجوارج –التيجرينيا
البربرية – الطوارق




الصومالية – القالا – العفر -  سدامبو – البجة
الغالي - الهوسا
النيلية - الصحراوية
السودانية

الصحراوية
سونجهاي

الأشولي – الشلك – مانجبيتو – جيية
كانوري – تيدا – الزغاوة

سونجهاي
الكنغو - الكردفانية
غرب أطلنطية
الماندي
الفولتاوية
كووا

البانتو
ادماوا الشرقية
ديولا – فولاني – تمنة

مووا – مندي


دوجون – موسى – تالنسي

أكان – بيني – شونا – خوسا – كونغو
جيكويو – بمبا – شونا – خوسا – كونغو

مباكا - زاندي


الخويسان
الجنوب إفريقية
سانداوي
هادزا
كونج – خوماني- ناما


سانداوي
هادزا
جدول يوضح تصنيف الباحث (جرينبيرج 1963م) للغات الإفريقية

مراحل تطور المجتمعات  البدائية
(قبل دراسة هذا الموضوع على الطالب الرجوع إلي مراحل تسلسل ثقافة خلال العصور الحجرية)
نال موضوع تطور المجتمعات المبكرة اهتمام كثير من الآثاريين وعلماء الاجتماع وقد اهتم (مورجن ) في تصنيفه لمراحل التطور المختلفة للمجتمعات علي المعايير الاقتصادية في تسميته لتلك الحقب المختلفة من حقب التطور الإنساني، ولأن الإنسان في تلك الفترة المسماة بالعصر الحجري القديم كان يعيش حياة تشابه الحيوان المتوحش فيما يختص بإنتاج غذائه ، فقد أطلق مورجان علي تلك الحقبة (حقبة الوحشية) (Savagery)  واعتمدها جوردن تشايلد (Childe) لتكون مطابقة بالعصر الحجري القديم  وان التسمية ناتجة من اعتماد المعيار الاقتصادي الذي يميز فترة العصر الحجري القديم والذى انصب فيه اهتمام الإنسان علي تلبية حاجياته الآنية من الطعام ، واستمرت هذه الحقبة في الفترة من نهايات العصر الحجري القديم وحتي بدايات العصر الحجري الحديث (10ألف – 4 ألف سنة ق.م ) {العصر الحجري الوسيط – البيبايوليثيك} واذا اعتمدنا علي المعيار التقني فقط ، فإن تسميته هذا العصر تعد كافية، ولكن انتقال الإنسان لاستخدام تقنيات متقدمة نسبياً في العصر الحجري الحديث صاحبته نقلة في مجال التطور الاقتصادي ، وتتميز هذه النقلة خلال هذه الفترة بالانتقال من جمع الطعام إلي إنتاجه ، ربما أن إنتاج الطعام يمثل نقلة نوعية بالقياس الى جمعه فلا بد من ايجاد تفسير اقتصادي ، كما يرى تشايلد أن إنتاج الطعام جاء نتيجة لازدياد مضطرد في عدد السكان قياساً بفترة العصر الحجرى القديم وتبعاً لذلك كان لا بد من أيجاد طريقة أكثر ضماناً لتوفير الطعام بعدد متزايد من السكان ويتفق تشايلد مع موررجان في ان العصر الحجري الحديث يوافق الفترة التي وصفها مورجان (الهمجية أو البرية  (Barbarianism ولابد هنا أن نوضح أن اعتماد هذه التسميات (وحشية + بربرية) لا يعني التخلي عن التسميات التي يعتمدها الآثاريين (قديم – حديث) وإنما الفارق الوحيد لاستخدام هذه التعبيرات أنها ذات دلالات اقتصادية .
وأن الفترة اللاحقة لفترة البربرية بدأت في وديان الأنهار الكبري في العالم (وداي النيل والرافدين ووادي السند) وهذه الفترة بدأت قبل حوالي (5000 سنة مضت) وواحدة من مميزاتها هي نمو القري الصغيرة علي ضفاف الانهار إلي نواة لمدن كبيرة بمعني آخر أن هذه الفترة شهدت ما يمكن أن نطلق عليه فترة الثورة الحضرية (Urban revolution) ومن المميزات الأخرى بجانب نمو القري إلي مدن ، حث الزراع علي إنتاج فائض من الغذاء وهذا أتي نتيجة لتطور سياسي شهدته بداية هذه الفترة وهو البدايات الأولي لنظام الدولة (مبدأ تقسيم العمل) وتقسيم العمل يعني أن جزءاً من السكان يقومون بنشاطات تبادلية مع منتجي الطعام من الحرف الأخرى، وقد سمي تشايلد هذه الفترة بفترة الحضارة (Civilization)  كما سماها مورجان حضارة ، هنا ليس المقصود منها الفهم الشائع لهذا التعبير وإنما الفهم القائم علي دلالات اقتصادية بأن المدن والحضر دلالة علي تقسيم العمل.
إذن إلي جانب التقسيمات الآثارية إلي عصور حجرية (قديم وسيط وحديث وعصر برونزي وعصر حديدي) نلاحظ تقسيم تشايلد إلي وحشية وبربرية والفترة الحضرية والحضارة أو المدينة . يري تشايلد أن واحد من المميزات هي ظهور الكتابة وأنها أمر ملازم لفترة الحضر أو الثورة الحضرية غير أن هذا الرأي الأخير ينطبق علي ما كان معروف في ذلك الوقت عن العالم القديم وأن الأبحاث الآثارية الاحقة أوضحت أن الكتابة ليست بالضرورة السمة الملازمة للمدنية أو الحضارة ولكن تشايلد قسم هذه الفترة (الحضارة) إلي جزءين :
·                                            الفترة الأولي تمثل الألفي سنة الأولي ويقابلها عصر البرونز .
·                                            الفترة الثانية وهي التي تبدأ حوالي (1200 ق م) . وهي الفترة المعروفة بعصر الحديد .
بمعني آخر فإن عصرين آثريين (برونز وحديد) يندرجان في تقسيم تشايلد تحت عنوان فترة الحضارة . يشمل عصر البرونز العصر النحاسي لأنه بدايته وهو فترة إنتقالية لاستخدام البرونز وتم مزج الفترة التي تسمي (الصفيح) .
وهناك سمة اقتصادية تفرق ما بين عصر البرونز وعصر الحديد وهي تركيز الثروة في أيدي قلة من رجال الدين والدولة وقادة الجيوش خلال العصر البرونزي ولكن في عصر الحديد أصبح جزء كبير من فائض الإنتاج (الثروة) تستمتع به الطبقة الوسطي من سكان المجتمع ولم يكن مقصوراً على رجال الدين والدولة وقادة الجيوش كما كان سابقاً، وهناك فارق آخر بين عصري البرونز والحديد في أن عصر الحديد شهد بداية  النشاط التجاري الواسع وتبادل المنافع بين الوحدات السياسية المختلفة داخل المجتمع وبين المجتمعات المتعاصرة بينما كانت خلال عصر البرونز طفيفة وليست ذات تأثير واضح .
وهكذا سلكت تلك المجتمعات أساليب مختلفة في تطورها من المجتمعات البدائية إلي المستوطنات الكبيرة حيث تدرجت من أسرة إلي عشيرة ومن عشيرة إلي قبيلة التي كانت داخل المجتمع وتلك المجتمعات هي ما شكلت المشيخة تحت ظل المملكة التي تطورت إلي امبراطورية أو دولة . 
شكل يوضح طبيعة نشاط الإنسان مع محيطه البيئ
                           العلاقات الاجتماعية المبكرة وتطورها
تعتبر العلاقة بين أفراد المجتمع والمجتمع مع محيطه من المجتمعات هي من المسائل الشائكة لدي دارسي علم الآثار خصوصاً أولي أشكال ذلك التنظيم الاجتماعي التي عرفها المجتمع البدائي ويعتبر أقدم عصور تطور تلك المجتمعات هو عصر سيادة التركيبة الاجتماعية العشائرية البدائية وكانت سماتها ذات مستوي متدني للغاية في الإنتاج من أدوات الإنسان وأسلحته .
وعندما أنشأ هذا المجتمع قوي الإنتاج كان الاستهلاك جماعياً وليست هناك ملكية فردية وعاش الإنسان في هذه المرحلة في شكل جماعات أو عشائر متفرقة ومنعزلة وقد شغل تاريخ هذه الجماعة البدائية أكثر من مليوني عام خلال عصور ما قبل التاريخ ويمثلان العصر الحجري القديم والحديث مرحلتين من مراحل القوي المنتجة وفقاً للتقنية والاقتصاد والثقافة البدائية وقد بدأ هذا المجتمع يتطوره من المجتمع الأمومي ومن ثم المجتمع الأبوي وهناك مرحلة ملازمة لهذا التكوين هي (مرحلة القطيع) وهي المرحلة الأولي التي عاش فيها الإنسان في جماعات أو سرب مثله مثل مجتمعات الحيوانات في الوقت الحالي وتتطابق مرحلة القطيع البدائي هذه العصر الحجري القديم الأسفل والإنتقال من العصر الحجري القديم الأوسط إلي العصر الحجري القديم الأعلي وهي نقله من مجتمع القطيع البدائي إلي المجتمع العشائري وهي مرحلة تختلف إختلافاً نوعياً عن كافة المراحل الثقافية اللاحقة ولم يكتمل فيها تكون الأشكال الاجتماعية الثابتة والواضحة ولم تتكون القبيلة والعشيرة. وتؤكد البقايا الأثرية التي تم العثور عليها في مواقع العصر الحجري القديم بذبذبة الاقتصاد واتسامه بعدم الثبات وأكدت الدراسات أن ظهور وإختفاء بعض المميزات التقنية لا يمكن تفسيره بإنحطاط في الاقتصاد وإنما تدل علي الطابع المتبدل وغير الثابت لأقدم خبرات الإنسان التكنولوجيا الآخذة في التكوين والتراكم ويمكن ملاحظة تطور علاقات المجتمعات المبكرة بأنه تطور مستمر ينحصر في تقدم القوي الإنتاجية وفي تنامي سيطرة الإنسان علي الطبيعة وقد عاشت هذه المجتمعات في شكل قطعان بدائية متفرقة ومنعزلة تتجول علي إمتدادات أقليم محدود من مكان إلي آخر بحثاً عن الصيد والطعام النباتي .
وفي تلك الفترة كان المسكن ظاهرة آخذة في النشوء ولا تتعدي كونها ظاهرة وقتية وتكونت الجماعات في الغالب من (10-35 فرد) وتتميز كل مجموعة بدائرة علاقاتها المحدودة وتندر العلاقات الدائمة مع المجموعات المماثلة ، ويغيب الاقتصاد المنزلي المشترك وتدل المعطيات الأثرية علي أن إنسان العصر الحجري القديم الأسفل إبتداً من عصر أولدفاي – تجول بحثاً عن الصيد والطعام النباتي على امتداد مساحات أكثر اتساعاً مع التزامه بالعودة إلي مواقعه محملاً بغنائم الصيد.
وكانت هناك توسع في اقليم الترحال نتيجة تطور النشاط الاقتصادي، حيث أنه عندما تطورت عمليات الصيد المنتظم بدأت الحيوانات في الانتقال هرباً من الصيادين إلي المناطق الأخرى ويتتبعها الصيادون من مكان إلي آخر.
ويشير الباحثين  إلي أن تعثر الحصول على الأكل من الصيد ونقله إلي مكان الإقامة هو ما أدى لحدوث بعض المجاعات وازدياد عدد الوفيات ويؤكد العالم الفرنسي فالوي (Vallois) إن نسبة  الوفيات بين النساء كانت أكبر وأكثر، ويؤكد الباحث على أن ظهور اللغة وتقسيم العمل بدأ بصورة تدريجية بطيئة في مرحلة القطيع البدائي، وبدأت تظهر اشارات للمنازعات بين تلك الجماعات حيث كشفت جمجمة لإنسان جاوة تم تقسيمها بأداة حجرية وهناك بعض اشارات الموت القسرى على بعض جماجم إنسان بكين.
لم تكن هناك قواعد تجريبية لتنظيم العلاقات الجنسية وكانت علاقة الاتصال الجنسي بين الأخوة والأخوات وكانت هناك قفزتين في تمرحل تلك العلاقات الاجتماعية :
الأولي : تطور الإنسان الذي يتجسد في تجهيز الأدوات .
الثانية : هي التخصص في تصنيع تلك الأدوات . أي الإنتقال من العصر الحجري القديم الأوسط إلي العصر الحجري القديم الأعلي .
وكانت المرحلة الأولي هي نقطة بداية تكون الإنسان للمجتمع البدائي، وقد تطابقت نقلة تصنيع الأدوات الحجرية من العصر الحجري القديم الأوسط إلي الأعلى مع الانتقال من مرحلة القطيع البدائي إلي مرحلة التركيب العشائري الامومي، ونشأت أولي أشكال الاستقرار والمسكن الاصطناعي وانتشر الانسان علي مساحات أكثر اتساعاً وقد ظهرت البدايات الأولي للفنون والطقوس الجنائزية وقد شكلت العشيرة مجموعة من الناس تربط بينهم علاقات القربي والأصل المشترك وكانت أهم السمات المميزة للمجتمع العشائري الأمومي :
1-                                      نظام الزواج الإغترابي : وهو الذي يحرم التزاوج داخل العشيرة .
2-                                      الاقتصاد المشترك من خلال العمل الجماعي لأعضاء العشيرة .
3-                                      ارتباط الزواج نظام السكن عند الأم أي إنتقال الازواج إلي عشائر زوجاتهم .
4-                                      وجود العائلة الثنائية .
5-                                      الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج الأساسية .
6-                                      حق العشيرة في وراثة ممتلكات الموتي من أعضائها .
ومن بعدها تغير المجتمع البدائي ليحل محله المجتمع العشائري الأبوي الذي يطابق فترة العصر الحجري القديم الأعلي والذي تميز بظهور التقسيم الاجتماعي للعمل وظهور الاشكال الأولي لأستقلال الإنسان لأخية الإنسان.
أدي إنتقال الإنسان من العصر الحجري القديم إلي الحديث إلي توثيق العلاقات التي تربط العشائر البدائية وأخذت تظهر الاتحادات القبلية التي تشكل أكثر المراحل تقدماً في تطور أشكال التنظيم العشائري البدائي وتعتبر قبائل شعب الهنود الحمر أكثر القبائل البدائية التي أخضعت للدراسات الأثنوغرافية وهي تعيش علي الصيد البري وصيد الأسماك وجمع الثمار وفلاحة البساتين وتستخدم بعض الأدوات المصنوعة من الخشب والحجر والعظم وتكونت بالتالي الأسرة النووية التي تعني جماعة من الناس تتكون من الزوجين وأبنائهم غير المتزوجين وينتمي الفرد في العادة إلي أسرتين نوويتين - الأسرة النووية التي تربي فيها وتعرف باسم أسرة التوجيه والأسرة التي يقوم فيها مقام الأب وهي أسرة التكاثر – ومن السمات الأساسية للأسرة النووية أنها جماعة مؤقتة ينتهي وجودها بوفاة الوالدين ، أما الجماعات القرابية الأخري تتميز بأنها اتحادية بمعني أنها تتجاوز حياة أفرادها ويمكن في كثير من الحالات أن تظل قائمة إلي ما لا نهاية .
وتكونت عن طريق الانتخاب الطبيعي زعامات لتلك العشائر وكانت لهم وظائف يؤدنها تجاه المجتمع وأصبحت هناك شخصيات تحت تلك الزعامة لهم واجباتهم ، وبالتالي تكونت شجرة المجتمع الإنساني الذي يختلف عن بعضه البعض نسبة لتباين موارد البيئة الطبيعية وكانت هناك حالات تفكك في المجتمع العشائري وحالات ترابط أخري نشأت نتيجة  الصراعات علي موارد الاقتصاد والسلطة .



النظم الاجتماعية للثقافات
إن أهم المواضيع التي يجب مناقشتها موضعان أساسيان :
التخصص وتقسيم العمل في المجتمعات المبكرة ونشأة التنظيمات الاجتماعية والمعتقدات الدينية لدي المجتمعات المبكرة وكيف يمكن التعرف علي هذه الظواهر الثقافية من خلال علم الآثار (التخصص + نشوء المعتقدات الدينية) .
        إن السمة الأساسية لدي أي مجتمع من المجتمعات هي أن الأفراد أو مجموعات من الأفراد داخل المجتمع يؤدون مهاماً تختلف عن المهام التي يؤديها مجموعات الأفراد الأخري ، وهذه الظاهرة الاجتماعية لا ترتبط بالمجتمعات المعقدة التركيب فقط ! بل نجدها أيضاً في المجتمعات بسيطة التركيب وبهذا المعني فإن ظاهرة اختصاص الأفراد أو مجموعات من الأفراد للتخصص في أداء مهام بعينها هي ظاهرة ملازمة لنشوء المجتمعات الإنسانية وهذه الظاهرة هي التي يطلق عليها في علم الاجتماع ظاهرة التخصص (Specialization) أو ظاهرة تقسيم العمل بين أفراد المجموعة البشرية المعينة ونجد أن هناك تعبير شائع وسط علماء الإجتماع يقول بأن كل الناس سواسية ولكن يمكننا اعتبار أن هذا التعبير صحيح من الزاوية النظرية البحتة أما من الزاوية الاجتماعية فأننا نجد أن ظاهرة تقسيم العمل أو ظاهرة تخصص تعني أن الناس ليسو سواسية داخل المجتمع المعني وبصورة عامة أن ظاهرة نشوء التخصص وتقسيم العمل تقوم في الأساس لإنقسام أي مجتمع إلي جنسين هما الذكور والإناث ومن الناحية العملية لا نستطيع القول بأن هناك مهمات يمكن أن تؤدي بواسطة أحد الجنسين أي أنه لا يمكن القول أن الذكور أو الإناث قادرون علي العمل داخل المجتمعات البشرية في الفترة المبكرة لما قبل التاريخ .
وعلي سبيل المثال معظم الشواهد الأثرية تدل علي أن المجتمعات التي تعتمد في معيشتها علي الصيد وجني الثمار كانت تقسم العمل باعتبار أن الصيد هو من مهام الرجال وأن جمع الثمار وإعداد الطعام هو من مهام النساء ومن خلال دراسات تمت مؤخراً لبعض المجتمعات التي تعيش في أوضاع مشابهة لما قبل التاريخ في أمريكا الجنوبية (صحراء كلهاري) وسط قبائل البوشمن (Bushmen) التي تعتمد في معيشتها علي إصطياد الحيوانات وجمع ثمار الأشجار والنباتات ، توصل الباحثون إلي أن تقسيم العمل فيما يتعلق بالصيد وجمع الثمار كان يتم علي ذلك الأساس أي أن الذكور يقومون بإصطياد الحيوانات بينما اختصت مهمة النساء علي جمع الثمار وبهذا يصبح ذلك واحد من الدلائل التي تشير إلي أن الفوارق البيولوجية بين النساء والرجال كانت هي السبب وراء التخصص وتقسيم العمل علي هذا النمط ، أيضاً من الأسباب البيولوجية التي تمنع النساء من مزاولة الصيد مثل الحمل ورضاعة الأطفال ورعايتهم ويبدو أن مهمة اصطياد الحيوان تقتضي القيام بنشاط كبير يستغرق الوقت الطويل وتعني البقاء خارج المأوى لفترات أطول بالمقارنة مع مهمة جمع ثمار الأشجار، واتخذ الآثاريون هذه كواحدة من الوسائل التي تمكنهم من التعرف على مسألة تقسيم العمل بين الرجال والنساء في مجتمعات ما قبل التاريخ، ولكن تقسيم العمل في المجتمعات اللاحقة لم يتم ببساطة على أساس انقسام المجتمع البشري إلي ذكور واناث فهناك مسألة تقسيم العمل في مابين المجموعات البشرية المختلفة والمثال التقليدي وأفضل الأمثلة لهذا التقسيم بين المجموعة البشرية المختلفة هو تقسيم العمل بين الرعاة والزراع فهنا يقسم العمل على أساس أن هناك مجموعة بشرية تختص بممارسة الزراعة وهناك مجموعات بشرية أخرى تختص برعي الحيوانات، ونسبة لاحتياج الزراع والعكس صحيح فإن هذا المبدأ لتقسيم العمل هو أحد السمات والأسباب لتقسيم العمل على أساس تبادل تلبية الاحتياجات بين المجموعات. وهذا هو التقسيم الاجتماعي للعمل.
كما أن هناك أيضاً تقسيم للعمل يتم داخل المجموعات التي وصلت إلي شكل معقد من التركيب الاجتماعي (المجتمعات المتحضرة) ففي هذه المجموعة لا يتم تقسيم العمل على أي واحد من الأساسين السابقين أي أنه لا يتم انقسام المجتمع إلي رجال ونساء ولا وفقاً لتخصص مجموعة بنشاط اقتصادي معين وتخصص أخرى بنشاط  مختلف، بل وفقاً لنصيب الأفراد أو المجموعات من الثروة، وهذه المجموعات يسميها علماء الاجتماع (بالمجتمعات الهرمية أو المركبة) ويفضل بعض العلماء اطلاق  (Ranked-societies) أو المجتمعات الطبيعية (Classic-societies).
إن تلك المجتمعات السابقة التي يتم فيها تقسيم العمل أما على أساس الفروقات البيولوجية بين الأفراد أو على أساس تخصص مجموعات بنشاط اقتصادي معين، هذه المجتمعات تسمى المجتمعات المتساوية اللاطبقية  (Equilateral-societies) وبهذا المعنى أن هناك تحول أساسي في مبدأ تقسيم العمل على التخصصات ويتم هذا التحول من البربرية إلي الحضارة وهذه النقلة لا تقوم على الأساسين السابقين وأنما علي أساس جديد هو كمية وكيفية حصول الأفراد علي الثروة وهناك تعبير أستخدمه بعض علماء الاجتماع حول هذه المجتمعات الطبيعية (Ranked) ويقول تشايلد في المجتمعات الطبيعية أن هناك مواقع يقتصر احتلالها علي مجموعة محدودة من الأفراد أو قطاع واحد من قطاعات المجتمع وهذا يعني أنه ليس بوسع كل أفراد المجتمع الذين يملكون الذكاء والمقدرة الكافيين لاحتلال تلك المواقع ، وهذا نراه وفقاً لمبدأ تقسيم العمل علي أساس احتلال الجزء الأكبر من الثروة فتتم تحولات داخل المجتمع المعين وهذه التحولات تعني احتلال مواقع في تركيبة الهرم في المجتمع .
وهناك يتحدث علماء الاجتماع عن ما يسمي (المقام) (Status)  أي المكانة الاجتماعية (مقام الفرد داخل المجموعة البشرية) وأن مسألة المقام تنطوي علي أشياء جديدة تسمي برموز المقام بمعني احتلال الأفراد لأشياء تدلل علي موقعهم (Status sumble) في الترتيب الهرمي في المجتمع ، ونجد أنه في المجتمعات التي وصلت مرحلة الحضارة يمكننا عن طريق علم الآثار أن نتعرف علي رموز المقام هذه وأفضل وسائل للتعرف عليها في هذه المجتمعات هي المدافن فهناك حجم القبر قياساً بالمدافن الأخري وهناك الموجودات الأثرية التي توجد مع صاحب القبر مقارنة مع غيرها من موجودات المدافن الأخري التي وجدت مع صاحبها . وتحديد الأشياء الأقل شأناً لعامة الشعب وذات المحتوي الكبير للملوك .
وإذا كانت رموز المقام هذه هي الدالة علي انقسام المجتمع إلي فئات أو طبقات وفق لنصيب الأفراد من الثروة ، فإن رموز المقام هذه تستخدم احياناً في التعرف علي التفاوت في الثروات بين أفراد المجتمع ، وهناك سمة أخري من السمات الاجتماعية بخلاف تقسيم العمل وهي عندما برز الترتيب الهرمي للمجتمعات وبالتالي برزت مسألة القيادة السياسية في نفس ذلك القطاع وفي بعض تلك المجتمعات تحول الأشخاص ذوي المقدرات المختلفة الذين كانوا يمارسون السحر في مجتمعات ما قبل التاريخ المبكر تحولوا في المجتمعات المتحضرة إلي كهنة ورجال دين ، وفيما يتعلق بمسألة رموز المقام أخذ رجال الدين رموزاً تميزهم عن غيرهم من بقية البشر ، وفي هذه المجتمعات المبكرة وجدت المعتقدات الدينة ورجال الدين الحماية من القادة السياسيين وبالتالي أصبحت العلاقة وثيقة بين المؤسسة الدينية والمؤسسة السياسية كما ظهرت ظاهرة أخري في بعض المجتمعات المتحضرة إذ كانت السلطة السياسية والدينية في يد نفس الشخص ، وكل ذلك التراكم والتحول في نظم المجتمعات القديمة عبر مراحل تطورها المختلفة تجسده لنا البقايا الأثرية في المواقع التي نشأت عليها تلك المجتمعات .
               نموذج للمساكن الأولى (الكهوف) التي استطونت فيها المجتمعات المبكرة

                                   الفن والدين عند الإنسان البدائي
        إن مسألة ظهور الفن كانت بمثابة خطوة تطورية للإنسان القديم بعد الاكتفاء الذاتي من المأكل والمسكن، وقد اكتشفت أول نماذج الفن المميز للعصر الحجري القديم في كهوف فرنسا في الأربعينات من القرن التاسع عشر وفي العام 1964م تم الكشف عن رسوم للماموس في مغارة لامادلين بفرنسا وذلك ما أعطي باحثي الآثار مؤشرات علي أن الإنسان البدائي لم يكتفي بالتأٌقلم مع البيئة المحيطة في الاقتصاد فقط ، بل عكسها في شكل رسومات فنية وفي العام 1975م تم الكشف عن رسومات في مغارة التاميرا بأسبانيا ومن ثم توالت الكشوفات لرسومات العصر الحجري القديم بأوروبا وأفريقيا ونشأت بالتالي فكرة لدي علماء الآثار بعدم عزل المجتمعات القديمة عن الفن والشعور الفني لدي الإنسان المبكر الذي كان نتاجاً لسلسلة طويلة من المقدمات من تطور المجتمع والتحولات في العمل ، وينادي بعض العلماء بتأثير ذلك بتطور الجسمان البشري خصوصاً اليدين وعبر عن ذلك (انجلوس) في لوحات روفائيل.
وأكدت الأبحاث الآثارية أن البذرة الأولي للفن ظهرت منذ المرحلة الموستيرية عندما ظهرت التحولات في الصناعة الحجرية استغلال الصيد بصورة مكثفة وظهور تقنية بناء المسكن وقد لعب استخدام الإنسان للألوان دوراً هاماً في تطور الفن وأتاح له العظم والحجر فرصاً لعكس الطبيعة المحيطة به من خلال النحت وأتجه الفن منذ خطواته الأولي لعكس صورة حقيقية للحياة الإنسانية .
ومن أهم نماذج الفن القديم الصور الملونة علي هيئة أشباح سوداء وحمراء والتي عثر عليها في كهف التاميرا في أسبانيا وقد لوحظ دقة الرسم في ظهور عيون الحيوانات وقرونها وحوافرها باللون الأسود بينما دهنت أجسامها بالون البني والأحمر .
وتعددت تلك الرسوم من رسومات للثور البري وحصان يرعى حفرت علي بدنه أشرطة رمزية ورسم لرؤوس آدمية تعبيراً عن المفاهيم السحرية المرتبطة بنشاط الصيد ، حيث وجد في كهف فون دي جاوم الرأس والعينين كأنما هي نوع من الشراك نسبة لخلفية الرسام الصيادية ، كما تشير المعطيات الإثنوغرافية إلي أن الهنود الحمر في أمريكا لا يزالون يستخدمون في تلك الأشكال ، وكشفت بعض الأدلة عن تطور تدريجي في الرسم بظهور الظل وأجزاء الجسم ككل واكتسبت الأشكال عمقاً وبروزاً وقوي ، وعلي الرغم من ذلك اتضح أن الفن في العصر الحجري القديم كان تجسيد لإظهار الشكل دون التوزيع الدقيق لمحتويات اللوحة .
وتُظهر آثار الفن البدائي تطور عقل الإنسان وأصبحت هناك تصورات دينية بدائية والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بتطور ذات الإنسان وقد أخذت أولي التصورات الدينية في الظهور قبل أقل من 400 ألف عام مضت.
ويرجع العلماء تأخر هذه الظاهرة الثقافية زمنياً لتدني تطور المجتمع الإنساني البدائي في المراحل الأولى ومحدودية نشاطه الذي لم يتعدى حصوله على الطعام للحفاظ على وجوده، وقد أخذ التطور في تلك التصورات الدينية بالتدرج ولم تتشعب الظواهر الطبيعية في عقل الإنسان بشكل فوري واكدت الأعمال اللآثارية الحديثة بعدم العثور علي أي شواهد من تصورات دينية خلال العصور المبكرة (عصر أولدفاي والعصر الشيلي) وإن الإشارة الأولي في علم الآثار لظهور العبادات الدينية البدائية والطقوس المرتبطة بها بدأت في العصر الموستيري عندما تم الكشف عن مدافن في مواقع العصر الموستيري ، تلك المدافن التي وجدت في الكهوف التي استخدمها إنسان العصر الحجري القديم الأوسط مسكناً وقد كشفت أشكال المدافن داخل الكهوف ووضعية المتوفي والألوان الحجرية التي وجدت مصاحبة له وبعض البقايا العظمية كشفت عن نوع من الفن الديني لإنسان ذلك العصر وبذلك يعتبر العلماء أنه خلال العصر الموستيري كانت الطقوس الجنائزية قد أخذت في الظهور ووصفت بأنها أكثر بدائية وأقل تعقيداً وقد رافقت ظهور الطقوس الجنائزية في العصر الموستيري ظهور بعض العقائد الدينية مثل الطوطمية والفتشية .
وما يدل علي ذلك اكتشاف جمام لدببه الكهوف التي وضعت في صناديق صنعت من ألواح حجرية خشنة بسويسرا وألمانيا الغربية ، ويبدو في هذه المرحلة قد كانت للحيوانات وظيفة في النشاطات السحرية والتي نتجت عنها في العصر الحجري القديم الأعلي التصورات الدينية الطوطمية ، كما تشير قرون الماعز الجبلي وقرون الأبقار التي وجدت محيطة بالمتوفي بالعصر الحجري القديم الأعلي إلي استخدام الإنسان لتلك الحيوانات كطقوس سحرية لممارسة الصيد .
وقد أكدت أعمال التنقيب في سويسرا ظهور العبادة الفتشية (عبادة الدب) في العصر الموستيري عصر إنسان النياندرتال في أوربا، خلال مسار تطور القطيع البدائي أخذت الطقوس والعبادات الدينية في الظهور علي شكل تصورات بدائية عن القوي فوق الطبيعة والفتشية وطقوس الدفن وطقوس السحر وأخذ في التطور حتى ظهرت عبادة الأرواح المجسدة في العبادة الطوطمية والطقوس السحرية التي أبدت نظماً للدفن عند الإيمان بروح لكل الكائنات الحية ، لا سيما ظهور المدافن الجماعية وعادة دفن الجماجم فقط في العصر الحجري القديم الأعلي ، وتمثل عادة الدفن المقرفس استمراراً ثقافياً منذ ذلك العصر حيث وجدت عند القبائل المعاصرة مثل الأندامات والإسكيمو وغيرهم، وتشير حقيقة دفن الأسلحة وبعض المتاع إلي معرفة الإنسان القديم بحياة ما بعد الممات (After life).
ويؤكد العلماء ظهور عبادة الطوطم عند الصيادين منذ العصر الحجري القديم الأعلي وأنها تمثل عبادة تسمح بالصيد وتقوم علي تأدية احتفالات دينية كإعتزار للطوطم كما وصفت بعض العشائر بأنها عشائر طوطمية وظهرت تلك الأمارات الطوطمية كرسوم تقليدية للحيوانات وهي وشم علي اجساد أبناء العشيرية وترسم علي ملابسهم أو تعرض بطريقة علي كافة ممتلكاتهم ونجد مثل هذه العبادة الطوطمية عند شعب الهوبي من شعوب الهنود الحمر أن تتسمي العشيرة بأسماء بعض الحيوانات أو النباتات (مثل الدب والثعبان والخردل) كما هو عند عشائر الفراسة والقيوط تلك الأسماء التي سميت على ذئب كبير الحجم يعيش في شمال. وقد بلغت هذه العبادات الطوطمية درجات من التطور إذ وصلت في أستراليا أسمي درجات التعقيد حيث نجدها في شعب الأروثنا وهم شعب صحراوي يعيش في شمالي وسط أستراليا يعيش هذا الشعب علي نظام السكن عند الأب وكل جماعة منها تعيش فوق قطعة معينة من الأرض تمارس عليها كل نشاطاتها وتضم كل منطقة من هذه القطع عدداً من المراكز الطوطمية حيث يعتقدون أن الأسلاف الاسطورين للسكان الحاليين الذين ماتوا غاصت اجسامهم داخل الأرض وخلفت مكانها بعض الأشياء المقدسة التي تعرف بأسم الشوريخة (Churinga) وتسكن هذه المراكز الطوطمية أرواح الأسلاف وتتميز بنوع من الأشجار ودائماً ما يعتقد مثل هذا الشعب أن الجماعة الطوطمية أو العبادة الطوطمية تتكون من أولئك الذين يعيشون داخل الجماعة المحلية.
ونسبة لاختلاف هذه العبادة الطوطمية ، فيري الباحثون أنها ارتبطت بنشوء التركيب العشائري وشكلت الطوطمية الشكل الأول لعبادة الأسلاف ، ولا يمكن ربط رسومات الحيوانات والتصورات الدينية في العصر الحجري القديم الأعلي بالعبادة الطوطمية ويعد ظهور الأسطورة من رسوم الحيوانات الخيالية مثل رسم إنسان بذيل كما يشكل السحر واستحضاره عنصراً هاماً في التصورات الدينية البدائية الذي يتجسد في أشكال رسومات حيوانات ضربت بالرمح كأنما تقول (فليسقط الحيوان صريعاً تحت الحراب كما هو مبين في الرسم من اختراق الرمح لصورته أو جمجمته) .
ولهذا تكشف الرسومات علي الصخور وتشكيلات الكهوف والمدافن تطوراً في الفن والدين عند الإنسان البدائي خلال العصر الحجري القديم الأوسط – الأعلي والحديث وقد ارتبطت تلك الثقافات بعبادة الأرواح والعبادات الطوطمية كما تؤكد ذلك المعطيات الاثنوغرافية إن انتشار الطقوس وسط العديد من القبائل البدائية المعاصرة في القرن التاسع عشر كدليل اثنوغرافي علي تدرج وتطور ذلك الفن والدين عند الإنسان البدائي .
 رسوم صخرية من ماكوي بالقرب من درزا، زيمبابوي



                           النظريات العرقية والتاريخ النوبي
المقصود بالنوبة سكان وادي النيل (مصر والسودان)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

درج باحثي الآنثروبولوجيا إلي تقسيم سلالات العالم إلي ثلاثة أعراق خالصة هي العرق الأبيض القوقازي والعرق الأسود الزنجي والعرق الأصفر المغولي، وكان الاعتقاد أن هذه الأعراق الخالصة كانت تسكن القارات الثلاث في العالم القديم (أوربا، أفريقيا وآسيا) وقد حافظت لفترة طويلة على ثقافتها دون أن يحدث اختلاط كبير بينها، وطور كل عرق ثقافته الخاصة به وقد تناول الباحث تريقر (Trigger 1978) في كتاباته عن علم الآثار ودوره في كشف الثقافة الإنسانية هذه المسألة في ايطار الرقعة الجغرافية المعروفة بوادي النيل والممتدة من الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، وحتى منطقة السدود في أعالي النيل ويقول أن هذه المنطقة تمثل واحده من المناطق الجغرافية التي كانت فيها المستوطنات البشرية منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى الفترات التاريخية وأن ما يسمى بالفوارق العرقية على طول وادي النيل هي فوارق متدرجة وهناك تقارب يكاد يمحو كل الفوارق بين المجموعات البشرية المتقاربة جغرافياً، كما يركز بعض الدارسين على أن التقارب العرقي بين المجموعات البشرية يعني وجود تقارب ثقافي، وهذا يعني في رأيهم أن الثقافة تكتسب بيولوجياً ويحاول تريقر في هذا الجانب أن يبرهن أن لا علاقة بين الخصائص البيولوجية والمكتسبات الثقافية ويؤكد ذلك من خلال رأي علماء الانثربولوجيا الذين يقولون أن الأعراق الثلاثة  الخالصة بدأت تختلط فيما بينها بمرور الوقت لتظهر نتيجة لهذا  الاختلاط مجموعات عرقية وسطية أي مجموعات تمثل خليطاً من المجموعات العرقية الخالصة الثلاث، وأنه من الممكن التعرف على الخصائص البيولوجية المميزة لكل عرق من الأعراق الخالصة، كما يمكن التعرف على المميزات البيولوجية للمجموعات، التي اختلطت فيما بينها، وفي رأي تريقر أن هذه المجموعات الثلاث لم تنمو بمعزل عن بعضها البعض، في رقاع جغرافية منفصلة وقد أثبت علم الأنثربولوجيا الحديث، أن الخصائص البيولوجية للبشر تختلف في مقدار كميتها من منطقة إلي أخرى، ولكن عدد ومقدار تردد هذه الخصائص قد يزيد مثلاً من الشمال إلي الجنوب، بينما يتذايد عددها في نفس الوقت من الغرب إلي الشرق أو من الوسط إلي الأطراف، ويحدث هذا الأمر لأن الانتخاب الطبيعي يؤثر على خصائص بعينها ويتم اختيار أو رفض بعض الخصائص، بوسائل مختلفة وفقاً لعدد كبير من النباتات البيئية، وبسبب اختلاف توارد هذه الخصائص ومقدار ترددها من الشرق إلي الغرب مثلاً أنه من الصعوبة اختيار منطقة جغرافية محدودة وتسمية سكانها  جنساً أو عرقاً ولهذا السبب فإن علم الأنثربولوجيا الطبيعية اليوم يرفض استخدام تعبير جنس أو عرق ويفضل العلماء أن يضعوا أي مجموعة بشرية في منطقة جغرافية بعينها وفقاً لمقدار تردد الخصائص البيولوجية المختلفة وكميتها دون اللجؤ إلي إضفاء تعبير جنس أو عرق على هذه المجموعة البشرية ويضرب الباحث تريقر مثال في استخدام النظرية العرقية في وادي النيل من الدلتا في مصر حتى أعالي النيل جنوب السودان، ويقول أن الأنماط البشرية بطول وادي النيل تختلف في تدرج هادئ من بداية الوادي حتى نهايته وأن الفرق بين سكان شمال مصر وجنوب السودان، يكون واضحاً، أما اذا تدرجنا بطول الوادي لمعرفة الفوارق بين الأنماط البشرية فإن هذه الفوارق البشرية لا تتضح لنا إلا اذا تدرجنا على طول الوادي مقارنين بين الأنماط البشرية التي تجاور بعضها البعض وللتدليل على هذا التدرج أن لون بشرة السكان يميل إلي الدكنة تدريجياً ويتدرج الشعر بين متموج إلي شعر أكثر تجعداً وتتدرج الأنوف من مستقيمة إلي أنوف أكثر تفلطحاً، ويكثر حجم الأسنان كلما اتجهنا جنوباً، ويحاول تريقر أن يثبت بهذا المثال على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل عدد من الخواص البيولوجية المحدودة باعتبار أنها تقتصر على مجموعة بشرية بعينها دون المجموعات الأخرى، وأنه من المستحيل قصر صفات بيولوجية محددة، وهذا يعني في رأيه أنه لا علاقة بين المكتسبات الثقافية والخواص البيولوجية، إذ أنه لا يمكن انتقاء خواص بيولوجية بعينها وخواص ثقافية بعينها واختفاؤها على مجموعة بشرية محددة، وأنه إذا رفضنا تعبير عرق أو جنس ومبدأ اختصار الخواص البيولوجية المعينة على مجموعات بشرية معينة، فإنه من الأفضل استخدام تعبير جغرافي أكثر صحة لتسمية المجموعات البشرية، التي تسكن في منطقة واحدة، ونلاحظ أن هذا التعبير الأكثر صحة فيما يتعلق بسكان وادي النيل من الدلتا إلي أعالي النهر في جنوب السودان ووصفهم بأنهم أفارقة.




السمات الثقافية والبيولوجية المحلية (السودانية) من خلال نقش الأسرة الملكية الكوشية على معبد الأسد في النقعة



الثقافة النوبية (الكوشية)

نجد أن الثقافة النوبية من أولى القضايا التي شغلت علماء الآثار وعلى رأسهم تريقر، والذي يصف النوبيين بأنهم ذلك الشعب، الذي يحتل موقعاً لصيقاً بوادي النيل وأنهم شعب ذو سمات متفاوتة من خلال لون البشرة الداكن مع الاختلاف في بعض الأفراد، الأمر الذي يمكن ملاحظته في تدرج الشعر بين الخشن والمستقيم، وقد تغلب صفه واحده من هذه الصفات وتغلب على الأنوف الاستقامة ولكن هناك حالات كثيرة، لا نجد فيها هذه الصفة بين النوبيين وإن قامات النوبة في المتوسط أعلى من قامات المصريين ويقول آدمز في هذا الصدد أن النوبيون في القاهرة مثلاً اليوم يبدون بوضوح كقادمين من جنوب الوادي، ولكن النوبيين في الخرطوم هم أقرب إلي بقية سكان السودان.
ما هي المسائل المهمة في تفسير تاريخ بلاد النوبة (السودان)؟
قبل البدء في هذه المسائل لابد من الإشارة إلي أن مصطلح نوبيا (النوبة) يعني السودان في دراسات الآثار، على الرغم من أن هناك تحفظات كبيرة في استخدام هذا المصطلح في دراسات الآثار- ومن الأفضل استخدام مصطلح السودان وذلك لأن كلمة (النوبة) لها  دلالات عرقية مقصورة على قبائل بعينها ودلالات جغرافية محدودة لاقاليم بعينها. ونجد بعض الباحثين يخلطون بين مصر والسودان من خلال استخدامهم لهذا المصطلح غير اللائق والمناسب بوصف بلاد السودان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
هناك سمات واضحة وغالبة في ما يتعلق بالدراسات المبكرة للثقافات والحضارات السودانية، وثقافات وحضارات أواسط السودان فعلى سبيل المثال جادل (إيلوث سمث) (Smith) ورايزنر (Raizinar) في مطلع  القرن العشرين على تفسير ثقافة المجموعة النوبية (أ) بأنها تعود إلي مجموعة بشرية قوقازية، وكان ذلك ناتجاً في المقام الأول من غلبة العناصر المصرية في المخلفات الأثرية لهذه المجموعة وفي تفسيرهما لثقافة المجموعة (ب) وجدوا تناقص في هذه العناصر الثقافية المصرية، انعكس في الإرث الثقافي المادي لثقافة المجموعة (ج) ولما كان كل من رايزنر وسمث يؤمنان بالتطابق بين العرق والجنس من جهة وبين الثقافة من جهة أخرى، فقد خلصا إلي القول بأن أسباب التباين الثقافي بين المجموعتين هو أن هاتين المجموعتين تختلفان إلي حد بعيد عرقياً أو جنسياً، وقد ساعدهما على ذلك الاعتقاد السائد لدى علماء الأنثربولوجيا الطبيعية حينها بأنه لا يمكن استخدام معايير محدودة لتوضيح الخصائص العرقية لأي مجموعة بشرية محددة، كما أن الفوارق بين المخلفات الثقافية المادية تأثرت قيمتها عندهم بالنظرة الجمالية التي كانت سائدة بمعنى أنهما استخدما قيمتهما الجمالية في وصف المخلفات الثقافية للمجموعة (أ) بأنها مخلفات متقدمة من الزاوية الجمالية وأن مخلفات المجموعة (ج) أقل تقدماً، إذ طبق عليها نفس المعيار الجمالي  وهذا ما يسمى (بالحكم القيمي)، وإذا ذهبنا بعيداً نجد أن المثال الأكثر وضوحاً فيما يتعلق بتطبيق نظريات علم الأنثربولوجيا الطبيعية على حضارة نبتة ومروي الممتدة من القرن التاسع قبل الميلاد إلي القرن الرابع الميلادي، بصورة عامة اتسمت حضارة نبتة ومروي في فتراتها الأولى بغلبة العناصر القادمة من مصر عليها، وأبرز هذه العناصر اللغة والدين، فاللغة المستخدمة في بداية الحضارة النبتية هي اللغة الهيرغلوفية المصرية والدين السائد وبخاصة في الفترات المبكرة هو عبادة الإله آمون ذو الأصل المصري، كما كانت هناك عناصر أخرى غلبت على حضارة نبتة ومروي في الفترة المبكرة وخاصة في مجال المعمار على الرغم من ظهور مؤشرات الثقافة النوبية (السودانية) للأسرة خمسة وعشرين النوبية الأصل في وقت مبكر وحكمها لوادي النيل بوجه أشمل لفترة طويلة، ولكن في الفترات المتأخرة وخاصة  منذ القرن الثالث قبل الميلاد، بدأت تظهر عناصر جديدة في الفن والمعمار ومظاهر أخرى وهي عناصر توصف غالباً بأنها محلية وقد كان التفسير السائد حتى وقت قريب وسط المهتمين بدراسات تاريخ النوبة (بلاد السودان) وعلى رأسهم آركل هو أن انحسار العناصر ذات الأصل المصري وازدياد العناصر المحلية هو دليل على ركود ثقافي ناتج عن ضعف العلاقات مع الجارة مصر وما يسمى بالركود الثقافي في هذا المجال هو أيضاً حكم اقليمي يعتمد على المسلمات الفنية أو الجمالية للشخص، الذي يطلق هذا الحكم القيمي ولكن هناك دلائل أخرى تشير بوضوح إلي أن ما يسمى بفترة الركود الثقافي قد شهدت أيضاً طفرات في مجال الانجاز الحضاري في فترة نبتة ومروي ومن أهم الانجازات وأبرزها هو ابتكار الكتابة الألفبائية وهي تعتبر انجازاً متقدماً قياساً إلي الكتابة الهيروغليفية المصرية.
ومن خلال ذلك يمكن أن نستخلص أن ما كان ينادي به علماء الأنثربولوجية الطبيعية في الماضي لا يجد أي سند علمي، كما أظهرت الدراسات اللاحقة، وأن محاولات التفسير العرقي التاريخي النوبي (تاريخ السودان) كان بهدف الربط بين المكتسبات الثقافية والخواص البيولوجية وهو ما أثبته البحث لاحقاً، أي أنه لا يوجد له تطابق بين الثقافة وما يسمى بالعرق أو الخواص البيولوجية كما كان في القرن التاسع عشر هو في حد ذاته مفهوم ثقافي بمعنى أنه مفهوم نادت به مجموعة من الدارسين كانت تعتقد في تفوق مجموعة ثقافية على المجموعات الأخرى، وتظل الشواهد الأثرية التي خرجت من وادي النيل وبالذات في اقليم النيل الأوسط هي خير شاهد على ارتباط الثقافة بالعرق النوبي الخالص، رغم التعدد الثقافي نسبة للعلاقات الاجتماعية بين النوبة وجيرانهم في شمال شرق افريقيا.
المراجع والمصادر
1-    اسامه عبد الرحمن النور – 1986م – مجتمعات الاشتراكية الطبيعية (دراسة تحليلية لتطور التقنية والاقتصاد والثقافة في مراحل ما قبل التاريخ) اورينتال للطباعة والنشر.
-                      2004م - دراسة في تاريخ السودان القديم (تاريخه وآثاره).
2-    ديفيد فلبسون. ترجمة أسامة عبد الرحمن النور. 2000م. علم الآثار الإفريقي.
3-    ثموتي قولد سمث- ترجمة د. ناظم محروص محمد شحات . 2009م – الأصول البيولوجية للسلوك البشري – الهيئة المصرية العامة للكتاب.
4-      رالف بيلز وهاري هوبجر – ترجمة محمد الجوهري محمد الحسين- 1971م – مقدمة في الأنثربولوجيا العامة – الجزء الأول- القاهرة مطبعة النهضة.
5-      Brian. F. 1988. In the Bigining. U.S.A.
6-      Bordes. F.1986. The Old stone Age. Newyourk.
7-      Clark. J.D. 1968. Prehistoric Europe; The conomic Base . Newyourk.
8-      Gordan Childe. 1936. Man makes him self
-                        1942. What happen in History.
9-      Trigger.B. 1978. Nubian Negro, Black Nuotid Africa Antiquities Vol.1.
1-    CLARK, J. DESMOND 1945 A KenyaF auresmithf actorya nd homes ite at Gondar, N. Abyssinia.T ransactions of the Royal Society of South Africa 31, Pt. 1.
10- 1953 New light on early man in Africa. Antiquity 27:242-43. Gloucester. Ms. The prehistoricc ultureso f the Horn of Africa. CambridgeU niversityP ress. (In press.).
2-    BATE, D. M. A. 1951 The mammals from Singa and Abu Hugar. In: The Pleistocene Fauna of Two Blue Nile Sites. Fossil Mammals of Africa, No. 2. London, British Museum (Natural History).
3-    Bond, G. Pleistocene environments in Southern Afric.
4-    CLARK, J. DESMOND 1945 A KenyaF auresmithf actorya nd homes ite at Gondar, N. Abyssinia.T ransactions of the Royal Society of South Africa 31, Pt. 1.
-         1953 New light on early man in Africa. Antiquity 27:242-43. Gloucester. Ms. The prehistoricc ultureso f the Horn of Africa. CambridgeU niversityP ress. (In press.).
5-    DREYER,T. F. and A. J. D. MEIRING 1937 A preliminaryr eport on an expeditiont o collect old Hottentot skulls. Soologiese Navorsing van die Nasionale Museum, Bloemfontein 1:81-88.
1-    Bar-Yosef, O. 1985 The Stone Age of the Sinai Peninsula. In Studi de Paletnologia in Onore de Lavatore M. Puglisi, pp. 107–122.
2-    Gautier, A., and W. Van Neer 1989 Animal remains from the Late Paleolithic sequence at Wadi Kubbaniya. In The prehistory of Wadi Kubbaniya, assembled and edited by F. Wendorf, R. Schild, and A. E. Close, Vol. 2, pp. 119–161. Southern Methodist Univ. Press, Dallas.
3-    Hassan, F. A. 1985 Radiocarbon chronology of Neolithic and Predynastic sites in Upper Egypt and the Delta. African Archaeological Review 3:95– 116.
4-    Kingdon, J. 1982 East African mammals: An atlas of evolution in Africa, Volume 3, Part C, Bovids, and Part D, Bovids. Academic Press, London.
5-    Wendorf, F., and R. Schild 1976 Prehistory of the Nile Valley. Academic Press, New York. 1980 Prehistory of the eastern Sahara. Academic Press, New York.
6-     Wendorf, F., and R. Schild, assemblers, edited by A. E. Close 1984 Cattle keepers of the eastern Sahara: The Neolithic of Bir Kiseiba. Department of Anthropology, Southern Methodist Univ., Dallas.
11- Wendorf, F., R. Schild, A. E. Close, and associates 1993 Egypt during the last Interglacial. The Middle Paleolithic of Bir Tarfawi and Bir Sahara East. Plenum, New York

1 comment:

  1. على الطلاب الاطلاع على المادة بتركيز وتلخيص المواضيع باخذ نقاط مع المجموع سلفاً من المحاضرات - وبالله التوفيق

    ReplyDelete